هل يخلي القضاء سبيل الشبان الثلاثة الذين تناوبوا على اغتصاب قاصر طرابلس ؟
الحكم المخفف على قاتل منال عاصي وإسقاط الحق الشخصي من قبل عائلتها ساهم في اقتصار الحكم على خمس سنوات ضمنها مدة التوقيف ما يعني فعليا سجنه لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة فقط ، حكم مازال صداه يتردد في الشارع اللبناني ، ليضاف إليه اليوم صدى جديد مثّل صدمة للمجتمع اللبناني والد “قاصر طرابلس” يسقط الحق الشخصي عن الشبان الثلاثة الذين تناوبوا على اغتصاب ابنته القاصر (15 عاما)، حيث عمد على الفور وكيل الدفاع عن المتهمين إلى تقديم طلب إخلاء سبيلهم حيث كان مقرراً أن يبت قاضي التحقيق في طرابلس ماجد دحداح الطلب اليوم، ولكن الجلسة أرجئت إلى الغد.
الأخطر في القضية أن الفتاة، وفق ما أكد مرجع رسمي لـ «السفير» سبق وتعرضت للإغتصاب من قبل أحد أقربائها، وهو عسكري في إحدى المؤسسات الأمنية، الأمر الذي استوجب إصدار قائد هذه المؤسسة أمرا بالقبض عليه للتحقيق معه بعدما بلغه الأمر.
وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وبصفته رئيساً للمجلس الأعلى للطفولة، أكد لـ «السفير» أنه سيبحث مع المجلس في إمكان التصدي لقضية القاصر سعياً إلى حمايتها والسهر على تأمين العدالة المرتجاة لها، وذلك انطلاقاً من كونه رئيسَ أعلى هيئة رسمية معنية بحماية الأطفال في لبنان، مع احترام مبدأ استقلالية القضاء.
وعلمت «السفير» أن تراشقا بالكلام حصل بين والد القاصر وجدها على خلفية محاولة الأخير الحصول على وصايتها، وأن قاضي المحكمة الشرعية في طرابلس قد رفض أمس طلب الجد، ولكنه وعد بإعادة البحث في الطلب اليوم.
وأكد نقيب المحامين في طرابلس فهد المقدم لـ «السفير» أن النقابة لن تترك قضية القاصر وستمضي بها حتى النهاية مع القضاء، كما وقفت وتقف إلى جانب الجد في طلب حصوله، أمس واليوم، على الوصاية. وأشار إلى أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن ممارسة برضا القاصر أم لا، «فهي فتاة معرضة للخطر وهذا واضح من مجمل ظروفها، كما أن اغتصابها قد تم بأبشع الطرق بالإضافة إلى ممارسة الجناة معها خلافاً للطبيعة، وهذه تهمة تستوجب تشديد العقوبة كونها حصلت ضد قاصر».
وعلى هامش تنازل والد «قاصر طرابلس» عن الحق الشخصي يمكن طرح أسئلة على مؤسسات الدولة المعنية بقضيتها ومنها: هل يمكن الحديث عن ممارسة برضا قاصر سبق وتم اغتصابها من أحد أقاربها؟ وهل هي في وضع نفسي يسمح لها باتخاذ موقف رافض وواع لكل ما يحصل معها وهي لم تتجاوز الـ16 من عمرها؟ ولو كان الأب يحمي ابنته فعلياً، ماذا فعل عندما تعرضت للاغتصاب في المرة الأولى؟ أين دور المجلس الأعلى للطفولة، وأيضاً دور مصلحة حماية الأحداث في وزارة العدل التي تتولى حماية من هم تحت سن الـ18 سنة من المخاطر، خصوصاً عندما يصنفون كمعرضين للخطر؟
وهل يجب ان تترك مؤسسات الدولة والمجتمع قاصر طرابلس لوحدها بعدما ثبت بالوقائع أنها تعيش في بيئة غير سليمة بدليل تعرضها للاغتصاب قبلاً من أحد الأقارب، ومن ثم تنازل الأب عن حقها بالعدالة؟ وماذا عن إخلاء سبيل الجناة في حال موافقة قاضي التحقيق؟ علماً أن الادعاء عليهم بجنحة مماثلة يتيح اخلاء سبيلهم بعد خمسة أيام من دون كفالة مالية.
والأهم اين الحق العام؟ الحق العام الذي كرسه القانون اللبناني ومنحه للقضاء للسهر على سلامة المجتمع وحمايته، وهل هناك أهم من معاقبة جناة اغتصبوا قاصراً جماعياً ليكونوا درساً لمن تسول له نفسه ارتكاب جرم مماثل، والأهم إشعار المواطنين أن القضاء يلعب دوره الأساسي في حمايتهم وفي السهر على أمنهم وردع الجناة.