مصريتان قررتا كسر التقاليد والعمل في اللحام تحت الماء
في تحد ٍصريح للصورة النمطية السائدة عن المرأة، اقتحمت النساء مجالات مليئة بالمخاطرة ، ولم تعد المهن الخطيرة غير التقليدية مقتصرة على الرجال في مجتمعات الشرق الأوسط المحافظة.
سمية زيدان، 24 عاماً، وبسنت البستاوي، 26 عاماً،فتاتان مصريتان من محافظة الإسكندرية إختارتا دراسة اللحام تحت الماء، لتصبحا بذلك من أوائل الفتيات في الشرق الأوسط اللاتي اقتحمن هذا المجال، إلا أنهما واجهتا تقاليد وتحفظات وقفت حجر عثرة أمام تقدمهما.
فقد التحقتا بمنحة مقدمة من دولة الإمارات العربية المتحدة للأكاديمية البحرية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري عام 2014 ، واجتازتا الاختبارات والتدريبات الشاقة ومن بينها تعلم اللحام والسباحة لمسافة 200 متر، والثبات لمدة ربع ساعة تحت الماء، لتبدأ بعدها رحلتيهما في أعماق البحار.
فرصة أكبر في التدريب
تقول سمية زيدان: “بعد تخرجي من الكلية التكنولوجية قسم هندسة تبريد وتكييف بجامعة الإسكندرية، اقتحمت مجال الغوص التجاري بعد أن تعلمت الغوص خصيصاً لهذا الغرض”.
واستطاعت سمية اختراق غياهب البحار حيث تقبع السفن والكابلات وأنابيب النفط والغاز. تغوص زيدان من آنٍ إلى آخر للقيام بأعمال اللحام في الأعماق من خلال عملها مع بعض الشركات المتخصصة في هذا المجال في الغردقة، إلا أنها تجد فرصة أكبر في تدريب من يرغبون في التخصص في هذا المجال إضافة إلى عملها في مجال التدريب السياحي بعد حصولها على شهادة اتحاد مدربي الغوص المحترفين PADI.
واختارت سمية الاستقرار في محافظة البحر الأحمر بصحبة زوجها، الذي يرافقها في الغوص التجاري والترفيهي، وابنها الصغير لتتكمن من التوفيق بين حياتها العملية التي أصرت على التفوق فيها، وحياتها الأسرية.
طموح بلا حدود
لم تكتف بسنت البستاوي بدراسة الغوص التجاري واللحام تحت الماء، بل أصبحت أول فتاة في الشرق الأوسط معتمدة من منظمة الإيدسا الدولية كمدربة لحام تحت الماء والغوص التجاري.
وعلى مدار السنوات القليلة التي عملت فيها في هذا المجال غير المسبوق بالنسبة للنساء، دربت بسنت ما لا يقل عن 200 رجل وشاب على الغوص التجاري واللحام فوق وتحت الماء.
ولم يقف طموحها عند هذا الحد، فبعد أن أنهت الدراسة بكلية هندسة البترول والتعدين بجامعة قناة السويس، التي تخرجت فيها عام 2014، حصلت على منحة منظمة الإيمكا الدولية لتصبح أول فتاة في الشرق الأوسط تعمل في مجال قيادة الغواصات الآلية تحت الماء (Remotely operated vehicle – ROV).
فتاة وسط الرجال
بالرغم من كل تلك الإمكانيات غير المسبوقة، لم تتمكن بسنت البستاوي من الالتحاق بشركة من شركات البترول في مصر، ولم تجد فرصتها سوى في بعض الشركات الأجنبية بالخليج العربي حيث تعمل معهم بصفة غير دائمة.
وتقول بسنت لـ بي بي سي: “أجد صعوبة كبيرة للبحث عن فرصة عمل تتوافق مع ما حققته من إنجازات، فالـ ‘الواسطة’ تحول دون التحاقي بالشركات المتخصصة في المجال”.
وتقدمت بسنت للعمل في شركات بترول عديدة في مصر، إلا أنها دائماً ما جوبهت بالرفض في مجتمع متحفظ..
كما ترى أن الفتيات والنساء مازلن لم يحققن كل ما يتمنينه في هذا المجال، بل أن عدد من تعلمن تلك المهنة التي مازالت حكراً على الرجال لا يتعدى، على حد قولها، ست فتيات في الدول العربية.
وتقول أيضاً أن الشركات تميل إلى توظيف الرجال في هذا المجال، دون إعطاء فرصة حقيقية لامرأة لتثبت جدارتها.
“أدرك أن كوني فتاة يدفعهم إلى التردد في قبولي، حيث يستنكرون أن تعيش مهندسة شابة وحدها في مواقع التنقيب عن البترول أو على ظهر ناقلة بترول في عرض البحر وسط عشرات من المهندسين الرجال”.
المصدر: بي بي سي عربية
الكاتبة: نيفين يوسف