ما بين ” للذكور فقط وتفاوت الأجور”….. معاناة المرأة المصرية في سوق العمل
وقفت الفنانة المصرية سعاد حسني والملقبة بــ” السندريلا” بابتسامة هادئة مرحة عام 1985 لتتغنى بمقولة ” البنت زي الولد… مهيش كمالة عدد”، تلك الكلمات التي حملها الشاعر صلاح جاهين أمانة للفنانة سعاد حسني لتلقيها على جمهورها، كرسالة واضحة على ضرورة المساواة بين الجنسين، في محاولة لتحريك المياه الراكدة وتغير نظرة المجتمع للمرأة المتهمة دائما بالنقص في” العقل والدين”.
وظائف في مصر تحمل عنوان” للذكور فقط”:
سباب وتطاول نال المحامية ” عزيزة الطويل” بعد اعتراضها على وظيفة حملة جملة “للذكور فقط”، ففي أغسطس الماضي، أعلنت الشبكة العربية للأبحاث والنشر ومقرها في مصر، عن وظيفة عبر صفحتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي “الفايسبوك”، وأردفت بالإعلان مقولة “للذكور فقط” الأمر الذي علقت عليه عزيزة الطويل ورفضته، حيث قامت بالتعليق على إعلان الوظيفة عبر صفحة الشبكة الرسمية بأن هذا يعد تمييزاً ضد النساء، كان السباب الرد الوحيد عليها الأمر الذي واجهته المحامية بتحرير محضر ضد الشبكة وموظفيها.
لم تكن تجربة عزيزة مع جملة ” للذكور فقط” بعيده عن تجربة وفاء إبراهيم التي قررت ترك مجال تخصصها، نظراً لـأماكن العمل التي رفضت توظيفها، بحجة القوة البدنية وأن الوظيفة تحتاج للذكور.
تروي وفاء قصتها قائلة: “تخرجت من كلية العلوم جامعة أسيوط عام 2009 بقسم الفيزياء والإلكترونيات، الأمر الذي يؤهلني للعمل في مصانع وشركات الإلكترونيات بمصر، لكن الأمر لم يمر بسهولة، مشوار طويل قدره عاميين في رحلة البحث عن مكان ملائم يقبل إعطائي الفرصة”.
وأضافت وفاء: “استطاعت بالفعل العمل في 3 شركات في مجال الإلكترونيات، لكن في كل مرة كنت أجد أن دوري ينحصر فقط في أعمال إدارية على غير المتفق عليه، وعند رفضي لاستكمال تلك الأعمال وإصراري على العمل كمتخصصة في مجال الإلكترونية كان الرد دائما يكون ” مش هينفع الشغل ده عايز رجالة”.
في نفس المكان لكن الأجر مختلف:
جانب آخر من جوانب التمييز ضد المرأة في العمل، وهو تفاوت الأجور الذي تعاني منه الكثيرات من النساء، دون سبب سوى فروقات يراها المجتمع وحده.
جانب آخر من جوانب التمييز ضد المرأة في العمل، وهو تفاوت الأجور الذي تعاني منه الكثيرات من النساء، دون سبب سوى فروقات يراها المجتمع وحده.
في الوقت الذي رفضت فيه سلمى النزول يوم العطلة الرسمية لإتمام بعض الأعمال داخل مقر شركتها، وافق زميلها في العمل، لكن الأمر لم يتوقف فقط عند هذه النقطة بل استمرار لتكرار الواقعة حتى جاء يوم استلام الراتب “لأجد زميلي قد حصل على زيادة من صاحب العمل بدعوى قيامه بأعمال إضافية في غير أوقات العمل الرسمية”، هذا ما روته سلمي محمود عن قصتها مع تفاوت الأجور.
أما ماريا جرجس قالت: “تقدمت لوظيفة بأحد مؤسسات المجتمع المدني، ومع الوقت تراكمت المسؤوليات والأعمال، الأمر الذي جعل إدارة المؤسسة تطالب بتوفير زميل آخر بنفس المسمى الوظيفي لمساعدتي، لكني فوجئت مع الوقت أن زميلي يتقاضى ما يقارب من ضعف مرتبي بمبرر تفاوت الخبرات وأن سيرته الذاتية تحمل العديد من الخبرات المهمة”.
نصوص قانونية وواقع مؤلم:
أكدت التقارير الرسمية أن نسبة مساهمة المرأة بلغت ثلث نسبة الرجل في قوة العمل، ووفقاً لآخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء( جهاز حكومي) بلغت نسبة مساهمة المرأة المصرية في قوة العمل 22.9% فيما بلغت نسبة مساهمة الرجل 69.9%، وفي الوقت الذي بلغت فيه نسبة البطالة بين الذكور 6.7% من إجمالي قوة العمل، بلغت البطالة بين الإناث 21.2%.
كما أكد التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين عام 2013 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، على أن النساء تتقاضي 77% من راتب الرجال في مصر.
بلغت نسبة مساهمة المرأة المصرية في قوة العمل 22.9% فيما بلغت نسبة مساهمة الرجل 69.9%، وفي الوقت الذي بلغت فيه نسبة البطالة بين الذكور 6.7% من إجمالي قوة العمل، بلغت البطالة بين الإناث 21.2%.
وعن هذا التفاوت علقت المحامية نهاد أبو القمصان رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة قائلة: “أن هناك بعض البوابات الخلفية التي يستخدمها أصحاب الشركات فالرواتب الأساسية تصرف كما هي وبالنسبة للرجال تصرف البدلات والمكافآت والعلاوات وبالتالي يصبح أجر الذكر أكبر من المتفق عليه الأساسي ولكن بطريقة غير أساسية.
الجدير بالذكر أن المادتين ال9 وال53من الدستور المصري أكدوا على تكافؤ الفرص بين المصريين دون تمييز، وأن المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم…”
كما نصت المادة 161 مكرر من قانون العقوبات المصري على أن” يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بعمل أو بالامتناع عن عمل يكون من شأنه أحداث التمييز بين الأفراد أو ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو….”.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
من ناحيتها رأت عضو مؤسسة قضايا المرأة المصرية فاطمة رمضان، أن الأمر ليست في تعدد القوانين، ولكن في جدية الأمر، وأضافت أنه بالرغم من وجود قوانين تؤكد على عدم التمييز وضرورة التكافؤ بين المواطنين إلا أن ليس هناك إرادة أو جدية في تطبيق القانون.