عن مواقف تتعرضين لها لمجرد أنك أنثى!

هل حدث وكنتِ برفقة أحدهم، أخ، صديق، حبيب؟ ودخلت أحد المتاجر ووجه أحد الموظفين الحديث إليه بدلاً منكِ؟ ألم يحدث أن تفوه بعضهم أو لمّحوا وأنت برفقة أحدهم بأن “الرجال قوامون على النساء”؟

من منا نحن الفتيات لم يتعرض لموقف مماثل؟ في المتاجر الكبرى (المولات) وداخل المحال التجارية الصغيرة في الأسواق الشعبية، وفي السوبرماركت والمقهى والمطعم، وفي كل مكان على هذا الكوكب، أكان مكاناً أنيقاً أم عادياً.

فمثلاً، حدث أنني كنت قبل أشهر برفقة صديق للعائلة، في أحد المتاجر الكبرى في بيروت، حيث اخترت مجموعة من الأحذية الرياضية التي كان عليها عرضاً مميزاً آنذاك (إشتري واحدة واحصل على الثانية مجاناً) ومثلما فعل جميع الزبائن تقدمت نحو الصندوق “الكاشيير” لأدفع قيمة مشترياتي، وإذ بالموظف بعد أن ألقى نظرة على ما اخترت يقول لصديقي، الذي كان يقف على مقربة مني، وهو ينتظر أن أدفع ثمن مشترياتي كي نكمل “الشوبينغ” في المحال الأخرى، “من الجيد أنك استفدت من العرض الذي نقدمه للزبائن”. لم أفهم يومها لماذا توجه إليه بدلاً مني، وأنا التي انتقيت أشيائي وأيضاً أنا التي تحمل نقودها لتدفع! وهو لمجرد أنه كان برفقتي حاز على اهتمام الموظف، لأنه الذكر وأنا الأنثى!

وددت يومها لو أرمي الأشياء بوجهه وأمضي، أو ربما أطلب منه التوجه بالحديث إلي فأنا التي أشتري الأشياء وليس صديقي، ولكنني وجدت في ارتباك صديقي حيال الموقف سبباً لأن أرضخ لما حصل وأمضي، فلم أرد إحراجه أكثر. خرجنا من المتجر، وصديقي يحاول تبرير تصرف الموظف بأنه احترم وجوده برفقتي وتوجه بحديثه إليه وليس لي لأنني أنثى! وهذا ما اعتبرت حينها أنه “عذراً أقبح من ذنب”!

من هنا أيقنت، بأن هذه الذهنية لدى غالبية الرجال في مجتمعنا، وكأن الرجل هو محور الكون. ماذا عنكِ أنتِ الأنثى، نفسك، فكرك وشخصيتك. وماذا عن قراراتك، وخياراتك واستقلاليتك. وماذا عن عملك الدؤوب والمتواصل كي تصبحين أنتِ، كما تودين أن تكوني. لقد نسفوا جميع ذلك، وأصبحتي أنتِ هكذا تدورين في فلك الرجل ليس أكثر.

حدث ذلك مراراً، وفي أماكن كثيرة ومتفرقة، قبل هذا الموقف وبعده. فذات مرة كنت برفقة صديق لي أثناء زيارتي خان الصابون في سوق طرابلس القديم، وقتذاك، بدأ الشاب الوسيم في الخان، يشرح أنواع المستحضرات التي لديه، وكم هي مفيدة ومهمة للبشرة، لاسيما بشرتي التي تعاني من جفاف في فصل الشتاء، وهو يحاول إقناعي بشراء الزيوت المرطبة، توجه الى صديقي بالقول: “حتماً أنت تراها أجل فتاة في الكون ولكن بشرتها ليست على مايرام”، تفاجأت من قوله هذا، فهل لمجرد أنني برفقة شاب وهو صديق لي ليس أكثر، يعني ذلك أننا حبيبان مثلاً، أوضحت له بأن الشاب لديه حبيبته ومن الخطأ أن أكون الأجمل في نظره، وأنا بدوري كذلك، تلعثم قائلاً أنه هو يرى صديقاته الأجمل أيضاً!

ذات مرة قصدت أنا وصديق لي أحد متاجر الحلويات في “ضبيه”، طلبت بوظتي المفضلة على مذاق الأفوكادو والشوكولا الأسود وهو أيضاً اختار ما يحب، سألت الموظف خلف الصندوق عن قيمة مشترياتنا، وناولته النقود، لكنه فضل اخذ النقود من صديقي الذي بادر بدوره لدفع الفاتورة، ولم يكترث الموظف لي أبداً.

حصل مرة أنني كنت برفقة صديق لي، وقدّرت صاحب المتجر كثيراً حين احترم قراري بدفع قيمة مشترياتنا، سررت كثيراً لتصرفه، شكرته على فعله هذا، وخرجت من متجره وأنا أعده بأنني سأعاود زيارته لأنه راق لي تصرفه.

ومن كثرة المواقف التي مرت عليّ، إنني أكاد أجزم، أن كل الفتيات ولمجرد أنهن إناث قد مررنا بموقف مماثل، أدركنه أم ترفعن عنه، إمتعضن لحدوثه أم أحببنه، إنتفضن دفاعاً عن حقهن أم خضعن له. لكن جميعهن تلقفنه كل بحسب مجتمعها الضيق الذي عاشت فيه واعتادت على أفكاره وسلوكه تجاهها. لأنهن إناث فقط!

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد