هل يتمّ تجريم الإغتصاب الزوجي في لبنان؟

نظم جهاز تفعيل دور المرأة في المجتمع في حزب “القوات اللبنانية” مؤتمراً صحفياً، في معراب، أعلن فيه تقديم اقتراح قانون “تجريم الاغتصاب الزوجي” من قبل النائبين ستريدا جعجع وجورج عقيص.

وألقى النائب جورج عقيص كلمة شدد فيها على أن “اقتراحنا اليوم يهدف الى تجريم الاغتصاب كفعل اعتداء على الحقّ بسلامة الروح والجسد، أيّاً تكن الضحية. ونحن اذ نقترح هذا التعديل على المواد 504 و505 من قانون العقوبات لا نخشى على الاطلاق اساءة الزوجة اللبنانية لحقّها في منع الاعتداء عليها حتى من زوجها، لأن المرأة اللبنانية وقبل ان تنال ابسط حقوقها هي منبع الشرف والكرامة وحبّ الأسرة”. ولفت إلى أن “اقتراحنا يهدف أيضاً الى الغاء فقرة من المادة 515 من نفس القانون رأينا فيها تستيراً في غير محلّه على مرتكبي جرم الاغتصاب الذين تتوقف التعقبات بحقّهم اذا تزوّجوا من الفتاة القاصرة بين سنّ الخامسة عشرة والثامنة عشرة. هل نكافئ المغتصب على فعله، هل نشجّع اهالي المغتصبات خاصة في المناطق المحافظة جداً على ستر عارهم من خلال اجبار بناتهم الضحايا بالزواج من جلاديهم؟ اي نوعٍ من الزيجات والأسر نبني اذذاك؟ اسر مبنيّة وقائمة على جرمٍ شائن؟ باختصار، هذا ما اقترحناه النائب ستريدا جعجع وأنا، ونحن ندرك ان مشوار حقوق المرأة لا يتوقف هنا، وحلقة تحرير المرأة من القوانين التمييزية الجائرة لا تتوقف عند هذا الحدّ، ونحن في تكتل الجمهورية القوية منخرطون تماماً وبالكامل في موضوع سنّ قانون يحدّد سنّ الزواج ويمنع زواج القاصرات”.

وألقت رئيسة جهاز تفعيل دور المرأة في الحزب المحامية مايا زغريني كلمة، قالت فيها: “الإنسان ولد حراً ويعيش حراً وأحياناً يموت من أجل حريته، والمرأة اللبنانية نريدها حرة في مختلف جوانب حياتها ونريدها أن تعيش حرة لا أن ترهن حريتها الى اي كان حتى لو كان زوجها، فهو شريكها في الحياة بأفراحها وألآمها ولذلك حري به أن يشاركها شعورها وأحاسيسها وأن يتفهم خيارها في بعض الأحيان، لأن الشراكة لا تعني العبودية ولأن الحب يناقض كل أنواع الغصب والاغتصاب”. وأردفت: “ها نحن اليوم نتقدم بكل ثقة نحو تعديل قانون العقوبات في بعض مواده بهدف تجريم الاغتصاب الزوجي على أنواعه. فماذا يعني ان نسمي المرأة المتزوجة سيدة ان لم تكن سيدة نفسها وقرارها؟ وماذا يعني أن نسمي الزوجة شريكة حياة ان لم تكن تتمتع بالمساواة مع شريكها وزوجها؟ فثمة حالات كثيرة للاغتصاب الزوجي تتراوح بين العنف المباشر وبين الابتزاز والتهويل والضغط النفسي وكلها أساليب قد تؤدي الى حالات اغتصاب ليس للجسد فحسب بل للروح وللإرادة”. كما أكدت زغريني ان “تأثير الاغتصاب الزوجي على المرأة لا يقل عن تأثير جريمة الاغتصاب في العموم، بل كون المعتدي شخصاً يُفترض أن يكون محل أمان وثقة، قد يكون له تأثيراً نفسياً أقوى على الضحية. يؤثر الاغتصاب الزوجي على مشاعر المرأة تجاه نفسها وشريكها، فتبدأ بالخوف والنفور منه، وتفقد ثقتها فيه وشعورها بالأمان معه. من ناحية أخرى تشعر الزوجة المغتصبة بالإهانة والانكسار، وتكره جسدها وتشمئز منه، وقد تعاني من اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب، والانعزال وقد يصل الأمر الى محاولة الانتحار. قد تعاني الزوجة أيضاً إصابات ناجمة عن الاغتصاب تستدعي التدخل الطبي، مثل النزيف، والجروح، والإجهاض. عندما يطرح موضوع الاغتصاب الزوجي نسأل كيف يمكن إثبات هذه الجريمة التي تُرتَكب في أماكن مغلقة ولحظات خاصة؟ كغيرها من الجرائم، فالمقياس الظرفي هو مقياس الاثبات، وصعوبة إثبات الجريمة لا يعني التغاضي عنها أو عدم تجريمها”.

كما تخلل المؤتمر كلمة للتجمع النسائي الديموقراطي اللبناني ألقتها د. كارولين سكر صليبي، نائبة رئيسة التجمع، وقالت فيها: “في لبنان يميّز قانون العقوبات بين اغتصاب الزوج واغتصاب غير الزوج، فالأول هو مشرّع فيما الثاني هو جريمة يعاقب عليها القانون. كذلك لم يعرّف هذا القانون العنف الجنسي ولم يعدد جرائم العنف الجنسي. حيث تنص المادة 503 من أكره غير زوجه بالعنف والتهديد على الجماع عوقب. وهذا يعني أن القانون يسمح بالإكراه والتهديد في العلاقة الجنسية الزوجية ويقر ويعاقب فقط الإكراه والتهديد بالعلاقة الجنسية خارج إطار الزواج. فمن قال بأن الاغتصاب الزوجي ليس اغتصاباً؟ ومن قال لا يسبب بمشاعر سلبية أليمة مثل الحزن والخوف والاكتئاب والقلق والإحساس بالإهانة والانكسار وكراهية الجسد. ومن قال إنه ليس خرقاً لحرمة جسد المرأة وانتهاكاً لكرامتها الإنسانية، وطعناً واستهتاراً بإرادتها، إن كان حاصلاً مع الزوجة أو غير الزوجة”. وأكّدت صليبي أنه: “آن الآوان أن نسمي الأشياء بإسمائها وأن لا نلجأ إلى تجزئة الحقوق وأن نعمل من أجل إرساء دولة الحق والقانون والعدالة، وأنْ لا يستعمل هذا الحق في بعض الأحيان -سلاحاً لانتهاك حرية المرأة وتعريض أمنها الشخصي وسلامتها الجسدية والنفسية للخطر، عبر قوانين تتساهل بمسائل العنف القائم على التمييز والعنف الجنسي، ومن خلال التذرّع الدائم بالأعراف والتقاليد، والتنصّل من أهم المسؤوليات والاستحقاقات المتعلقة بكرامة المرأة  وأمنها النفسي والجسدي. حان الوقت أن تتعهَّد وتلتزم الدولة – طوعًا – باحترام حقوق المرأة وحمايتها وإعمالها دون تلكؤ؛ لأنَّ من أهم الالتزامات القانونية التي تنشأ عن انتهاكات حقوق المرأة الالتزام بكفالة مساءلة تلك الانتهاكات، وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة بالقول: “إنَّ احترام سيادة القانون تلزم أنْ يكون جميع الأشخاص والمؤسَّسات والكيانات والقطاعان العام والخاص، بما في ذلك الدولة ذاتها، مسؤولين أمام القوانين الصادرة علنًا والتي تُطبَّق على الجميع بالتساوي، ويحتكم في إطارها إلى قضاء مستقل، وتتَّفق مع القواعد والمعايير الدولية مع حقوق الإنسان”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد