العنف الاسري: ضرب واعتداء وجرائم قتل والمجرم يرى نفسه ناصحاً ومربياً

تعتبر ظاهرة العنف الاسري من الظواهر القديمة في المجتمعات الانسانية، لها اشكالها ومظاهرها ومنها العنف ضد المرأة والعنف ضد الاطفال والعنف ضد المسنين على سبيل المثال لا الحصر، ويعرف العنف بشكل عام انه استخدام القوة المادية او المعنوية بشكل عدواني لالحاق الضرر باي شخص اخر.

مليشاوي سابق

ارتبطت سلمى (اسم مستعار) بابراهيم بعلاقة زواج (اسم مستعار) عام 1997، وهو مسؤول سابق في احدى المليشيات خلال الحرب الاهلية واشتهر بمعاملته الفظة للناس وترهيبه لهم. كانت تظن ان كل ما له علاقة بالحرب الاهلية انتهى بانتهاء جولات العنف والقتال. ولكن سرعان ما اكتشفت ان تقديرها لم يكن في مكانه الصحيح. ممارسات ابراهيم المليشاوية انتقلت الى منزله الزوجي. اذ سرعان ما بدأت عصبيته الزائدة تظهر لاتفه الاسباب حتى انه حاول في احد المرات دفعها من السيارة وكاد ان يقتلها لمجرد انها عارضته في الرأي.

تقول سلمى: “كان يتعرض لي باسواء النعوت ولم يكن يتردد في ضربي حتى انه في احد المرات عمد الى اطفاء سيجارته في جسدى وانا حامل. حاولت عدة مرات ان اقناعه بتغير سلوكه وخاصة امام الاطفال ولكنه في كل مرة كان يزاداد عنفا وشراسة. لم يكن يطيق ان يعارضه احد في الرأي هذه كانت مشكلته وانا بدوري لم يكن ممكنا ان اتركه يعيش على هواه متناسيا ان له عائلة واطفال لهم عليه حقوق”. لجأت سلمى الى ذووي زوجها علهم يستطيعون وضع حد لشراسته لكنها فوجئت بانهم فضلوا عدم التدخل خوفا من ردة فعله.

لم يكن يتردد في ضربي حتى انه في احد المرات عمد الى اطفاء سيجارته في جسدى وانا حامل

بعد صبر طويل قررت سلمى ان الاستمرار في السكوت هو جريمة بحق نفسها وحق اطفالها وان يجب ان تواجه شراسة زوجها مهما كان الثمن. لجأت الى احد الجمعيات التي تهتم بقضايا النساء المعنفات والتي نصحتها بتقديم شكوى ضد زوجها معلنة استعدادها لدعمهما حتى النهاية.

تقول سلمى:” لم اتهاون ولم اتكاسل واقدمت على تقديم شكوى بحقه وتم توقيقه وهو الان ينتظر محاكمته. وتضيف لم يكن توقيف ابراهيم بالامر الهين على الحزب الذي ينتمي اليه. فارسلو من يحاول اقناعي بالتراجع عن الشكوى ولكن ذلك لم يكن ممكنا بعد كل هذا الخذلان والتعذيب والممارسات الشنيعة من قبل انسان كان المتفرض ان يبادلها الحب والاحترام والتقدير”.

حقوق مكرسة في الدستور والمواثيق الدولية.

يعرف المحامي الدكتور عبد السلام الصمد العنف الاسري بانه “استخدام القوة والاعتداء اللفظي او الجسدي او الجنسي من قبل احد افراد العائلة تجاه فرد اخر داخل الاسرة نفسها التي تتكون من الزوج او الزوجة والابناء، مما يترتب عليه ضرر واضطراب نفسي او اجتماعي او جسدي”. ويشير الى ان لبنان صدّق على عدد من المواثيق الحقوقية الدولية التي تعزز وتصون مساواة المرأة اثناء الزواج وبعده، بما فيها اتفاقية القضاء على جميع التمييز ضد المرأة (سيداو) واتفاقية حقوق الطفل، كما تعهد تنفيذ عدد اخر من المعايير المعترف بها دوليا في مجال المساواة بين الجنسين ومنها: منهاج عمل “بجيين” واهداف الالفية التنموية، علما ان معظم هذه الحقوق مكرسة اصلا في الدستور اللبناني. كما ان لبنان اقر بتاريخ 7/5 / 2104 قانون رقم 293 المتعلق بحماية النساء وسائر الاسرة من العنف الاسرة،وقد عرف القانون العنف الاسري بانه اي فعل او امتناع عن فعل او التهديد بهما يرتكب من احد اعضاء الاسرة ضد فرد او اكثر من افراد الاسرة، ويتناول احد الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ويترتب عنه قتل او ايذاء جسدي او نفسي او جنسي او اقتصادي.

لبنان صدّق على عدد من المواثيق الحقوقية الدولية التي تعزز وتصون مساواة المرأة اثناء الزواج وبعده

كيف تتعاطى الضابطة العدلية مع الشكاوى المحالة اليها في موضوع العنف الاسري؟وهل يتم التعامل مع المشكو منهم كمجرمين ام كمرضى نفسييين؟ يجيب العميد المتقاعد انور يحيى القائد السابق للشرطة القضائية فيقول: “أن موضوع العنف الأسري الذي تتابعه المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان، والهيئات الاجتماعية والإنسانية في لبنان منذ أكثر من عشرين سنة، أثمر تشريعات وأنظمة وتعليمات فرضتها النيابة العامة التمييزية عبر تعاميم مرسلة الى مديرية قوى الأمن الداخلي ومنها حصر أستجواب ضحايا العنف الأسري بقطعات الشرطة القضائية وحدها ،كونها تضم  قطعات متخصصة بجرائم الإتجار بالبشر وإستعباد الأخر وقد أنشأت الأمم المتحدة عبر مكتب UNODC ،United Nation Office of Drug and Crime  جناحا في مبنى قصر عدل بيروت وجهز بأفضل المعدات والتجهيزات لاستجواب القاصرات وضحايا العنف الجنسي والأسري. ويضيف: “أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي مدونة قواعد سلوك عناصر قوى الأمن الداخلي بشتى الظروف في العام 2011 بالتنسيق مع مكتب المفوض السامي لحقوق الأنسانUNHCR  ، لكنها لم تشرح هذا الدور حتى صدورالمذكرة العامة رقم 439/204 تاريخ  25/9/ 2017 التي حددت  دور قوى الأمن الداخلي كضابطة عدلية تعمل بأشراف النيابة العامة بالتعاطي مع ملفات المرأة والضحايا من الأطفال.كانت هذه المذكرة العامة نتيجة تعاون كل من: منظمة أبعاد، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين:UNHCR   ،ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة:UNICEF . ويرى أن ضحايا العنف الأسري يجب إسعافهم نفسيا وطبيا وإجتماعيا، من قبل هيئات أجتماعية خارج الضابطة العدلية، إذ ان مرتكب جرم العنف الاسري ،غالبا ما يكونون أحد أفراد العائلة:والد، شقيق، والدة، أي من الذين تربطهم بالضحية علاقة قرابة، هؤلاء في معظمهم يعتقدون نفسهم ليسوا قتلة أم مجرمين، وان عملهم اتى لتقويم تصرف خاطىء بنظرهم من قبل الضحية التي تعرضت للعنف الأسري..

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد