عندما تعتمد السلطة اللبنانية مبدأ المساواة بين المواطنين/ات… بالعنف!

تظاهرتا المصرف وثكنة الحلو، ستطبعان في ذاكرة الثورة في لبنان، كمحطة أساسية برهنت إصرار الثائرات والثوار على البقاء في الشارع والاستمرار في التحركات مهما كان حجم العنف الموجّه ضدّهن.

العنف الوحشي لم ينفع، بل على العكس تماما رفع من عزيمة الثائرين/ات للتواجد أكثر في الساحات، وهو ما أكد عليه عدد كبير من النساء اللواتي شاركن وتصدرن الساحات ووقفن مباشرة في مواجهة القوى الأمنية لحماية المتظاهرين/ات، وتعرضن للاعتداء والضرب الوحشي.

الصحافية ملاك خالد: نساء الثورة في لبنان كرسن القواعد وحمين المتظاهرين/ات

وفي هذا السياق تروي الناشطة والصحافية ملاك خالد لموقع “شريكة ولكن” ما تعرضت له في التظاهرة التي نظمت بجانب ثكنة الحلو في مار الياس للضغط من أجل الإفراج عن المعتقلين من قبل الأجهزة الأمنية تعسفياً، وتؤكد أن قرار نزولها هو أولا وأخيرا كمواطنة لبنانية، وكانت ضمن مجموعة من الصحافيين/ات والإعلاميين/ات، والقوى الأمنية حينها كانت ترمي بكثافة كبيرة الغاز المسيّل للدموع، الأمر الذي أثر عليها بشكل كبير كونها تعاني من مشكلة الربو. تقول ملاك أنها لم تستطع الابتعاد  مع مجموعتها، واضطرت للاحتماء في إحدى سيارات  البث التابعة لإحدى القنوات التلفزيونية.

وفي معرض وصفها لوحشية التعاطي الأمني مع المتظاهرين/ات، تروي ملاك مشاهداتها فتقول إنّ 4 من أفراد القوى الأمنية كانت تسحل متظاهرًا فركضت إلى جانب مراسلة الـMTV  رنيم إدريس، التي صوّرت ما يجري لمساعدة الشاب، حينها حاولت القوى الأمنية  تسكير كاميرا رنيم، وتقول ملاك ” سرعان ما قام أحدهم بشدي من شعري ورميي على الأرض لإبعادي عن الشاب ونهيي عن مساعدته، لكن شباب وشابات ساندونا ، وأبعدو الشاب المصاب تحت ضرب القوى الأمنية،وعدت مدداً  للجلوس في سيارة البث محاصرة لعدم تمكني من المشي، إلى أن جاء أصدقائي على دراجة نارية، وأوصلوني إلى المشفى”.

تصف ملاك القوى الأمنية بالوحوش، منتقدةً المؤتمر الصحفي لوزيرة الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن وكلامها حول التصرف بحضارية مع المتظاهرين/ات، ووصفت بأن الأخيرة “تربحهم جميلة” هذه القاعدة وهذا ما يجب أن يقوموا به أصلا، وهذا واجبهم تجاه القانون، والعنف الذي سُجِّل في الطرقات كانوا هم سببه، وسخرت الناشطة ملاك خالد من حديث المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، الذي قال إن ثلث عديد قوى الأمن تعرضوا للإصابات بالهلع، وتتابع هل زجاجات المياه البلاستيكية تصيب، وكيف تضررت سبعين آلية عسكرية، هل نمتلك هذا العدد من الآليات أصلا؟

أهم مشهد برأي ملاك هو أن النساء حمت المتظاهرين/ات بشكل كبير، وتعرّج على شهادة شاب كان يتلقى العلاج في مشفى الجامعة الاميركية ويقول، إن النساء هنّ من دافعنّ عنّا من القوى الأمنية وأنه أثناء محاولة اعتقاله عمدت صبية إلى الإمساك به والصراخ في وجه القوى الأمنية “لا تضربوه … جريح”.

النساء وضعن أنفسهنّ سداً منيعاً بين المتظاهرين/ات والقوى الأمنية وكسرن عدة قواعد، بينها أنهنّ خرجن ليلاً ووقفن متساويات بالحرمان ومتساويات في تلقي الصفعات للدفاع عن حقوق اللبنانيين/ات.

  1. الناشطة سينتيا سليمان: هذه أنتِ وضربني على رأسي….

الناشطة سينتيا سليمان خلال حديث مع موقعنا تروي ما عانته فتقول إنه وفور نزولها للبحث عن أصدقائها في التظاهرة أمام ثكنة الحلو، تهجّم عليها عناصر من مكافحة الشغب، عندها حاولت التراجع وإذ بعنصر من القوى الأمنية كان يعرفها من تظاهرة المصرف وكان قد اعتدى بالضرب عليها حينها، فيراها ويقول “هذه أنتِ” وضربها على رأسها بالهراوة فوقعت أرضا وبدأت تنزف حتى جاء شاب لا تعرفه ومنع عنصر القوى الأمنية من متابعة الاعتداء عليها وقام بإيصالها  للمشفى.

وتقول سينتيا “اللافت أن العنف كان بطريقة غريبة جداً علماً أن الصف الأوّل كان كله نساء وكان الضرب عالرأس مباشرة، عنف مخيف وغير مبرر لأن المتظاهرين/ات كانوا فقط يرمون العناصر الأمنية بزجاجات المياه البلاستيكية “.

وتقول سينتيا عندما خرجت من المشفى مباشرة توجهت إلى مصرف لبنان ،لأقول لقوى الأمن الداخلي “حتى لو ضربتونا وحاطة طوق برقبتي ومقطبة، أنا طالعة اتظاهر” .

رفيف سوني… فقدت ذاكرتها وبصرها جزئيا

ومن النساء اللواتي تعرضن لاعتداء عنيف من القوى الأمنية أيضا، الناشطة رفيف سوني، ولتعذر الاتصال بها نتيجة وضعها الصحي، تواصلنا مع صديقتها حنان التي روت  بدورها ما جرى مع رفيف في التظاهرة، وتقول إن رفيف نزلت للتظاهرة ومعها كاميرا تصوير، ووردها اتصال بأن صديقها في المشفى وأثناء مغادرتها، لحق بها عناصر مكافحة الشغب وعندما أمسك بها أحدهم قال لا أريد أن أضربك بالعصى فضربها بيده بقوة “بوكس”على رأسها وبعد تلقيها الضربات اتصلت بي وقالت عم يضربونا اهربوا …

وتتابع حنان لتقول إن رفيف وصلت إلى المشفى في النهار الأول لم تكن ترى، وتصرخ من وجع رأسها ولا تذكر شيء أبدا، وفي اليوم التالي بدأ نظرها يعود تدريجياً، وقال طبيب العيون أن شبكة العين متضررة نتيجة الضرب الذي تلقته على رأسها، بانتظار نتيجة صورة الرأس المغناطيسية لمعرفة حالة أعصاب رأسها، وحتى اليوم لا تتذكر شيء ولا حتى أهلها، وهي تتذكر فقط : “ضربوني كتير وفي حدا قايلها بس شوفك بدي موتك وهي الجملة معلقة ببالها، مبارح وخلال التخطيط بدأت تتذكر تفاصيل عاشتها وهي صغيرة، وأخذت مسكن لتنام لأنّها لم تنم منذ ثلاثة أيام”.

وتحمّل عائلة رفيف وزيرة الداخلية ريا الحسن والعنصر الذي اعتدى على ابنتهم مسؤولية ما جرى مؤكدة أن العائلة لن تقف مكتوفة الأيدي وأنّها ستلجأ إلى القانون .

https://www.facebook.com/videu2025/videos/648009179273413/

عنف مفرط، لم يميّز بين المواطنين/ات حاله كحال سلطة أمعنت في الفساد، وساوت بين مواطنيها ومواطناتها بنهب جيوبهم/ن، وإفقارهم/ن، وضربهم/ن، واعتقالهم/ن….إلا أنها هذه المرة فشلت في إخضاعهم/ن / لأنّ الستار قد أسدل عن مسرحيات طائفية أبوية، ليبدأ فصل جديد فصل الحرية.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد