قتلته لتمنع زواجه من ابنتها القاصر في الشويفات

رغم احتفاظها بالعنوان كـ”جريمة” إلا أن معطياتها خرجت عن إطار الجرائم التي نشهدها في لبنان، نتحدث عن إقدام سيّدة على طعنِ رجلٍ في صدره في منطقة الشويفات ـ التيرو، ليُقال على إثرها إنّها ارتكبَت فِعلتها في محاولةٍ لمنعِ القتيل من الزواج بابنتها القاصر .

 

فأن تَرتكب امرأة جريمةً لتدافع عن حقوق امرأة أخرى هي ابنتُها، وتصون حقَّها بالحياة والاستمتاع بطفولتها واقعٌ مدوٍّ في بلدٍ لازال يَحمي فيه رجالُ الدين بعباءاتهم وعماماتهم اغتصابَ آلافِ القاصرات وسلبَهنّ براءتهنَّ تحت غطاء «الشرع».

 هذا واقع سببه  صمّ الآذان عن أصوات الجمعيات النسائية التي لطالما طالبت بإصدار قانون مدني يحدّد عمر الزواج بـ18 عاماً ، بينما تَحكم قوانين الأحوال الشخصية الطائفية أرضَ الواقع وتتيح زواجَ أيّ قاصرة بموافقة ولي أمرها على جميع الأراضي اللبنانية.

 فكلّ الطوائف اللبنانية تخالف الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي يصادق عليها لبنان، وتَمنع الزواج تحت سنّ الـ18 سنة. فبالنسبة للطائفة الشيعية المعيار للزواج هو إثبات البلوغ الشرعي، ويُتوقّع بلوغ الأنثى في عمر الـ9 سنوات، أمّا الطائفة السنّية فتُحدّد سنَّ الزواج للأنثى بـ 17عاماً، ولكن تترك كلّ الاحتمالات الأخرى مفتوحة، إذ «بإمكان القاضي أن يأذنَ بزواج القاصرة التي أتمَّت الـ9 سنوات في حال بلوغها وبعد إذن وليّ الأمر». وعند الطوائف المسيحية المختلفة فيمكن الإذن للفتاة بالزواج في سن 14 أو 15 بموافقة الولي، وبإذن من راعي الأبرشية.

 لبنان لا يُزوّج القاصرين والقاصرات اللبنانيين فقط، بل كما تشكّل قبرص وجهةً للبنانيين الراغبين بالزواج المدني، باتت أرضُنا ملاذاً لسوريين وفلسطينيين رأوا بتزويج بناتهم القاصرات فكرةً سديدة تُريحهم من الإنفاق عليهنّ وتتيح لهم استغلالهنّ.

 فمخيّمات اللاجئين السوريين في لبنان تَضجّ بقصصِ زواج الصغيرات، وقد أظهرَت دراسة حديثة أعدَّها صندوق الأمم المتّحدة للسكّان والجامعة الأميركية في بيروت بالتعاون مع جمعية «سوا» للتنمية ونُفّذت في البقاع الغربي، أنّ ما يَقرب من 24 في المئة من الفتيات اللاجئات اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 15 و17 عاماً متزوّجات حاليّاً.

وفي هذه القضية تطرح التساؤلات التالية:كيف ستَحكم القوانين والعقلية الذكورية بهذه الجريمة ذات الطابع النسوي، وهي التي لطالما شجّعت الرجل على إنهاء حياة أيّ سيّدة من قريباته دفاعاً عن شرفه الوهمي، وتزويجِ أيٍّ من بناته بناءً لرغباته. ولمّا كان شعور الرجل بالعار يبرّر قتلَه امرأةً قريبة، فهل ما يُبرّر للنساء ارتكابَ جريمة بناءً على ما تَعتبره القوانين والأعراف الدولية اغتصاباً لهنّ؟

المصدر: الجمهورية

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد