حاول استغلال القانون لتخفيض قيمة النفقة فأنصف القضاء طليقته في حكم استثنائي!

سلّطت صحيفة “الأخبار” الضوء على قضية نفقة، تأتي في خضم مسيرة طويلة من أحكام بعيدة عن إنصاف النساء، وكشفت عمَّا قام به القاضي أحمد مزهر، رئيس دائرة التنفيذ في النبطية، في الاعتراض المقدم أمامه، والمتعلق بقيمة نفقة بالدولار، مقدَّم من طليق حول عدم قدرته على دفع نفقة ابنته التي تقيم مع والدتها بالدولار الأميركي (200 دولار)، كما هو مقرر في الحكم الصادرعن المحكمة الجعفرية، «بسبب فقدان الدولار الأميركي من السوق وسعره في السوق السوداء».

وجاء هذا الاعتراض بعدما رفضت طليقته، في تموز الماضي، تسلّم الحوالة المرسلة منه بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرف الرسمي، بسبب انخفاض قيمتها الشرائية، وفي محاولة منه للضغط عليها حاول اللجوء إلى «الشرع»، فتقدّم أمام المحكمة الجعفرية في النبطية بدعوى تخفيض نفقة بسبب أزمة الدولار. إلا أن القرار يومها قضى بردّ الدعوى «لأن النفقة حكم بها بموجب اتفاق بين الطرفين وهو قرار مبرم وملزم لهما لا يقبل أي تعديل إلا باتفاق جديد».

عرض الرجل التفاوض مع طليقته مقابل رفع مبلغ النفقة إلى 500 ألف ليرة بدلاً من 300 ألف، إلا أن المرأة رفضت فتوجه إلى القضاء، متسلحاً بجملة من القوانين، تنتهي إلى الخلاصة الآتية: لا يمكن رفض الإيفاء بالعملة الوطنية ولا يمكن فرض الدفع بالعملة الأجنبية.

تصدى القاضي مزهر للاعتراض، وأنصف الأم وابنتها، فبعد أن قبله في الشكل، رفضه بالمضمون، علماً أنَّ المواد القانونية التي استعرضها المستدعي لا تقبل الشك، إلا أن الواقع الراهن يفترض النظر إلى المسألة من زاوية أخرى، خاصة أنَّ «الإشكال يحضر عندما يقوم المدين بإيداع مبلغ بالعملة الوطنية يساوي قيمة العملة الأجنبية التي أصابتها تقلبات سوقية شديدة في سعرها».
وهو ما ألحقه مزهر بسؤالٍ كان المنطلق إلى الجواب الذي بموجبه أنصف الأم وابنتها، فسأل: «هل يعتبر الدفع الذي قام به المدين مبرئاً لذمته تجاه دائنه أم أنه غير كاف ويجب عليه أن يؤمن كمية النقود المساوية للعملة الأجنبية بحسب سعرها الواقعي»، ثم أجاب بـ«لا».

وتتابع الصحيفة، بما أنه لم يعد ثمة مجال لـ«المساكنة» مع الليرة، انطلاقاً من أن الأوراق النقدية «لا قيمة لها لذاتها وإنما تقع قوّتها في قيمتها الشرائية»، بات الإيفاء بهذه الطريقة غير كافٍ بسبب «عدم قدرة المدين على إشباع حق الدائن في استيفاء دينه»، عملاً بنص المادتين 249 و299 من قانون الموجبات والعقود على أن «القوّة الشرائية هي الصفة الجوهرية للنقود لا وريقاتها»!

على هذا الأساس، وفي حال اختيار المدين إيفاء دينه بالعملة الوطنية، لعدم توفّر الدولار الأميركي، فعندها «عليه أن يدفع الدين على أساس سعر صرف العملة الأجنبية في السوق الحرّة، بتاريخ الدفع الفعلي وليس بتاريخ الاستحقاق ولا بتاريخ طلب التنفيذ». أما عكس ذلك، فكفيل بأن «يفرغ السند التنفيذي من مضمونه ويجرّده من النفع المتوخى منه».

وعليه أمام هذا الحكم، القابل للاستئناف، نقف أمام حكمٍ تكراره ليس مستحيلاً، بل مطلوب لإنصاف النساء في لبنان، خاصة اللواتي يقبعنّ اليوم رهينة سلطة تصدر مئات الأحكام ضدهنّ، وتحوّل أي حكم يصب في صالحهنّ استثناء.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد