اليوم العالمي للمدن الآمنة للنساء: أرقام صادمة ومبادرات تبشّر بتغيير ممكن
كثر الحديث في الأيام الماضية عن المدن الآمنة للنساء، مدن نطمح جميعاً أن نعيش يومياتنا فيها دون خوف، عنف، تمييز، نزاعات، تهديد… فكم نحتاج من جهود ومبادرات من أجل الوصول إلى تحقيق أمن مستدام للنساء أينما وجدن؟ إذ إنّ ظاهرة العنف ضد النساء في الشوارع لا تزال عابرة للمدن والقارات وهي تنتشر وتتنامى حتّى في أكثر الدول تقدماً كبريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة الأميريكية وروسيا وغيرها.
في نظرة سريعة على بعض الأرقام المتوفّرة حول العنف الجنسي ضدّ النساء والفتيات في العالم العربي، حيث تنعدم في حالات كثيرة الدراسات الإحصائية، يظهر أن مصر من أسوأ دول العالم في نسب التحرش بالنساء بعد أفغانستان، وتقول دراسة تابعة للمركز المصري لحقوق المرأة أن 83% من النساء المصريات يتعرضن لشكل من أشكال التحرش الجنسي و64.1% منهن يتعرضن للتحرش بصفة يومية. وتُعاني تونس مثل مثيلاتها من الدول العربية من استفحال مشكلة الانتهاك الجسدي، حيث تبلغ عدد حالات الاغتصاب- التي يُبلّغ عنها- أكثر من 34 حالة شهرياً، ويصل الأمر لاغتصاب القاصرات بعمر الـ14 عاماً. كذلك، تشير دراسة مسحية في اليمن أجرتها جريدة “يمن تايمز” على نساء من صنعاء أن 90% منهن تعرضن للتحرش الجنسي في الأماكن العامة وأن 20% منهن يتعرضن له بشكل مستمر. أما بالنسبة للتحرش الجنسي في أماكن العمل، فقد كشفت إحصائيات أشرفت عليها وكالة رويترز أن السعودية تحتل المرتبة الثالثة بين 24 دولة في قضايا التحرش الجنسي في مواقع العمل، وتبين من خلال الدراسة التي شملت 12 ألف إمرأة من دول مختلفة أن 16% من النساء العاملات في السعودية يتعرضن للتحرش الجنسي من قبل مسؤوليهم في العمل. وفي لبنان، فقد أظهر إستطلاع رأي للنساء أجراه موقع “شريكة ولكن” في وقت سابق أن جميع النساء المستطلعات يعتبرن شوارع بيروت غير آمنة لهن للتنقّل ليلاً.
إنّ عدم شعور النساء بالثقة والأمان أثناء التنقّل بين المدارس أو الشوارع أو الجامعات أو أماكن العمل والأماكن العامة أو مراكز التسوّق أو المرافق والمؤسسات الرسمية في مدنهن، التي تفتقد للتدابير الخاصة والخدمات العامة والبنى التحتية ووسائل النقل العام الضامنة لأمن وحماية النساء والفتيات، بسبب الخوف من التعرّض للإعتداء أو التحرّش الجنسي أو الإغتصاب يستدعي دقّ ناقوص الخطر لمواجهة هذا العنف والتمييز الصارخ القائم على النوع الإجتماعي والذي يستهدف النساء ببساطة لمجرد أنهن نساء، هذا فضلاً عن ثقافة الصمت والعيب والشرف التي تضع الضحية في أغلب الأحيان في موقع المذنبة مقابل إفلات المعتدي من العقاب بمباركة العائلة والمجتمع والدولة.
ونجد في هذا الإطار، مبادرات من المفيد البناء عليها كتلك التي أطلقتها منظمة أكشن إيد الدولية عام 2014 في 17 دولة حول العالم بهدف إنشاء مدن آمنة للنساء والفتيات، والتي تمّ إثرها تكريس يوم 20 أيار\مايو إعتباراً من عام 2015 يوماً دولياً للمدن الآمنة للنساء. وبهذه المناسبة، أعلنت منظمة آكشن إيد مبادرة المنطقة العربية هذا العام بالتعاون مع جمعية نماء (جمعية نساء للتنمية الثقافية ) ومجموعة المشي السريع عن إطلاق مبادرة ترمي إلى تكريس شارع الرينبو كأول شارع آمن للنساء في عمان، على أمل أن يكون نموذجاً للتعميم لاحقاً في مناطق ودول عربية أخرى.