حلم أميرة …راديو سوريات … حكاية نسوية

بين أختين نشأت أميرة مالك، لا ذَكر لديهم في المنزل سوى الأب الذي عاش بعيداً عنهم لفترات طويلة، من بين يدي “أم أميرة” بدأت حكاية الإبنة البكر، خريجة العلوم السياسية، الصبية النسوية، المهتمّة بحقوق النساء وممثلتهم في المحافل الدولية، رحلةُ تحدٍ لابنةِ “مدينة النبك” السورية، بدأتها عندما نطقت أمها يوماً باللهجة النبكية” إنتِ بتسوي عشرة رجال”.

نقطة حاسمة:

لم تكن أميرة تفكر يوماً بموضوع التمييز بين الرجال والنساء لأنها عاشت في بيئة أسرية منفتحة على حد تعبيرها، فهي ابنة المدينة المحافظة التي استقلت عن أهلها وعمرها 18 عاماً، لتدرس العلوم السياسية في جامعة دمشق، وتبدأ نشاطاتها المجتمعية، إلى أن ترشحت إلى انتخابات المجالس البلدية في مدينتها، عندما كان عمرها 26 عاماً،هنا كانت النقطة الحاسمة بحياتها التي جعلتها تفكر بالتمييز.

وصلت خيمة الانتخابات لترى4 نساء يواجهن 64 رجلاً مرشحاً، تتذكر أميرة تفاصيل الموقف، تقول: ” كانت النساء تجلسن في الصفوف الخلفية، رفضت الجلوس معهن وجلست بين الرجال في الصفوف الأولى، هنا كانت بدأت شرارة التحدي، أصرت حينها أن تترشح كمستقلة خارج قائمة حزب البعث ، وحصلت على 5700 صوت ، لتصبح أول نائبة رئيس بلدية في سوريا بعمر 26عاما.

ترافق استلامها للمنصب مع بداية الحراك في سوريا فكان التحدي أكبر، لاقت أميرة نوعين من التمييز في البلدية، صغر سنها أولاً وكونها سيدة ثانياً ، استعملت حنكتها رغم صغر سنها، صرخت أحياناً ليسمعوها، دخلت على مجالس الرجال لتكون حاضرة كلما اجتمعوا ، سلموا بالأمر الواقع وبطموح الصبية العشرينية ، التي بدأت بدورها بإدخال وسائل التكنولوجية لبلدية منطقتها، ” فايسبوك، أرشفة الملفات الورقية إلكترونياً” وهو ما يغيب عن بعض البلديات خارج المدن الكبرى، وعند اشتداد المعارك في مدينتها بقيت أميرة صامدة في بلديتها تمارس عملها اليومي.

بداية مشوار الراديو

بدأت أميرة الانخراط بالحركة النسوية منذ أن دخلت إلى ملتقى سوريات يصنعن السلام، استمرت فيه مدة ثلاث سنوات، تابعت حركتها النسوية بعد الانفصال عن الملتقى، وخرجت ” براديو سوريات” الذي كان أحد أفكار الملتقى التي قدمتها أميرة.

بدأ الراديو المنظمة غير الربحية السورية ببث على الانترنت، برامج دورية، وحلقات أسبوعية، وإعلام حساس للنوع الاجتماعي، لكن لم يكن البث يصل لكل السيدات بسبب ضعف الانترنت في سوريا، واشتداد وتيرة الحرب لذلك فكرنا كفريق بالعمل على الأرض، وكان أول المشاريع في عام 2015، هو ” ضمة وردية” ويخص التوعية بسرطان الثدي، امتد شهرين على مدار شهرين كاملين، بعدها أوقف بث الراديو، واستمرت النشاطات على الأرض.

عَلّي.. لأنو الصوت بِيوَدّي:

الراديو الذي أطلق شعار ” عَلّي لأنو الصوت بِيوَدّي” في دعوة للسيدات لرفع الأصوات والمطالبة بالحقوق، تقول المؤسسة أميرة مالك:إن الراديو يركز على ثلاثة برامج استراتيجية تهدف إلى بناء التماسك المجتمعي ودعم التعددية إضافة لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة، وتبني إعلام حساس للنوع الاجتماعي.

وعن مشاريع منظمة راديو سوريات تتحدث “أميرة” بشغف: أنجز الراديو 12 مشروعاً بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية والمحلية خلال عامين، منهم 7 مشاريع مخصصة للنساء، ضمة وردية لرفع الوعي بمرض سرطان الثدي، حملة 16 يوم لإنهاء العنف ضد المرأة حيث نظم الراديو معرض ” المرأة لون ومعنى”، شبكة نساء لمنح النساء العربيات صوت مسموع ليساهمن في حوار إيجابي، حملة ” نحن هنا” ، حملة ” ضد النمطية” التي هدفت لتغيير الصورة النمطية للمرأة السورية، تدريب الصحة الإنجابية من منظور العنف القائم على النوع الاجتماعي، و”السوريات” يتناظرن الذي خصص لتدريب 32 امرأة قيادية على فن المناظرة أمام الجمهور، وانتهى بمناظرة نسائية في دار الأوبرا بدمشق، باقي المشاريع اهتمت بالشباب والتعليم بالتعاون مع عدد من الشركاء.

“نحنا منتمسك ببعض”

تشير أميرة أنّ ما يجمع فريق راديو سوريات هو الإيمان بالقضية، وعندما اضطرت للابتعاد عن الراديو فترة، عملت الزميلات “سارة خضر” و “رنا الشيخ علي” عام كامل دون مقابل مادي، ونحن كفريق نتمسك ببعض وندعم من يعمل مع الراديو.

تنوه أميرة أنها غير متطرفة للنسوية وهذا مايجعل الراديو مقبول في البيئات الملتزمة، وغير مكروهين من جيل الشباب، بحيث يكونوا مساهمين مع الراديو، وتشير أميرة أن خطاب الراديو بعيد عن مفهوم أن المرأة الخاسر الأكبر، لكن نقول أن المرأة خاسرة أكثر لأنها مهمشة ومن قبل الحرب تعاني من التهميش، نحاول أن نقدم للجمهور التوازن ونجابه التطرف اتجاه النسوية لأنه يخلق شرخ كبير وبالتالي يخسرنا بالقضية.

مشاريع أكبر

يحضّر راديو سوريات مشاريع في عدد من المحافظات السورية حمص، السويداء، حلب، منها مايتعلق بالصحة الإنجابية، ويتابع بمشروع ضد النمطية مع تغيير نوع المخرجات الإعلامية، بالإضافة لمشروع “سوريا تتناظر” الذي يستهدف القادة الشباب وسينفذ في حمص وطرطوس، كما يخطط فريق الراديو لعودة البث على الانترنت ليعلو الصوت أكثر.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد