النساء في مصر ممنوعات من وظائف قضائية والسبب الحيض والولادة!

في نهاية عام 2009 بدأت أزمة تعيين المرأة في القضاء الإداري في مصر، حيث أعلن مجلس الدولة – أحد اكبر المحاكم – عن تأجيل مناقشة تعيين الإناث لأجل غير مسمى، بحجة عدم صلاحيتهن للعمل القضائي في ظلّ الظروف الحالية لأبنية المحاكم والنصوص القانونية واللائحية القائمة.

ظلّ الأمر محل جدل إلى أن جاء دستور 2014 الذي نصّ على أحقية المرأة في التعيين بالهيئات القضائية، وهو ما دفع أمنية جاد المحامية وأحد أوائل كلية الحقوق ومعها مجموعة من خريجات كليات الحقوق للتقدّم للالتحاق بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، إلاّ أنهن فوجئن بأن المجلس رفض تسليمهن ملف شغل الوظيفة، بسبب أن قانون المجلس بالمخالفة للدستور لا يسمح بتعيين الفتيات في هذه المناصب.

تقول أمنية طاهر، مقيمة دعوى تمكين المرأة من التعيين في القضاء، أنّها وزميلاتها منذ عام 2013 طرقن كل الأبواب لتمكينهن من تطبيق القانون والدستور والإتفاقيات الدولية فيما يتعلق بحق المرأة في التعيين دون تمييز، طالما كانت مؤهّلة علميًا وتنطبق عليها كل الشروط والأحكام التي تمكّنها من العمل في القضاء، إلاّ أن أحدًا لم يستجب لهن حتى الآن.

المجلس رفض تسليمهن ملف شغل الوظيفة، بسبب أن قانون المجلس بالمخالفة للدستور لا يسمح بتعيين الفتيات في هذه المناصب

أشارت أمنية إلى أنها لجأت هي وباقي زميلاتها المستبعدات من التعيين إلى رفع تظلّم من خلال مكتب رئيس المجلس، وعندما لم يجدن استجابة لجأن إلى رفع دعوى أمام القضاء الإداري في 30 مارس 2014 ضدّ المجلس لامتناعه عن تعيينهن، إلاّ أن تقرير هيئة مفوضي الدولة نصّ على عدم أحقّية المرأة في التعيين بمجلس الدولة، وأن ذلك يرجع إلى سلطة تقديرية لأعضاء المجلس الخاص لمجلس الدولة.

لفتت أمنية إلى أن العديد من المنصات القضائية قد أعلنت مرارًا وتكرارًا رفض تعيين المرأة في القضاء لأسباب غير منطقية ولا وجود لها على أرض الواقع سوى أن هناك نظرة تقليدية للمرأة، حيث لا يوجد مانع واقعي من تعيين المرأة في مجلس الدولة، إذ  لا تتعارض طبيعة العمل بمجلس الدولة مع طبيعة المرأة، التي تعمل حاليًا قاضية بالقضاء العادي والنيابة الإدارية وقضايا الدولة، بل وعيّنت بالمحكمة الدستورية العليا أيضًا.

وردًّا على ، عدم تعيين النساء في مجلس الدولة، يقول نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، المستشار عادل محمود فرغلي،  “أن المرأة غير صالحة لهذه الوظيفة”، معلّلاً ذلك بأن هناك شروط واضحة وراسخة لإصدار الأحكام بمجلس الدولة، منها أن يتولى ثلاثة قضاة الاستماع للمرافعات، وأن يتداول القاضي ويحضر المداولة ويشترك في الحكم، وانه وفقا للوائح والقوانين والشريعة والعرف فإن المرأة نظرًا لطبيعتها لن تستطيع أن تحضر كل تلك الدرجات، لأنها حتمًا ستمرّ بظروف بيولوجية مثل الحمل والولادة والحيض وغيرها.

استكمل فرغلي حديثه بأن العمل بمجلس الدولة يتطلّب استمرارية تواجد المرأة كقاضية، وهناك صعوبة حقيقية في تغيّبها عن العمل خاصةً في المحاكمات والإجراءات الطويلة والمعقّدة التي يتطلّبها القضاء الإداري، إضافةً إلى أن القضاة يذهبون إلى المداولة ويغلقون الأبواب لاشتراط أن تكون المداولة سرية، وهو ما قد لا يتوافق مع طبيعة الزواج، فمن الوارد أن يرفض الزوج أن يغلق الباب على زوجته مع غرباء، حتى وإن كان الهدف هو العمل.

تقول منال عبد الله، عضوة في حملة “حقي اشتغل”، أنّ هناك أزمة حقيقية في مصر ترتبط بصورة أساسية بفكرة أن هناك تنميط في الوظائف، فتجد أن هناك وظائف للرجال وأخرى للسيدات، مدلّلة على ذلك بأن هناك مؤسسات بكاملها لا تعيّن النساء في أية وظائف، وهي مؤسسات يحسب اغلبها على  المتشددين من الإسلاميين، ولكن بالرغم من أنه اتجاه ذكوري في تلك المؤسسات لكنها تبدو طبيعية في ظل موجة الإسلام السياسي التي انتشرت في مصر خلال الفترة الماضية.

“إن المرأة نظرًا لطبيعتها لن تستطيع أن تحضر كل تلك الدرجات، لأنها حتمًا ستمرّ بظروف بيولوجية مثل الحمل والولادة والحيض وغيرها”

وتوضح عبد الله أن الكارثة الحقيقية تكمن في تبنّي قطاعات كبيرة من المهنيين وأبناء الطبقة الوسطى لتلك النظرية الرجعية، التي تحصر دور النساء في إمتاع الرجل والحمل والإنجاب، وأكبر دليل على سيادة تلك النظرية هو أنّ أكبر نقابتان في مصر وهما نقابة الصحفيين والمحاميين لا يوجد في مجالس إدارتها امرأة واحدة.

كذلك، لفتت منال إلى أن إدّعاء بعض القضاة بأن النساء تعاني من التغيّب عن العمل بسبب الحيض والولادة والحمل وغيرها من الأسباب الغير مقنعة غير حقيقي، ويثير تساؤلات عن ما هو الوضع إذا مرض القاضي الذكر أو واجهه أي أمر أدّى إلى منعه من التواجد في العمل. وتختم عبد الله “أليس من الأجدى أن توفّر وسائل حماية وأمان للنساء، وأن يتمّ تمكينهن في المناصب القضائية وغيرها لأن طاقة النساء على العمل هي طاقة ايجابية في حين أن استمرار النظرة التقليدية يؤدي إلى إهدارها”، مشدّدة على أنّ  هناك ضرورة لان يتمّ تغيير القوانين التي أكل عليها الدهر وشرب.

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد