السياسة والإعلان: تسليع وإستغلال لحق الأطفال في الحماية من التزويج المبكر

 لطالما كانت إشكالية الإعلانات التي تبدو في ظاهرها هادفة لدعم قضية النساء موضوع جدل كبير في ظلّ غياب الحساسية الجندرية والأفكار الإبداعية في مقاربة هذه القضايا من إعلانات عيد الحب إلى عيد الأم وسرطان الثدي وغيرها.

وهذه المرة جاء الإعلان الترويجي لقانون حماية الأطفال من التزويج المبكر، الذي أطلقته القوات اللبنانية، لدعم اقتراح القانون الذي تقدّم به النائب إيلي كيروز إلى المجلس النيابي، ليسقط هدف الحملة في نفق التنميط والذكورية.

 وعلى الرغم من الدور الهام الذي لعبه كيروز في مناصرة قضايا النساء وتطوير التشريعات لحمايتهن، إلاً أن إعلان القوات الأخيرة، الذي حمل عبارة “ما تقطفها قبل وقتها”، حمل في طياته، عن قصد أو عن غير قصد، بعداً ذكوريّاً وتسليعياً يسيئ إلى الطفلة التي شبّهت بالوردة التي تنتظر قطفها، أي من يظفر بالزواج منها. وقد دفعت الضجّة التي أحدثها هذا الإعلان على وسائل التواصل الإجتماعي، وإعتراضات الناشطين\ات عليها، برئيس الهيئة التنفيذية في القوات سمير جعجع إلى سحبه من  على حسابه الشخصي على تويتر بعد أقل من 24 ساعة على نشره. ولكن، وعلى المقلب الآخر، ظهر إعلان مضادّ لا يقلّ إساءةً وتشويهاً لجوهر قضية حماية الأطفال، إذ يصوّر الطفلة جيهان فرنجية، شقيقة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، والتي قضت في مجرزة إهدن مرفقة بعبارة “جيهان فرنجية، ليش تقطفها قبل وقتها”، ويدعو إلى محاكمة المجرم كدلالة على تورّط جعجع في هذه الجريمة.

وهنا، نشهد مجدداً على مسلسل إقحام القضايا الإنسانية المحقّة في حلقة الصراعات السياسية الدائرة في البلد، مما يشكّل تحدّياً أكبر للمنظمات النسائية والمدنية لإيجاد سبل فرض قضية تزويج الأطفال وغيرها من المطالب كأولوية سامية بعيداً عن التسخيف والتراشق والإستغلال السياسي والإعلان.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد