طبقة سياسية مفلسة تتلطى خلف “الشرف” لعجزها عن مقارعة النساء

“الشرف مش بين الإجرين الشرف بالراس وهيدا يلي ما عندك ياه” عبارة كافية ووافية كردٍ أثلج صدور من تابع حلقة الإعلامي جورج صليبي ضمن برنامج “وهلق شو” على شاشة الجديد، وهي زُبدة ردّ النائبة بولا يعقوبيان على وزير المهجرين غسان عطالله الذي اتهمها بالوصول إلى منصبها بطريقة لا أخلاقية، في حديث عَبَرَ موضوع النقاش، وصَبَّ في خانة إفلاس واضح يصرفه عدد كبير من السياسيين اليوم في خطاب ذكوري يعكس الكراهية والنظرية الدونيّة تجاه النساء، وما يتعرضن له من عنف في السياسة.

 

 

ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها النائبة بولا يعقوبيان لهجوم يتخطى الإطار السياسي المهني إلى أجساد النساء وشرفهنّ ، فتاريخ السياسية اللبنانية في إهانة النساء طويل تحديدا السياسيات اللواتي حملن راية مواجهة فساد الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد، ولبولا يعقوبيان من الذكورية حصة الأسد، ليس لسوء حظها وإنما لقوتها في المواجهة، وفي رفع الصوت ضد متلازمة “شرف النساء وأعراضهن”، بعد الإفلاس في الرد الموضوعي والمهني والحقيقي.

لإنعاش الذاكرة لم ننسَ رد رئيس مجلس إدارة شركة “بوتك” نزار يونس على اتهامات النائبة بولا يعقوبيان حول مشروع بناء محرقة للنفايات في بيروت، في عبارته الذكورية الإيحائية “نصرها الله، وحفظ جسدها الطاهر من كل شر”.

ولإنعاش الذاكرة أيضا نعيد ما قاله أبو فاضل عن يعقوبيان بأنها “مرضّعة الكل”، في نمط يعكس مقاربة التعاطي السياسي مع النساء بشكل واضح لا لبس فيه، في حادثة لم نرّ أي رد فعل إعلامي عليها باستثناء بعض التصريحات السطحية والمتضامنة مع يعقوبيان ،والممنوعة من الصرف لمعاقبته ومعاقبة من يتعرض بهذه السفاهة للنساء.

https://youtu.be/Ow9glkmGExU

 

اللجوء إلى إثارة النعرات الطائفية في كل استحقاق انتخابي أو سياسي من البروتوكولات المعتمدة في لبنان، مع شعب لا ينهض ويرفع صوته إلا ببوق الطائفة والغيرة على الدين، في استثمار بات ناجح بإخضاع الشعب وتخديره، وهذا ما ينطبق تماما في مواجهة النساء العاملات في السياسة واللواتي يرفضن الدخول في منظومة الفساد هذه، هنا يُثار الجمهور بالشرف، والأخلاق، والأعراض، “ويا غيرة الدين”.

عن سابق إصرار انتظرنا ولم نعلّق على ماجرى مع النائبة بولا يعقوبيان ووزير المهجرين، وكنّا نترقب رد الأخير، وبالفعل انتظارنا كان في محله، رد غسان عطالله كان كالآتي :”كلّي أسف في أن يتمّ استغلال كلامي للسيّدة يعقوبيان في غير مكانه وأن يأخذ منحى التعرّض للمرأة وشرفها علماً أنني لم أقل كلمة واحدة في هذا الاطار، والقصد كان الحديث عن الأخلاق والتاريخ في إطارهما السياسي والمواقف الشعبوية غير الصادقة تجاه الناس”.

وأضاف عطالله: “إنني أكنّ كل الاحترام للمرأة، وأؤكد أنّني كما لا أقبل التعرّض لأمّي وأختي وزوجتي وابنتي والسيّدات في فريق عملي لا يعنيني التدخل في الحياة الشخصيّة لأيّ كان وكلّي أسف كذلك في أن تأخذ السيّدة يعقوبيان كلامي من الاتجاه السياسي الى أمور ومواضيع لم آتِ على ذكرها”.

رد الوزير ينطبق عليه تماما “يلي استحو ما مات ” تصرفنا في المثل كما تصرّف عطالله باستخفاف في عقولنا، وباستخفاف في ماسمعناه وفي إهانته الموثقة، ونقول له “سمعنا ما قلته حرفيا، وشهدنا انحرافك عن الموضوعية نحو إهانة النساء، وتأكدنا من إفلاسك في الحق و”الشرف يلي بالراس” .

 

المثير للريبة وما يحتاج إلى إعادة تصحيح للبوصلة، مارصدناه أيضا إعلامياً من استدارة نحو رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية  كلودين عون ووضعها في خانة “نساء العهد”، وتحميلها مسؤولية كلام الوزير غسان عطالله، مايجب أن يكون واضحا أن المسؤولية تقع على الأخير وحده وعلى كل سياسي يلجأ إلى اللغة عينها، وكل توجيه خاطئ في سهام المسؤولية لا يضر إلاّ بالنساء وحركتهن النسوية التي باتت قادرة على التغيير وإحراج السياسييين ودفعهم للخروج عن وعيهن نحو لا وعيهن الذكوري، فعدو المرأة ليست المرأة بل مجتمع يتهمها ويجلدها ويقاضيها ويحولها إلى ضحية أبويته وطائفيته وذكوريته.

ماجرى بالأمس مع النائبة يعقوبيان، يتكرر في كل فرصة يتيحها السياسي لنفسه بإهانة النساء، الأمر الذي بات أسلوب حياة السياسة اللبنانية، لذلك فالمنظمات النسوية مدعوة اليوم لمزيد من تضافر الجهود لمواجهة الذكورية والوصول إلى آلية تحمي النساء من العنف الممارس عليهنّ سياسيا، لأننا وسنبقى متضامنات مع النساء.

 

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد