فاطمة حمزة تقاتل للإحتفاظ بإبنها من خلف قضبان زنزانتها والمفتي الجعفري يعد بحلّ قريب
ولد يوم 16 آذار 2013، كان وضعه حرجاً بسبب مشاكل في التنفّس، ومنذ لحظات ولادته الأولى بدأت أمّه معركتها في مواجهة الخوف والقلق وخطر الفقدان، قاومت الدموع والوجع بإرادة الأم المتمسّكة بطفلها بكل ما أوتيت من قوة والحامية له بأشفار العيون. إنه علي، إبن فاطمة حمزة التي تقضي الليلة يومها الثالث خلف قبضان الظلم، بعد مقاومتها قضبان الذكورية والترهيب لثلاث سنوات، وكل ذنبها أنها أمّ قررت المواجهة من أجل الحصول على حقّها الإنساني بإبقاء طفلها بين ذراعيها.
فاطمة هي واحدة من بين آلاف النساء اللبنانيات اللواتي يواجهن يومياً العنف والتمييز المكرّس بقوة الفكر الذكوري الحاكم والقوانين المدنية والطائفية المختلفة التي تعتبر المرأة مواطنة درجة ثانية، ناقصة الإنسانية والحقوق. فاطمة لم يكن القتل قدرها على غرار عشرات النساء اللواتي ذهبن ضحايا للعنف الأسري، ولا العيش بذلّ خلف أبواب الحرمان والصمت. فاطمة كان قدرها، الذي إختارته بكل عزم وإصرار، المواجهة من أجل إبنها، وهذا ما تؤكّد عليه من خلف قضبان زنزانتها في مخفر الغبيري.
وفي التفاصيل، التي كشفتها شقيقة فاطمة المحامية فاديا حمزة لموقع “شريكة ولكن”، فإنه يوم 2 تشرين الثاني 2016، وأثناء عودة فاطمة من عملها اليومي كمعلمة كان بانتظارها عند مدخل المبنى حيث تقيم رجال الدرك، الذين كانوا متخفين ليباغتوها وكأنها مجرمة بعدما أشار زوجها محمد جزيني عليها قائلاً “هيدي هيي”، ويقتادوها بأبشع الطرق إلى مخفر حارة حريك. تحرّك الدرك، جاء وفقاً لقرار صادر عن القاضية جيهان عون، دائرة تنفيذ بعبدا، وذلك تنفيذاً لقرار القاضي في المحكمة الجعفرية الإسلامية الشيخ جعفر كوثراني بعد رفضها الإمتثال لحكم المحكمة الجعفرية بتسليم ولدها لأبيه. ومن المعلوم أنّه في المحاكم الجعفرية يحق للزوج في حال طلّق زوجته أن يحتفظ بحق حضانة الأبن الذكر منذ سن سنتين، والبنت الأنثى عند بلوغها سن سبع سنوات. ولكن، هذه الحالة لا تنطبق على فاطمة حمزة التي لا تزال على ذمة زوجها، ولم تطلب الطلاق منه، علماً أنّه تزّوج منذ أكثر من سنة ونصف وأنجب طفلاً من زوجته الثانية، فيما يسعى اليوم لحرمان فاطمة من طفلها، الذي تجاهد الأخيرة لتربيته من تعبها وعرق جبينها بعدما أبطل الزوج حكم النفقة المؤقتة البالغ 200$ في الشهر وطلبها لما يسمى “بيت الطاعة”، متسلّحاً بقرار جائر وقوانين أحوال شخصية بالية.
عائلة فاطمة،وفي ظلّ إصرارها على المتابعة في القضية حتى النهاية، أبدت دعمها الكامل لها وعزمها على تحويل قضيتها إلى قضية رأي عام، أملاً بأن تكون مفتاح حلّ لكل نساء الطائفة الشيعية اللواتي يحرمن من أولادهن وفقاً لأحكام الحضانة المجحفة. من جهته، أعلن المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أنه قد بدأ تحركاً لإطلاق سراح فاطمة حمزة، مشدّداً على أنه لن يألو جهداً لحلّ هذه المسألة الإنسانية مع المحكمة الشرعية الجعفرية، وهي الجهة المختصة بالنزاع في أمور الأحوال الشخصية لدى الطائفة الشيعية.
فهل تتراجع المحكمة الجعفرية عن قرارها الجائر بحق فاطمة؟ وهل ستفتح هذه القضية الباب من أجل حراك يهدف لتعديل سنّ الحضانة عند الطائفة الشيعية على غرار طوائف أخرى؟ الساعات المقبلة كفيلة بالإجابة عن هذه التساؤلات، فيما يبقى الأمل والمطلب الأحقّ إقرار قانون أحوال شخصية مدني، يحمي جميع النساء على الأراضي اللبنانية ويكفل حقوقهن.