العنصرية ضد المرأة

 

سينطبع يوم الخامس والعشرين من فبراير في ذهن مرشح الحزب الجمهوري وحاكم ولاية أوهايو جون كيسك، وسيتذكر زلة لسان كلفته الكثير عندما وقع في زخم حماسه أثناء حديثه لناخبيه .

 

لم تكن زلة اللسان تلك عن حدث سياسي، وإنما كانت عن المرأة، فقد قال لناخبيه سعيداً بحضورهم: «يوجد لدينا حشد كبير من الداعمين، وحتى النساء تركن مطابخهن ليأتين للتصويت لي».

 

بعد هذه الجملة قامت إحدى النساء وقاطعته قائلة: «على رغم أنني أتيت للتصويت لك، إلا أنني لم آتِ من المطبخ كما ذكرت».

حاول كيسك تدارك خطأ مغزى جملته بطريقة دبلوماسية والخروج بأقل الأضرار، إلا أن منظمات الدفاع عن حقوق المرأة في أميركا، أقامت الدنيا ولم تقعدها، وأصبحت جملة كيسك، خبراً عاجلاً، انتشر على معظم القنوات التلفزيونية الأميركية، وغطته كبرى وسائل الإعلام تحليلاً ونقداً، ما دفع كيسك إلى الاعتذار بشكل صريح عن جملته، وأوضح أنه لم يكن يقصد أبداً الإساءة للمرأة أو التقليل من شأنها من قريب أو من بعيد.

هذا الحدث أما دلالاته فهي عديدة أهمها أن العنصرية ضد المرأة أو اختزال دورها ومعاناتها المستمرة في الوصول إلى حقوقها كاملة، أمرٌ باقٍ ومتأصل في أكثر المجتمعات وبين العديد من الأطياف. وإن كانت تعتقد العديد من الدول المتقدمة أنها تجاوزته من خلال سنّ القوانين المدنية الحديثة التي تضمن القضاء على العنصرية وضمان معاملة عادلة للمرأة.

هذا على الأقل من الظاهر، أما في حقيقة الأمر فالمرأة مازالت تعاني حتى في أكثر المجتمعات تقدماً ومازالت تواجه تحديات متواصلة للقضاء على الصورة النمطية والنظرة الدونية لها. وهذا شيء تعلمه وتقرُّه كل امرأة وصلت إلى مراحل قيادية لديهم.

على سبيل المثال، في أكثر المجالات انفتاحاً على مشاركة المرأة وهو مجال العلم والطب، ما زال يعتلي المرأة سقف زجاجي وضعه المجتمع العلمي فوقها، وقلة هن تلك النساء اللاتي تمكن من تهشيم ذلك السقف.

العديد من العالمات والباحثات في المجال العلمي في أميركا اعترفن أنهن في بداية مشوارهن العلمي اضطررن لنشر أبحاثهن العلمية تحت أسمائهن العائلية الأخيرة، والحرف الأول من أسمائهن الأولى، حتى لا يستدل عليهن بأنهن نساء، لأن نسبة الرفض للبحث العلمي بعد التدقيق تزيد عندما تكون رئيسة الفريق العلمي امرأة.

لكن بعد أن تصل أبحاثهن إلى مستوى عالمي يبدأن بالإفصاح عن أسمائهن كاملة.

أيضاً في مجال الطب لديهم، تجد أن متطلبات وصول المرأة إلى كرسي رئاسة أحد الأقسام الطبية تعني جهداً مضاعفاً وسنوات طويلة من الخبرة قد تصل إلى ضعف سنوات الخبرة المطلوبة من الرجل، ناهيك عن التفاوت الكبير في الأجر الذي تتقاضاه المرأة للقيام بالعمل نفسه الذي يؤديه نظيرها.

المؤكد أن العنصرية ضد المرأة موجودة في معظم المجتمعات، وأشبهها بالمرض الفايروسي الكامن، الذي تتفاوت ظهور أعراضه بحسب قدرة القوانين الصارمة في علاج تلك الأعراض. وكلما قلَّت جرعة العلاج، كلما ظهرت الأعراض بصورة أشد وأقوى!

 المصدر: جريدة الحياة 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد