بئسَ شرفكم… فلَمْ نختره يومًا!

فتاة تبلغ من العمر 21 عامًا تمّ قتلها بوحشية من قبل عائلتها. لن أخوض أبدًا في روايات من نسج خيال البعض. لن أخوض في ادّعاءات. الرواية الوحيدة التي أصدقها هي صوت إسراء غريب وهي تصرخ طلبًا للنجدة. أنا اصدق رواية إسراء فقط. لا، لا أعتقد أنَّ إسراء ارتاحت من عائلة كانت تقمعها. ولا أؤمن بأنَّ موتها كان أفضل لها من الحياة. جلّ ما أعرفه أنه كان من حق هذه الفتاة أن تعيش حياة مليئة بالحب، الفرح والأحلام . أن تخرج مع الذي يحبه قلبها، تأخذ صورة سيلفي وتنشرها بفرح على مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن يتسبّب ذلك بإنهاء حياتها. أن ترقص، تغني، تذهب للقاء صديقاتها. أن تجلس في غرفتها تقرأ كتابًا، أو تستمع إلى الموسيقى. أن تشاهد مسلسلها المفضل، تذهب الى عملها، تقود سيارتها… وتبكي في أحضان والدتها.

لا أصدّق رواياتهم أبدًا، أنا أؤمن برواية واحدة فقط. هي رواية إسراء. هل تعلمون ما هي تلك الرواية؟ هي رواية كل فتاة وإمرأة عربيّة، يتمّ التعامل معها على أنّها ملكية خاصة يحق لعائلتها، قتلها، بيعها، ضربها دون رحمة أو انسانية!

في حياتنا الكثير من النساء والفتيات اللواتي قتلن باسم الشرف، حرمن من حضانة أطفالهن، عُنّفن، تمَ إقصاؤهن، وسجنهنّ، واغتصابهنّ، والتحرش بهنّ، وتدميرهنّ، وابتزازهنّ، ومحاربتهنّ..هل تعلمون الآن لماذا لا ولن نصدّق سوى رواية إسراء؟ هل تعلمون الآن لماذا نحن دائمًا غاضبات؟ حتمًا ليست هورموناتنا هي السبب… بل ممارساتكم القاتلة، قوانينكم الجائرة ومجتمعاتكم الذكورية التي تمنع الهواء عنّا، تقتلنا ببطء تمامًا كضربات متتالية على حلبة مصارعة لنسقط في النهاية بضربة قاضية ممن لم نعتقد يومًا أنّه خصماً. نسقط بيد أخ أو أب أو زوج أو حبيب. نسقط لأنهم يعتقدون أنّهم يملكون حق تقرير مصيرنا، ماذا نلبس، نأكل، متى نتنفس أو نتكلم. هل تعلمون الآن لماذا نحن النساء دائمًا غاضبات… لأنّنا منذ ولدنا وحتى مماتنا نحارب منظومة إجتماعية ودينية ترى شرفها في ما يسمونه “غشاء بكارتنا”. عازبات، متزوجات، مطلقات، أرامل… علينا دائمًا أن نثبت لهذا المجتمع المنافق بأنّنا أهل لأن نكون شرفه… فلتعلموا شيئًا…  بئس شرفكم… خذوه… فنحن لم نختره يومًا… لا نريد أن نكون شرفًا لقتلة.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد