لن نسمح لقيودكم بقتل أحلامنا!

إيمان بودالي، صحفيّة ومدونة من تونس

العيش كإمرأة هي وظيفة شاقة بدوام كامل. الوسط العائلي بقصد أو بغير قصد يبدأ ومنذ نعومة أضافرنا بنحت أفكار ووضعنا في قوالب نمطية بالية إنطلاقاً من ألوان الغرفة والجدران وصولاً إلى تفاصيل عدّة أخرى. لكن ماذا إن لم نرد ذلك اللون الزهري؟ أو تلك الدمية؟ ماذا إن فضلنا اللون الأزرق و رغبنا في اللعب بالقطار؟
إذا كان لفتاة تعدّد علاقات مع الجنس الآخر، فهذا غير لائق (“غير لائق” هي أكثر الكلمات الملائمة للإستعمال هنا)، لكن العكس قد يكون عين الصّواب، فإن فعل الشّاب وواعد عدّة فتيات فما العيب في ذلك؟ فهو رجل في نهاية الأمر! إذا تفوقت فتاة في عملها فهي تلك الآلة البشريّة المغرورة التي لا يعلو على كبريائها وحبّها لذاتها شيء، ولكن من يجرؤ على نزع ملكة العظمة عن الرجل إذا تفوّق؟ إن لم ترد فتاة الإنجاب فهي تلك الجماد عديمة الإحساس، لكن إن قرّر الرجل فهذا من البداهة بمكان! إن لم ترد فتاة الزواج ففوبيا العنوسة بإنتظارها أمّا للشّاب فالمسألة شائعة لا تتطلب تأويلاً.
لقد كنت محظوظة كفاية بالنشأة في بيئة تسودها المحبة والتفهّم، والفضل في ذلك يعود لوالدي. عندما كان شاباً ذهب للعيش لبعض الوقت في باريس ثم برلين، حيث أعجب بالنمط الأوروبي في العيش وقد بذل قصارى جهده ليعلمنا كيف نكون واثقين\ات و كيف نتعقّب احلامنا دونما قيود. كنت أنظر لأبي دائماً كسند، كان دائماً يحمّسني للإرتقاء بنفسي ولأكون الأفضل (أو على الأقل بين الأفضل). لكن وللأسف، ليس لكل فتاة عربية نفس الأب. كثير من الرجال الشرقيين يفضّلون التعامل مع بناتهن كغريبات ويعملن على قمعهن بشتى الطرق، كما لو كنّ يعشن في حقبة زمنية أخرى.
الفتيات العربيات يعشن في ظلّ ضغط متعدّد الجوانب. إنطلاقاً من طريقة لباسها، إلى طريقة تفكيرها وتعبيرها وصولاً إلى أسلوب عيشها وخياراتها الشخصية. المرأة العربية تحاكم خلال كامل حياتها، من قبل الأسرة، من قبل المجتمع، من الرّجال، من محيطها بأكمله.
متى يا ترى سنتوقف عن وضع الأثقال على كواهلهن؟ متى سنتوقف عن كسرهن بدل تشجيعهن؟ متى يعتبر الرّجال النّساء مساويات لهم و شركاء لا غرباء وضيوف غير مرحب بهن؟ نحن لسنا ضيوفاً، لسنا ضيوفكم على الأقل! نعيش على نفس الكوكب، نتنفس نفس الهواء ونعمل جاهدات لنحصل على ما نريد، نعمل حتى أضعافكم لنثبت أننا جديرات بما حققنا. كفوا عن القول بأن المرأة ضعيفة، نحن لسنا ضعيفات لأن العيش كإمرأة هو فعلًا عمل بدوام كامل، عمل مضنٍ وشاق. ولكن، رغم ذلك وفي ظلّ الرجعية الدينية والقيم الإجتماعية البالية والأوضاع السياسية المتأزّمة، تسعى المرأة العربية إلى أن تكون ناجحة ومستقلة ومنفتحة على العالم “الجديد” دون نسيان جذورها. ثقوا بي، المهمة ليست سهلة ولكنني متأكّدة أن النساء العربيات ونساء العالم لن يتوقفن أبدًا عن الحلم وعن الإيمان بأنفسهنّ.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد