فرح قصاب هي من قتلت نفسها!

تعدت قضية طبيب التجميل اللبناني نادر صعب ، ووفاة مريضته فرح قصّاب أثناء إجرائه عملية تجميل لها ،مسألة سرد الوقائع إلى تحليلها انطلاقا من ردود فعل المجتمع التي عكست ثقافة ذكورية ، حمّلت الضحية مسؤولية موتها .

 فصانع المعجزات وصاحب مفهوم الجمال نادر وصعب ، كان قد أثار جدلا واسع قبل الحادثة ، بعد حصوله براءة اختراع  على “لوح الشرح” ،الذي ظهر من خلاله كأستاذ جامعي يشرح لطلابه الخطوات الواجب اتباعها لتحقيق الأهداف و “لوح الشرح”، كان للأسف عبارة، عن سيدة اختارها لتكون وجهاً إعلامياً لحملته الجديدة، التي استهدفت وسائل التواصل الاجتماعي، عامدا من خلال فيديو قام برفعه ‘إلى تلمّس ثدييها وأردافها ليشرح لنا، نموذج الجمال الذي قرر أن نراه في الشارع.

بعد أسبوع على رفعة للفيديو المذكور ، توفيت السيدة الأردنية فرح القصاب، بعد إجراء صعب عمليات تجميل لها. كثر النقاش اللبناني حول قانونية وضع مستشفى صعب، أو مخالفته للقوانين بعيدا عن هذه التقاشات لطالما كانت عمليات التجميل ليست شأناً جديداً. تختلف الأراء حولها. هناك من يراها اعتداء على جسد النساء، ومحاولة لتلبية معايير وضعها الرجال وبالتالي  هي جزء من نتاج السلطة الذكورية .

وفي ردود الفعل المجتمعية على الحادثتين السابقتين ما يُجيب على هذه الأسئلة. هوجم صعب من قبل الكثيرين عندما عرض جسد السيدة، كوسيلة دعائية لعمله. اعتُبر الأمر تسليعاً للجسد.

وعندما توفيت القصاب، ردد الكثيرون: هي ذهبت بقدميها إليه. وكأنهم يقولون، إنها تتحمّل مسؤولية موتها. يكاد يتطابق هذا الخطاب، مع من يسأل المغتصبة: ماذا كنت ترتدين؟ أو يسأل المعنفة: ماذا فعلت لتُعنفي؟

لم ير هؤلاء، أن للقصاب الحق بالحصول على الخدمة الطبية التي طلبتها بالجودة المطلوبة. هنا، كان الخطاب الذكوري في أكثر أشكاله بشاعةً: الضحية مسؤولة عن موتها.

تفتح هاتين الحادثتين الباب واسعاً أمام النقاش المرتبط بثقافة التسليع. من يُقرّر إذا ما كانت عمليات التجميل حق للنساء أم تسليع لهن؟ من يُعطي لنفسه الحق في وضع معايير الجمال؟ من قال إن أجساد النساء يجب أن تكون خالية، مما يُعتقد أنه عيوب؟

بلغة الأرقام يقول رئيس الجمعية اللبنانية لجراحة التجميل والترميم، الدكتور إيلي عبد الحق إن هناك 95 طبيباً/طبيبة ينتمون للجمعية في لبنان، مع الإشارة إلى إمكانية وجود جراحي/ات تجميل لا ينتمون للجمعية بحسب أحد الأطباء/الطبيبات المنتمين/ات لها.

ويُشير إلى أن عدد العمليات الجراحية التي تجرى سنوياً في لبنان بلغ تقريباً 20 ألف عمليّة، و30 ألف إجراء تجملي غير جراحي. 2/3 الخاضعين/ات لهذه العمليات والإجراءات لبنانيين/ات، و1/3 غير لبناني/ة، فيما 6/7 منهم نساء و1/7 رجال، وتزيد نسبة العمليات سنوياً في لبنان بين 10 و 20%.

 رغم ارتفاع الأرقام إلا أن هذا القطاع وبالأرقام يثبت مدى إهمال تنظيمة رسميا ، وزير الصحة اللبناني السابق وائل أبو فاعور كان قد أقفل عشرات مراكز التجميل في لبنان، بسبب عدم حصولها على الترخيص الضروري.

وهو ما دفع حينها بالهيئة التأسيسية لنقابة خبراء وأصحاب مراكز التجميل وخبيرة التجميل جاين نصار للرد على أبو فاعور، وقد قالت نصار حينها إن هناك “3500 مركز تجميلي في لبنان تعمل فيها 15 ألف عاملة، ومن أصل الـ15 ألفاً، هناك فقط 19 عاملة لديها إذن مزاولة المهنة”.

رد كفيل على رسم ملامح قطاع التجميل في لبنان والذي يخضع لعمليات تجميل  تفشل في كل مرة على إخفاء “عيوبه” .

المصدر: رصيف 22

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد