البنت إما رجلها وإما قبرها

لطالما شكّلت المرأة مادة ثرية للأمثال الشعبية في كل الدول العربية، إلا أنها في المغرب تكتسب أبعاداً أكثر اختلافاً، إذ رأت الثقافة الشعبية المغربية المرأة مخلوقاً ناقصاً لا يكتمل بذاته، بل يحتاج لزواج وإنجاب وضمان بقاء تلك العلاقات حتى لا ينظر لها نظرة دونية.

وفي إطار رد الاعتبار إلى المرأة المغربية التي ظلمتها تلك الأقوال الموروثة ، يؤكد فوزي بوخريص أن اهتمام الباحثين بتحليل هذه الصورة في الأمثال صبّ في هذا الاتجاه ، ويؤكد في دراسة بعنوان “صورة المرأة في الأمثال الشعبية، على ذكورية خطاب الأمثال المغربية ، وعلى تكريس دونية المرأة في المجتمع .

وليس أدل على ذلك من المثل القائل: “أنا وخالتي مانمشوشي في راجل”، وهو ينطوي على دونية واعتراف على لسان المرأة بعدم مساواتها بالرجل وتميزه عنها. ويلخص المثل القائل: “البنت تاكل ما تشبع وتخدم ما تقنع”، نظرة عامة لدور الفتاة في المغرب، فهي منذورة للخدمة والأعمال المنزلية، ورغم ذلك لا يقتنع أحد بقيمتها بل تتهم بالطمع والصفات السلبية.

وقيل كذلك “المرا اللي تطوف ما تغزل صوف” أي أن من تعتاد الخروج من المنزل لا فائدة منها. ونرى أمثالاً أكثر اضطهاداً للمرأة، منها “بنتك لا تعلمها حروف ولا تسكنها غروف”، الذي يستحث الآباء على حرمان بناتهن من التعليم والحياة المستقلة حتى داخل جدران المنزل، فلا يُمنحن غرفاً منفصلة حتى. “إلا طلقتيها لا توريها دار باها”، والمعنى أن الرجل إذا طلق المرأة يقطع عنها العون فلا يوصلها حتى لمنزل والدها، ويعكس هذا التصرف عدم احترام العشرة.

ويصل التطرف للقول: “البنت إما رجلها وإما قبرها”، أي ليس أمامها سوى الزواج، وإلا فالموت خيارها الوحيد. وبقاؤها في منزل والدها دون زواج عار، فيقال: “العاتق في الدار عار”. في المقابل مالت نسبة قليلة من الأمثال لتكريم المرأة، منها “اللي ما عندو بنات ما عرفو حد باش مات”، و”البنات عمارة الدار” و”ما يرتاح الراجل من همو حتى يلقى لمرا لي تلموا”. بالإضافة إلى “أنا نكنيه وهي تسميه”، الذي يدل على قيمة العشرة الطيبة في نجاح الزواج بالتعاون بين الزوجين.

تكريم الأم في الأمثال ليس دائماً خيراً للنساء وكالكثير من الأمثال العربية، توضع الأم في خانة مختلفة. ففي المغرب، تحث الأمثال على تكريمها حتى ينال الفرد الخير في الحياة والممات مثل: “بطن أمك جنينة ما تطرح غير الثمار لا توريها غيار”، “ايلا بغيتي الدنيا تعطيك قيمة تهلا فالميمة” ويكمن خطر تعظيم الأم في ربط قيمة المرأة بالإنجاب، فتُحرم من التكريم إن لم تُرزق طفلاً، يُقال: “لمرا بلا ولاد كحال الخيمة بلا وتاد”.

وحملت أمثالٌ أفكاراً متناقضة في شأن المرأة إذ وضعتها في خانة الشر والخير في آن واحد، أو حملتها حتى مسؤولية نجاح الرجل أو فشله، فيقال: “مرا تعليك ومرا تعريك”، و”الخير مرا والشر مرا”، و”الربح من لمرا والزلط من لمرا”، أو “مولاة الدار عمارة ولو كانت حمارة”.

المصدر: رصيف 22

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد