سنتان على إقرار حماية قانونية من العنف الأسري في لبنان: “كفى” تستطلع الواقع بالأرقام

 

بمناسبة مرور سنتين على إقرار القانون 293\ 2014، وسعياً منها لتقييم التجربة التي خاضتها لوضع هذا القانون حيّز التنفيذ، أطلقت منظمة “كفى عنف وإستغلال” تقريراً وطنياً يظهر مدى وعي اللبنانيات\ين حول العنف ضد النساء داخل الأسرة، وسلوكياتهن\م في التعامل مع قضايا العنف الأسري.

“لم يكن لدينا أي وهم بأنّ إقرار القانون 293 سيوقف جرائم قتل النساء”.. بهذه العبارة إفتتحت السيدة زويا روحانا، مديرة منظمة كفى عنف واستغلال، الندوة ردّاً على تساؤلات البعض، وبخاصةً من أصحاب العقلية الذكورية، حول جدوى الحماية القانونية للنساء. وعزت روحانا سبب إستمرار جرائم قتل النساء إلى ضعف تطبيق القانون في جانبه الجزائي، حيث لا زالت عشرات ملفّات جرائم قتل النساء، اللواتي وصل عددهن إلى حوالي 14 ضحية منذ إقرار القانون حتى اليوم، تنتظر في أروقة قصور العدل إصدار الأحكام المشدّدة للعقاب فيها. وشدّدت روحانا في المقابل على أن القانون إستطاع تحقيق نجاح نسبي في جانبه الحمائي، حيث وصل عدد قرارات الحماية، التي تمكّنت كفى من جمعها من مختلف المناطق اللبنانية، إلى 175 قرار، ساهمت كفى في صدور أكثر من 40% منها.

وعرضت منظمة “كفى” لأرقام توثّق واقع النساء مع العنف بالإستناد إلى الحالات التي تلجأ إلى مركز الإستماع والإرشاد في المنظمة والتي ارتفعت بشكل ملحوظ من العام 2013 (292 حالة) إلى العامين 2014 (624 حالة) و2015 حيث وصلت إلى 772 حالة. وتظهر إحصائيات “كفى” أشكال مختلفة من العنف الذي تتعرّض له النساء وعلى رأسها العنف الكلامي الذي أبلغت عنه 82% من النساء والعنف الجسدي (80%) بالإضافة إلى العنف الجنسي والإقتصادي والنفسي… بالإضافة إلى ذلك، فإنّ 19% من النساء اللواتي لجأن إلى “كفى” تزوّجن قبل بلوغ سنّ ال18، وفي هذا دلالة وثيقة على الإرتباط بين التزويج المبكر والعنف ضدّ النساء، في مقابل نقض للفكرة السائدة التي تعتبر أن النساء غير المتعلمات فقط عرضة للعنف، إذ أن 20% من النساء اللواتي أبلغن عن العنف الممارس بحقّهن حاصلات على مستوى تعليمي تكميلي و26% منهنّ مستواهن التعليمي جامعي.

 وبالعودة إلى وعي اللبنانيات\ين ومواقفهن\م حول العنف الأسري، فقد أظهر التقرير الذي أطلقته “كفى”، بالإستناد إلى عينة تمثيلية شملت مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية ومستطلعين\ات من الجنسين، أن 44% من اللبنانيين\ات يعرفون\ن شخصياً ضحايا عنف أسري علماً أن هذه النسبة هي الأعلى في كل من البقاع (66%) والشمال (52%)، وأن 97% منهم\ن سمعوا\ن بقضايا العنف الأسري عبر وسائل الإعلام وبشكل خاص من خلال الأخبار التلفزيونية (77%)، فيما شكّلت وسائل التواصل الإجتماعي مصدراً أساسياً للإطلاع على العنف الأسري لدى الفئة

الشابة (35%). وكشف التقرير كذلك عدم ثقة 42% من اللبنانيين\ات بالمحاكم الدينية و38% منهم\ن بالمحاكم المدنية لأسباب متعلّقة بالفساد والذكورية والقوانين المجحفة بحق المرأة والمحسوبيات السياسية. وفيما بقي هناك نسبة 13% من اللبنانيين\ات يعتبرون\ن العنف الأسري مسألة عائلية وعلى النساء الصبر والسكوت، ينصح حوالي نصف اللبنانيين\ات ضحية العنف الأسري بالتقدّم بشكوى. والبارز أيضاً في نتائج التقرير إرتفاع ثقة المواطنين\ات بقوى الأمن، حيث لمس\ت 44% من الفئة المستطلعة تحسناً في أداء الشرطة بالتعاطي مع حالات العنف الأسري، وأكّد\ت 55% منهم\ن أنهم\ن يبلغون\ن الشرطة في حال الشهود على حالة عنف.

هذه الثقة المستجدّة بعمل قوى الأمن لم تأت من فراغ حسب ما أشار العقيد إيلي الأسمر، ممثل مدير عام قوى الأمن الداخلي ورئيس لجنة إدارة مشروع تأهيل أفراد الضابطة العدلية للتعاطي والتحقيق في قضايا العنف الأسري، بل استندت إلى انجازات عدّة في هذا الإطار أبرزها الإستمرار في تدريب عناصر قوى الأمن على كيفية التعاطي مع شكاوى العنف الأسري وعلى القانون، تعزيز آليات المحاسبة وإصدار مذكرة الخدمة الخاصة بالتعاطي مع شكاوى العنف الأسري، وتجهيز المفارز القضائية لإستقبال الضحايا بشكل لائق، كما والبدء بالعمل على استمارة العنف الأسري التي من شأتها أن توثق الشكاوى وعددها وطبيعتها على الأراضي اللبنانية كافة.

في المحصّلة، تشكّل هذه الإنجازات حافزاً للمنظمات العاملة على قضايا العنف الأسري وعلى رأسها “كفى عنف واستغلال” من أجل تذليل العقبات المتبقية وعلى رأسها إنشاء الصندوق الخاص لدعم النساء ضحايا العنف الأسري في وزارة الشؤون الإجتماعية واستحداث القطعة المتخصصة في قوى الأمن الداخلي لمتابعة قضايا العنف الأسري.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد