لبنان الأسوأ عربيًا لناحية المساواة بين الجنسين والحماية من العنف

في الوقت الذي يتغنّى الكثيرون\ات بالمادة 7 من الدستور اللبناني لعام 1926، والتي تنصّ على أن كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية، أظهرت دراسة مؤخرًا أن الدستور اللبناني يعدّ من بين الأسوأ عربيًا إلى جانب الدستورين الأردني والسعودي إذ أنه لا يكفل المساواة بين الجنسين ولا يؤمّن أية حماية من العنف القائم على النوع الإجتماعي.  الدراسة التي حملت عنوان “عدالة النوع الاجتماعي والقانون: تقييم للقوانين المؤثرة على المساواة بين الجنسين في منطقة الدول العربية” أطلقتها كل من منظمة الإسكوا بالشراكة مع ثلاث من هيئات تابعة للأمم المتحدة أبرزها هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وقد شملت 18 بلداً عربياً، هي: لبنان ، فلسطين، العراق، اليمن، السعودية، جيبوتي، قطر، سورية، البحرين، سلطنة عمان، المغرب، الجزائر، الأردن، تونس، مصر، ليبيا، الصومال، والسودان.

وعند مراجعة التقرير الخاص بلبنان تبدو لافتة مكامن التمييز على أساس النوع الإجتماعي إذ تم الدلالة عليها من خلال اللون الأحمر، وقد توزّعت بين إلتزامات لبنان الدولية، الدستور والقوانين المحلية. ولفت التقرير إلى أن الإغتصاب الزوجي في لبنان غير مجرّم، يستثني تعريف الاغتصاب صراحةً الجماع بالإكراه في إطار الزواج في المادتين ٥٠٣ و٥٠٤ من قانون العقوبات لعام ١٩٤٣، ويعد الزنا جريمة بموجب المواد ٤٨٧ -٤٨٩ من القانون نفسه. كذلك، يحظّر الإجهاض في لبنان بموجب المواد ٥٣٩-٥٤٦ من قانون العقوبات بما في ذلك في حالات الاغتصاب، بينما يسمح القانون في تونس والسودان بالإجهاض للناجيات من الاغتصاب، وتسمح الجزائر بالإجهاض للناجيات في حال كان ضرورياً لصحة المرأة العقلية، وتشترط  مصر صدور فتوى تقتصر على حصوله في الأشهر الأولى من الحمل.  وتضمن قوانين 14 دولة الحماية من الاتجار بالبشر، بينما تؤمّن كل من السعودية والجزائر وليبيا ولبنان حماية جزئية، علمًا أن قانون العقوبات اللبناني يجرّم البغاء في المادة ٥٢٣ منه ويتم بيع الجنس في النوادي الليلية بتأشيرة “الفنان”.

واعتبر التقرير أن أحد مكامن غياب الحماية للنساء والفتيات في لبنان يتجلى في غياب قانون يحظّر تزويج الطفلات حيث يختلف الحد الأدنى لسن الزواج بين الطوائف الدينية، وعلى الرغم من أن معظم الطوائف الدينية تحدد الحد الأدنى بـ18 سنة للذكور، فإن جميع الطوائف تسمح للفتيات تحت سن ١٨ عاما بالزواج.

وأظهر التقرير أن القوانين التونسية هي الأكثر تحقيقاً للمساواة بين البلاد المستطلعة، حيث تميزت لجهة تحقيق المساواة في أمور الزواج والطلاق ومنع تعدد الزوجات. أما في لبنان، فلا تتمتع النساء بحقوق متساوية في الزواج والطلاق بموجب قوانين الأحوال الشخصية وتبقى الوصاية على الأطفال بيد الرجل ولا تملك النساء حقوق الوصاية، باستثناء الأزواج الأرثوذكس الأرمن. أما البلدان العربيان الوحيدان اللذان يؤمنان المساواة في قانون الجنسية  فهما الجزائر وجيبوتي، في حين يظهر لبنان الأسوأعربيًا لناحية قانون الجنسية، الذي لا يسمح للمرأة  بمنح جنسيتها لأبنائها أو لزوجها، حاله حال سورية وعمان والسعودية والأردن وليبيا والبحرين وقطر. ويندرج حق المرأة بمنح الجنسية ضمن مواد إتفاقية السيداو، القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، التي صادقت عليها ثلاث دول عربية  فقط دون تحفظ هي تونس وفلسطين وجيبوتي، أما بقية الدول بما فيها لبنان فقد وقّعتها مع التحفّظ على بعض المواد الواردة فيها.

أمّا فيما يتعلّق بالقيود القانونية على عمل النساء، أضاء التقرير على حظر عمل النساء في مهن معينة تعتبر شاقة أو خطرة وإستثناء عاملات المنازل من الحماية بموجب قانون العمل في لبنان. وفي الوقت الذي تمنح فيه النساء في لبنان إجازة أمومة مدفوعة الأجر بموجب قانون العمل، مدتها عشرة أسابيع، إلّا أنها تبقى أقلّ من معيار منظمة العمل الدولية الذي يبلغ ١٤ أسبوعًا. واقع لبنان ليس أسوء من غيره في هذا المجال إذ تضع كل الدول العربية الـ18 قيوداً قانونية على عمل النساء، باستثناء الجزائر التي أزالت معظم القيود المفروضة على توظيف النساء في الصناعات وأبقت على حظر توظيف النساء في العمل الليلي ما لم تمنح استثناءً خاصاً.

وفي النهاية، لا بدّ من الإشارة إلى بعض بشائر الأمل التي لحظها التقرير لناحية العمل من أجل المساواة والحماية من العنف في لبنان وأبرزها تمتّع النساء والفتيات بالحماية بموجب قانون حماية المرأة وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، رقم ٢٩٣ لعام ٢٠١٤، والذي لحقه مشروع قانون يقترح إدخال تعديلات عليه لضمان حماية شاملة للنساء، ولكن لم يتم بحثه بعد من قبل البرلمان.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد