“مغاربيات بلا حدود” حُلُمٌ مغاربي بسواعد نسائية
نساء يسعين لتحريك الضمير المغاربي النسّوي، يحاولن المساهمة في تحقيق حُلم الاتحاد المغاربي ببناء تكتل نسوي يضم تحت خيمته المتميزات من دول المغربي العربي حيثما كُنّ، في الدول المغاربيّة، أو في أي دولة من دول العالم أجمع.
خلف هذا “الحُلُم” اجتمعت العشرات من الناشطات الجزائريات في لقاء عقد مؤخرا بسطيف الجزائرية، المدينة التي تبعد عن عاصمة البلاد بنحو 400 كلم شرقا، للإعلان عن ميلاد مبادرة “نساء مغاربيات بلا حدود” في نسختها الجزائرية.
الناشطة شائعة جعفري المعروفة بنضالها من أجل قضايا المرأة والتمكين لحقوقها منذ ثلاثين عاما خلت، كشفت لــ DW عربية، أن هذه المبادرة تلخص وتحمل هموم المرأة المغاربية وتدافع عنها حيثما كانت أو حلت، من خلال خلق فضاء واسع تجتمع فيه النساء المغاربيات، سواء المقيمات في دول المغرب الكبير، أو المقيمات في دول أوروبية، وأمريكا، وآسيا، أو المقيمات بدول المشرق والخليج العربي في شكل تكتل واحد.
نساء يسعين لتحريك الضمير المغاربي النسّوي، يحاولن المساهمة في تحقيق حُلم الاتحاد المغاربي ببناء تكتل نسوي يضم تحت خيمته المتميزات من دول المغربي العربي حيثما كُنّ
شائعة جعفري ترأس حاليا المرصد الجزائري للمرأة.
الرهان برأي جعفري التي ترأس حاليا المرصد الجزائري للمرأة، وهي منظمة غير حكومية، ليس سهلا بالنظر إلى تحديات الجغرافيا، والخلافات السياسية، ووضع المرأة في المنطقة المغاربية، لكنه ليس مستحيلا برأيها. فالمرأة المغاربية “رغم ما تعانيه من تحديات وعراقيل لأسباب عديدة ومركبة، إلا أنها استطاعت أن تفرض نفسها وأن تكون مؤثرة وبارزة داخل مجتمعها”.
الإعلان عن ميلاد المشروع في نسخته الجزائرية هو تتويج لعدة لقاءات تمت الصيف الماضي بالعاصمة الجزائر، وتلتها عدة لقاءات أخرى على مستوى المدن الجزائرية الكبرى، بحضور رئيسة “جمعية مغاربيات بلا حدود” في تونس هيفاء شرفة، وهي ناشطة مقيمة بالعاصمة الفرنسية باريس.
في حديثها لـ DW عربية كشفت شرفة أن “الفكرة التي رأت النور قبل عامين بتونس، لتتوسع في دول مغاربية أخرى، حمل منذ بدايته همّ الدفاع عن المرأة المغاربية بمحاولة تنظيم صفوفها، وتوحيد جهودها، بتأسيس مكاتب لها في كل الدول المغاربية حتى تكون حلقة وصل بينهن”.
لوبي نسائي
وبالنسبة لشرفة فإن تسمية المشروع ليست صدفة، بل تلخص الهدف والرسالة، وهي محاولة التأكيد على أن “ما يجمع سكان المغرب الكبير أكثر مما يفرقهم”، لذلك كانت “مغاربيات بلا حدود” خطوة في سبيل تذليل عقبات الاندماج المغاربي، بخلق حلقة وصل وتواصل بين النساء المغاربيات من خلال منظمات المجتمع المدني.
شائعة جعفري تؤكد أن “مغاربيات بلا حدود” محاولة من طرف منظمات المجتمع المدني لتحقيق ما لم تستطع السياسات الرسمية أن تحققه”، واعتبرت أن “حلم المغرب الكبير ليس حلما مستحيلا”، وتعتقد أن “تكوين لوبي نسائي مغاربي يضم النساء القائدات والمتميزات إعلاميا وثقافيا واقتصاديا وفي مختلف المجالات، يمكن أن يكون الخطوة الأولى لبناء الصرح المغاربي الموحد”.
شائعة جعفري تؤكد أن “مغاربيات بلا حدود” محاولة من طرف منظمات المجتمع المدني لتحقيق ما لم تستطع السياسات الرسمية أن تحققه”، واعتبرت أن “حلم المغرب الكبير ليس حلما مستحيلا”
وبينما اعترفت شرفة أن الخلافات السياسية بين الدول المغاربية وبين الجزائر والمغرب يعدُ تحديا، لكنها تؤكد أن هذا الأمر لن يثبط من عزيمتها وعزيمة باقي الناشطات، وبرأيها فإن “مسألة التنقل لا تطرح تحديا بالغا لوجود إمكانية للتنقل جوا، لكنها أعربت بالمقابل عن أمنيتها في فتح الحدود المغلقة ما بين البلدين منذ 2004 ليكون التنقل أسهل وأوسع”.
ولتقديم إضافة نوعية للمرأة المغاربية، وتحقيق إحدى صور الاندماج المغاربي، كان الهدف من وراء المشروع نقل خبرات النساء المقيمات في دول أوروبية لنظيرتهن في الدول المغاربية في مجالات عدة مثل التعليم والصحة والنضال النقابي، وغيرها من خلال تنظيم دورات تدريبية وورش عمل تؤطرها نساء مغاربيات رائدات في مجالهن، أو حتى أوروبيات للاستفادة من خبرتهن الواسعة، وهذه الأنشطة تقام في دول مغاربية أو حتى في الدول الأوروبية.
امرأة العام
تعدُ جائزة “امرأة العام” أبرز نشاط سنوي تقوم به “مغاربيات بلا حدود”، حيث يجري كل عام تخصيص جائزة سنوية بعنوان امرأة العام، وهي بمثابة أوسكار أو وسام استحقاق تمنح لأبرز امرأة وأكثر تميزا، وتمس الجائزة مجالات مختلفة. كما تمنح ثلاثة جوائز أخرى بمثابة اعتراف وتقدير لصاحبتها، تتولى لجنة خاصة بدراسة ملفات المترشحات، وهي العملية التي تستغرق نحو ستة أشهر، ويتم اختيار الأسماء وفقا لعدة شروط ومعايير تبرز مدى التأثير الإيجابي الذي تركه اسم المرشحة لنيل الجائزة في مجال عملها واختصاصها. شرفة لفتت إلى أن “الجائزة ليست حكرا على النساء ويمكن أن تمنح للرجال ممن لهم إسهام قوي وبارز في دعم المرأة وتمكينها في المجتمع”.
في نسختها الأولى كانت العاصمة الفرنسية باريس مسرحا لحفل الجائزة، حيث جرى تكريم المرأة التونسية عشية الاحتفال باليوم العالمي للمرأة المصادف لـ الثامن مارس بدار التونسي بالعاصمة باريس، واختيرت ماجدولين الشارني التي شغلت منصب وزيرة شؤون الشباب والرياضة امرأة العام 2018، فيما عادت جائزة الاستحقاق لـ سلمى اللومي الرقيق التي شغلت منصب وزيرة السياحة، وجائزة اعتراف من المجتمع المدني لـ بشرى بلحاج حميدة وهي ناشطة في المجتمع المدني وعضو مجلس نواب الشعب، إلى جانب جائزة حقوق الإنسان والتي عادت إلى النقابية ليلى حازم.
وخلال العام الجاري اختيرت الجزائر كمحطة ثانية لاحتضان حفل امرأة العام 2019، وأوضحت شائعة جعفري أن “هذا الحفل سيقام بعد الانتهاء من الترتيبات التنظيمية الخاصة بمكتب الجزائر”.
مبادرات مماثلة
ومن أجل لفت الأنظار لمعاناة النساء المغاربيات المقيمات بطرق غير شرعية ونظامية في فرنسا وفي أوروبا، تستعد ناشطات “مغاربيات بلا حدود” لتنظيم مسيرة كبيرة بمدينة غرونوبل الفرنسية في الـ 18 ديسمبر الجاري بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين، وكشفت شرفة هيفا أن “هناك حالات صعبة للغاية، وأن هناك عائلات ونساء حرمن حتى من إلقاء نظرة الوداع على ذويهن في بلدانهن”.
ومن أجل لفت الأنظار لمعاناة النساء المغاربيات المقيمات بطرق غير شرعية ونظامية في فرنسا وفي أوروبا، تستعد ناشطات “مغاربيات بلا حدود” لتنظيم مسيرة كبيرة بمدينة غرونوبل الفرنسية في الـ 18 ديسمبر الجاري بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين
“مغاربيات بلا حدود” ليست المبادرة الأولى لمنظمات المجتمع المدني التي تهدف إلى دعم جهود الاندماج والتقارب المغاربي، ففي سبتمبر الماضي أعلن رؤساء عدة جمعيات تعنى بالعمل الخيري والاجتماعي بدول المغربي العربي عن الشروع في تأسيس “المنتدى المغاربي للعمل الإنساني”.
رئيس جمعية “جزائر الخير” عيسى بلخضر أوضح لـDW عربية أن الهدف من “هذا المشروع الذي تشارك فيه جمعيته بقوة، هو تفعيل التواصل بين منظمات المجتمع المدني المغاربية بما يخدم التوجهات الكبرى لهذه الدول، ويساهم في تفعيل علاقات التضامن بين الشعوب المغاربية”.
ياسين بودهان – الجزائر
المصدر: dw