عيون سمير قصير على “أسرار عالم تجارة الجسد” في مصر
عيون سمير قصير كانت حاضرة بيننا في الأمس تلمع فخراً وفرحاً باستمرار حلم حملت شعلته رفيقة الدرب الإعلامية جيزيل خوري التي ثابرت على مدى سنوات لتحويل حرية الصحافة من مجرد شعار إلى ممارسة فعلية شارك فيها مجموعة واسعة من صحفيات وصحفيي العالم العربي متحدّين واقع عربي يغتال الحرية ويقمعها بأبشع الطرق وتحت ذرائع مختلفة.
كعادتها سنوياً، منذ العام 2006، نظّمت مؤسسة سمير قصير حفل توزيع جائزة سمير قصير لحرية الصحافة، تخليداً لذكرى الصحافي اللبناني الذي اغتيل في 2 حزيران 2005، والتي بلغ عدد المشاركين\ات فيها هذه السنة 191 مشارك\ة، مما يرفع عدد المشاركين\ات منذ إطلاق الجائزة إلى أكثر من 1900.
سمير قصير بحسب جيزيل خوري “فجّر أشلاء في سيارته لأنه تجرّأ على ان يتكلّم، أن يقود انتفاضة وأن يحلم. وكل هذا من أجل أي جمهورية؟ جمهورية الموز، عصابات بيروت، الجمهورية المفقودة أو جمهورية القبر المفتوح؟ أما الصحافة فتمرّ بأزمات وعليها أن تفكر بدور جديد يحافظ على جودتها وعمقها في ظلّ تنامي ظاهرة المحاكمة في قضايا حرية وتعبير عبر الانترنت أمام المحاكم العسكرية”. وكشفت خوري في كلمتها أنه كل يوم يقتل صحافي في سوريا والعراق واليمن، ويعذّب آخر في فلسطين ويحاكم أو يقاضى آخر أيضاً في لبنان، مذكّرةً بالصحافي سمير كساب المختفي في سوريا منذ أربع سنوات وصهيب الهيتي (25 عاماً)، آخر صحافي قتل منذ يومين في العراق وهو يضيء شموعاً تضامناً مع شهداء تفجير الكرادة في بغداد.
وبعد خوري والكلمات التي ألقيت من قبل كل من المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير أيمن مهنا، الإعلامية ديانا مقلّد ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة كريستينا لاسن، تمّ توزيع جوائز على شابات وشباب من الصحافيين\ات أرادوا “أن يكشفوا الحقيقة، أن يدافعوا عن الانسان العربي، وأن يكسروا جدار الخوف للعبور من كهوف الشرق الى الشرق الجديد”.
غادة الشريف (مصر، مواليد 1981)، وهي صحافية استقصائية ومحررة في جريدة “المصري اليوم”، فازت عن فئة التحقيق الاستقصائي عن مقالها بعنوان “أسرار عالم تجارة الجسد” وهو تحقيق مفصّل عن ظاهرة “الزواج المدفوع الأجر” التي لا زالت تمارس في عدد من المناطق المصرية. لم تأبه الصحافية الشابة للخطر، ولا استسلمت للخوف والتابوهات، بل خاضت المغامرة واخترقت عالم “تجارة الجسد”، حيث عاشت تجربة عمرها 3 أشهر ونصف جعلتها تشعر بمعاناة كل فتاة يدفع بها والدها أو شقيقها أو والدتها لتباع لمن يدفع أكثر تحت إسم الزواج.
تكشف الشريف في تحقيقها أن الكثير من الفتيات يدفعهنّ الفقر إلى الدخول في عالم تجارة الجسد ويقبلن بالزواج من أشخاص مقابل أموال بعقد عرفى، دون مراعاة لشرعية الزواج، وحيث يجري الزواج كل أسبوع من شخص مختلف وهو فى معظم الأحوال ثري عربي وراغب بالمتعة، مستعينةً بدراسة “عدالة ومساندة” التي تؤكّد وجود 123 ألف حالة زواج عرفي تمّت بين مصريات وأشخاص عرب وكانت نسبة تزويج القاصرات بين هذه الحالات 58%، بالإضافة إلى ظهور أنواع مختلفة من الزواج منها الزواج السياحي وزواج المتعة والذي إرتفعت نسبتة في مصر ليصل إلى 268 ألف حالة أغلبها زواج مصريات من عرب.
وتختصر الصحافية المصرية تجربتها بوصف نظرتها لنفسها وكأنها “سلعة معروضة للبيع”، واصفةً شتى أنواع الآلام والخوف التي عاشتها “شعور الأمان لم يعد يعرف طريقه إليّ، النوم خاصمنى منذ أيام، قلبى يخفق بشدة ،عيون تنتهك خصوصيتي، ألفاظ خارجة، أوجه مريبة وألسنة لا تعرف سوى المقايضة على ثمنى كأنثى. مجتمع يساومنى على جسدى، ويفتح مزادا علنيا لمن يشترينى بثمن أعلى”. وتقول الشريف لموقع “شريكة ولكن” أنه وعلى الرغم من إنتهاء التجربة “كوابيس مؤلمة مازالت تطاردني عن رجل ساومنى على نفسي من أجل قضاء شهر أو أقل مقابل حفنة أموال. شعرت بحزن ومعاناة طوال فترة العمل على التحقيق الإستقصائي وحاولت فيها جاهدة الحفاظ على نفسي مهما حدث. ليس هناك أصعب من اكتشاف حقيقة كيف أن المرأة تتحوّل في مصر إلى سلعة تباع لمن يدفع أكثر، مزاد علني يومي يقام في المناطق الشعبية، يذهب أحدهم ليشتري أنثى ثم يقضي معها ما يريد ويمزّق الورقة قبل أن يستقل سلّم الطائرة”.