تهديد الشهود والضحايا في قضايا التحرش الجنسي في مصر: هل يحل القانون الموحد الأزمة؟

“بدون مقدمات أبلغني ضابط  بأحد الأقسام بوسط القاهرة أنني سأبات ليلتي بالقسم، وهناك احتمال أن أتحول لمتهّم وليس شاهد على واقعة تحرش حدثت لفتاة أمامي وصديقي بالشارع، في البداية تصورت أن الضابط يحاول أن يتأكد من صحة ما رويته له من قيام شاب في الثلاثينيات من عمره بالتحرش والتعدي بالضرب على فتاة عشرينية لكن الاجراءات وتكرار الامر من قبل أمناء الشرطة بالقسم صدمني صدمة كبيرة”.

بهذه الكلمات بدأ احمد عبدالله حديثه عن ما تعرض له من تهديدات لمجرد دعمه لفتاة تعرضت للتحرش في الشارع .

يقول أحمد أن القصة بدأت عندما رأينا أنا وصديقي شاب يتعرض لفتاة بالشارع ويلاحقها وعندما وقفت الفتاة واعترضت أنكر الشاب أنه تحرش بها، بل وحاول التعدي عليها بالضرب ووجه لها السباب، وهو ما دفعني انا وزميلي لمحاولة منعه، وأصرت الفتاة على التوجه للقسم لتحرير محضر، وبعد محاولات جميع من كانوا في الشارع وقتها بإثناءها عن ذلك بحجة أنه إعتذر واخذ منها ومن المارة ما يكفي من العقاب، لكن الفتاة أصرت وطلبت شهادتنا فلم يكن امامنا سوى الذهاب معها.

استقبل الضباط بالقسم شكوى ورواية الفتاة بترحاب في البداية وقاموا بتوجيه اللوم للشاب الذي اصر على الانكار بل وقام بتحرير محضر تعدي من قبل الفتاة، وادعى انها حاولت سرقته وعندما حاول الامساك بها صرخت وادعت كذباً انه يتحرش بها، وهو الامر الذي اعترضنا عليه واخبرنا الضابط انه تحرش بها وتعدى عليها بالضرب واننا جئنا للادلاء بشهادتنا في الامر . فاخبرنا الضابط اننا جميعا بما فينا الفتاة سنبيت ليلتنا في القسم وسنعرض جميعاً على النيابة فما كان من الفتاة الا الصراخ والانهيار.

اشار احمد الى انه وصديقة لم يكن لديهم مشكلة في البقاء في السجن لحين الذهاب للنيابة ولكن الفتاة خشيت من ذلك، خاصة وان امناء الشرطة اخبروها ان الحجز به مسجلات خطر ومتهمات في قضايا آداب، فاصيبت الفتاة بالرعب وقررت عدم استكمال الاجراءات وتصالحت مجبرة مع من تحرش بها تحت ضغط العاملين بقسم الشرطة.

انهى احمد حديثه بالتاكيد على ان الازمة في قضايا التحرش ليس في سن قوانين بقدر ما ترتبط بصورة أساسية بوجود ضمانات للشهود والضحايا في تلك النوعية من القضايا، متسائلا كيف يمكن لفتاة تعرضت للتحرش في الشارع ان يتم المساواة بينها وبين الجاني؟

لم تختلف قصة جهاد الراوي – التي حصلت على حكم عامين بالسجن و20 الف جنيه تعويض على احد المتحرشين في شهر اغسطس 2018- وتقول عبر صفحتها على الفيس  «كنت خارجة من القسم، ثم النيابة وليس لدي القدرة أن أقول لأي بنت روحي حرري محضر تحرش. كان لدي تجربتين سابقتين انتهتا نهاية سيئة لعدم وجود شهود. تستكمل الراوي بوستها ” كنت خارجة من النيابة سعيدة إنني خرجت للشارع، بعد أن شعرت أنني تعرضت للعنف بشكل مضاعف سواءً في الشارع أو في القسم والنيابة. كنت أشعر أنه رغم القانون ووجود الكثير من الاجتهادات لمواجهة العنف ضد المرأة، لكننا ما زلنا واقفين في نفس المكان». وتتابع الراوي: «سعيدة بالحكم، وأشعر برد الاعتبار عن كل المرات التي شعرت فيها أني مستباحة في الشارع، وبأن القانون لا يطبق بموضوعية”.

اعتبرت النائبة البرلمانية نادية هنري التي تتبني مشروع قانون موحد لمواجهة العنف ضد المرأة ان القوانين القديمة التي اعتمدت عليها الدولة المصرية في مواجهة العنف ضد المرأة هي جميعها قوانين ابوية، وضعت المرأة في مرتبة متدنية عن الرجل.

اشارت هنري الى انه نتيجة لتلك النوعية من الشكاوي والتي هي في الاساس لا تعبر الا عن الاشخاص الذين قاموا بها كان هناك ضرورة لان يتضمن المشروع الجديد لقانون العنف ضد المراة باب كامل عن التقاضي ، وهو الباب الثاني في القانون الذي جاء مباشرة بعد التعريف للعنف واشكال التحرش ضد النساء ، واشتمل الباب الثان من القانون تسهيل إجراءات التقاضى، وسرعة تحريك الدعاوى القضائية بداية من توفير وحدات شرطة متخصصة من عناصر نسائية مدربات على قضايا العنف ضد المرأة، وتخصيص خط ساخن منفرد مسؤول عن تلقى الشكاوى المعلقة بجرائم العنف ضد المرأة، وأيضاً تخصيص دائرة بالمحكمة الابتدائية لنظر القضايا المتعلقة بهذه الجرائم وسرعة تقاضيها حتى لا تتعرض ضحايا العنف والتحرش لمزيد من العنف اثناء قيامها بالشكوى.

بينما تسعي منظمات المجتمع المدني وبعض اعضاء البرلمان المصري لوضع قانون يحمي الشهود والضحايا في قضايا العنف ضد المرأة ترى الفتيات أن القانون بمفرده لا يكفي،  حيث تؤكد الناشطة النسوية نيرفانا محمود ان الازمة في مصر ليست ازمة قوانين بقدر ما ترتبط بسيادة ثقافة ذكورية تحتاج الى مزيد من الجهد للقضاء عليها سواء من خلال تدريب وتأهيل وتطوير من يقومون على تلقي شكاوى ضحايا العنف الجنسي والتحرش او من خلال فرض رقابة صارمة على تطبيق القانون وفرضه بقوة دولة المؤسسات .

طالبت بيرفانا بضرورة وضع عقوبات لكل من يخالف القانون في تهديد الشهود او المتحرش بها فيما يتعلق بقضايا التحرش الجنسي.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد