ماذا بعد إلغاء المادة 522 في قانون العقوبات اللبناني

 هل أسقطت بالفعل المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني أم أن مفاعيلها ظهرت في مواد أخرى ؟

طرح التساؤل هذا تزامن مع ردود فعل مجموعة من المنظمات النسوية في لبنان التي أكدت أن ما خرجت به لجنة الإدارة والعدل بعد إنهاء دراسة وتعديل المواد 503 إلى 522 من قانون العقوبات اللبناني،  ليس سوى تكريس لبنان دولة طوائف وقبائل لا دولة مواطنة وحقوق، خاصة في مايتعلق بما أعلن عنه رئيس اللجنة النائب روبير غانم بأن النواب أخذوا في الاعتبار العادات والتقاليد الخاصة بالعشائر والقبائل اللبنانية.

 منظمة “كفى ” وفي بيان لها  أكدت أن إلغاء المادة 522 التي تعفي مرتكب الجرائم المنصوص عليها في المواد 503 إلى 521 في حال تزوّج من ضحيّته ، لم يلغ مفاعيلها في المادّة 505 المتعلّقة بمجامعة قاصر والمادّة 518 المتعلّقة بإغواء امرأة (راشدة أو قاصر) بوعد الزواج  .

وبحسب “كفى” فإن التعديل الأخير للمادّة 505  المتعلقة بمجامعة القاصر كجرم يعاقب عليه القانون، تمثّل بوضع مرتكب هذا الجرم أمام خيارين: إمّا السجن أو الزواج بالضحية في حال كانت تبلغ بين الـ15 والـ18 عاماً من العمر، مع إضافة وجوب تدخّل مندوبة اجتماعية في الحالات التي سيتمّ فيها الزواج للتأكّد من أن القاصر على ما يرام.

متسائلة حول ما إذا كانت مجامعة القاصر تُعتبر جرماً في القانون، بأيّ منطق يُعطى المرتكب خيار الزواج من الضحيّة مقابل الإفلات من العقاب؟

“كفى” لفتت إلى الغموض الذي يكتنف المادة 505 إن كان في النصّ الأصلي أو في المعدل ، ولفتت إلى مشكلة المشرّعين الفعليّة مع العلاقة الجنسيّة خارج إطار الزواج، إذ من الواضح بحسب تعديلهم الأخير وإبقائهم على مفاعيل المادّة 522 في المادّة 505 أنّ الزواج من القاصر بعد مجامعته يوقف الملاحقة القانونيّة بحقّ المرتكب، ممّا يعني أن مجامعة القاصر ضمن إطار الزواج لا تعود جرماً .

وهنا يبرز الخطر الأكبر من الإبقاء على مفاعيل المادّة 522 في المادّة 505، وهو توجّه الدولة اللبنانيّة نحو الاعتراف بقانونيّة تزويج القاصرات الذي تشرّعه قوانين الطوائف الـ18 وتكريس هذا الأمر في قانون مدنيّ.

من جهته  أكد التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني ، أن إلغاء المادة 522 من قانون العقوبات،  لم يعفي نقل اللجنة مفاعيل المادة المذكورة  إلى المادة 505 من قانون العقوبات ، والتي جاء مضمونها مبهماً من حيث عدم توضيح قصد المشرّع بعبارة “مجامعة قاصر” خاصةً لناحية توضيح إذا ما كانت المجامعة بالرضى أو إغتصاب، عادت وأسقطت العقوبة عن المعتدي في حال عقد “زواج صحيح” بينه وبين المعتدى عليها.

التجمع لفت إلى خطورة ما يمكن أن  تكرّسه المادة 505 في حال تم الإبقاء عليها وفقاً للصيغة المقترحة من قبل لجنة الإدارة والعدل، لجهة قوننة تزويج القاصرات من خلال قانون مدني، وكأنه لا يكفي النساء والقاصرات تحديداً الظلم والتمييز الذي يطالهن بسبب قوانين الأحوال الشخصية الطائفية.

وطالب في هذا السياق التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني جميع النوّاب بالعمل على تنزيه جميع المواد في قانون العقوبات، من ال503 وحتى ال521، وبشكل خاص المادة 505 والمادة 518 المتعلّقة بالإستغلال الجنسي، من التمييز والعنف ضدّ النساء. 

 بدورها منظمة “أبعاد” اعتبرت من خلال  حوار لصحيفة لوريون لو جور مع  المحامية دانيال الحويك، ، أن الصيغة التي أقرت هي الأفضل، وأن الحملة التي أطلقتها الجمعية لإلغاء تلك المادة، حققت أهدافها رغم أن الجمعية كانت تتمنى أن لا يكون هنالك استثناءات. ولفتت الحويك التي أكدت أن الجمعية ستتابع نشاطاتها في هذا السياق، إلى حين اقرار القانون في المجلس النيابي، بالتزامن مع  توعية الفتيات والشباب حول حقوقهم/ن الجنسية، وتبعاتها، وكذلك تبعات اتخاذ قرار الزواج، مشددة أن على المنظمات المدنية أن تلعب دوراً مهما في اطار التوعية.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد