عندما تكون النساء في المقدمة!

 في بلادٍ، لا ماء فيها ولا كهرباء، لا استشفاء ولا عمل، لا نظام ولا أمن، لا أمان ولا حياة، قد يعتقد حكامها، انهم اذا أضافوا إلى هذه الكوارث كارثة، لن يتغير شيء، ولن يتحرك الشعب الذي سكت عن كل ما ذكر اعلاه.

خطأ.

فقد اعتقد السياسيون في ما بقي من ما يسمى “بلد”، ان مشكلة النفايات، وتراكمها في الشوارع، والتي تحولت إلى قنابل مرَضية، تنتقل إلى داخل اجسادنا، لن تحرك من هذا السبات الذي يعيش فيه اللبنانيون\ات. تقودهم\ن ديونهم\ن وطوائفهم\ن وأحزابهم\ن يومياً من المنزل إلى العمل ثم من العمل إلى المنزل. وكأنهم مبرمجون\ات على سكك النظام، لا يحيدون عنها قيد أنملة.

بقيت النفايات في الشوارع لأقل من ثماني وأربعين ساعة، لتتصاعد الروائح، وتنطلق الثورة التي خرجت من رحم الرائحة – الوجع، فقال اللبنانيون\ات للطبقة السياسية، “#طلعت_ريحتكم”.

من كان يظن، ان حراك، عصر يوم سبت مشمس، سيحشد ما يزيد عن خمسين الف لبناني\ة، من مختلف الملل، اتوا\اتين ليقولوا\ن “لا” في وجه من قالوا “نعم” !

أعتقد، أن الكيل قد طفح، وأن السكوت أصبح من الماضي، وأن الحراك يتقدم بخطوات ثابتة، نحو الأمل، وان البطش الذي تستعين به السلطة، لا يزيد المتظاهرين\ات إلا عزما، والخانعين\ات إلا معرفةً وحماسةً، للنزول والمشاركة.

سنوات مضت، ولم يستطع اللبناني\ة تغيير النظام او أقله فتح ثغرة تقود نحو تغيير متسلسل. ثورات عربية مرّت من المغرب إلى المشرق، احتضنها لبنان، وهتف مع ثوارها، دون أن ينهض شعبه بثورته. يقول البعض، لا نريد ان نكون العراق، ولا كسوريا، ولا كليبيا، يكفينا خرابا. ولكن، من قال اننا اذا انتفضنا على رموز الفساد والسرقة، سنصبح كذلك ؟

حسنا، سأخرج من الاقاويل، والاعداد، وأضغط على زرّ التركيز، وأقترب أكثر من الحشود. ها هي أمي تشارك، صديقتي، زميلتي، رفيقتي، كل هؤلاء النساء يشاركن، لا خوف من تحرش، عنف أو إعتقالات. صوت اللبنانيات يصدح في كل مكان. في هذا الحراك،  هن قائدات فعليات، يحركن المجموعات الصغيرة التي تذوب في الجموع، يهتفن، يصرخن، يواجهن الرصاص المطاطي وخراطيم المياه والقنابل الغازية. يتصدين للضرب ويهربن من خفافيش الأمن الذي لم يفرق بين أحد. أكتافهن إلى جانب أكاتف رفاقهم، يهتفون معاً، يصرخون، يتقدمون، يحشدون، يتحدون في كتلة واحدة، تطالب بالحق.

هذه المشاركة النسائية، ليست الأولى في لبنان، فمنذ عقود، كان وجود النساء أساسياً في الحراكات المطلبية. إن الوعي المتجذر في الثقافة السائدة، ان الحق للجميع، والواجب على الجميع، هو ما يدفع النساء للمشاركة في الحراك، قيادة اغلبها، الحشد لاغلبها، ومناصرة أغلبها.

هؤلاء النساء اللواتي يقمعهن هذا النظام يومياً، يمنع عنهن قانون الحماية من العنف، يحرمهن من منح جنسيتهن لأسرهن، يقصيهن عن  مراكز صنع القرار، أصبحت الساحات مركز وجودهن. ومن لا تشارك بجسدها، تشارك بالحشد والمناصرة على منصات التواصل الإجتماعي، النساء الغائبات عن البلاد، تدعم من خارج البلاد الحراك، تكتب عنه المقالات، وتنشر الاخبار، وتتابع.

ان المشاكل العالقة في لبنان، وعلى كثرتها، تتقاسم همومها ومسؤولية حلها، مكونات المجتمع بمختلف اطيافها وهذا ما يدفع بالنساء والرجال للمشاركة في التحرك، لاهميته.يمكن ان تقولوا لي وهل ستسقطون النظام؟ سأقول هذه أولى الثغرات….

ناشطة نسوية

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد