النساء في الجيش ولكن بأي رتبة؟
الخدمة العسكرية قضية عادت لتطرح من جديد في بعض الدول العربية. وقد أدخلت إليها المرأة من خلال حجة ظاهرة أن المساواة “يجب أن تشمل المساواة في خدمة الوطن” أيضا. والحديث عن الخدمة العسكرية لا يشمل فقط الدخول في الجيش والأجهزة الأمنية إنما يشمل أيضا الخدمة الإلزامية. فالخدمة الإلزامية عادت لبعض الدول وما زالت ملغاة في أخرى.
ففي لبنان مثلا كانت الغاية من الخدمة الإلزامية “تحقيق الانصهار” في بلد منقسم طائفيا وعرف حروبا داخلية منذ العام ١٨٦٠، لكن الخدمة العسكرية لم تحقق هذا الانصهار وكثير من الشباب اللبناني التحق بالميلشيات في اللحظة التي عاد فيها هؤلاء الى بيوتهم عند تسريحهم مع اندلاع الحرب الأهلية.
بينما في سوريا رفضت السلطات تسريح هؤلاء وأجبر على الانخراط من لم يستطع الهرب في الحرب إلى جانب الجيش بينما اعتُبر من لم يلتحق بالخدمة الإلزامية فارا من الخدمة وحكم عليه بالسجن.
أما الأردن فتعتبر أن لخدمة العسكرية تخفف الأعباء المعيشية والبطالة لكنها أيضا تزيد من الأعباء على الحكومة فجرى تقليصها إلى ثلاثة أشهر.
خلفية طرح الموضوع في دنيانا جاءت بالاستناد إلى تتالي قرارات شمول النساء في الخدمة الإلزامية وفي أكثر من دولة.
فقد صادق المغرب على ذلك في آب من العام الحالي، أما السعودية فقد فتحت الباب ولكن بشكل اختياري في شباط فبراير من هذا العام، بينما أقرت قطر الخدمة الإلزامية للنساء في آذار مارس من هذا العام، في حين أقرت تونس الخدمة العسكرية للإناث مثل الذكور في آب أوغسطس الماضي. وكانت دولة الإمارات قد أقرت ذلك في عام ٢٠١٤ لكنها وضعت عدة شروط لذلك منها حصول الفتاة على موافقة ولي أمرها.. الأمر نفسه بالنسبة للسعودية، ففي شهر شباط فبراير من العام الحالي أعلنت السلطات السعودية فتح باب التجنيد الاختياري أمام النساء الراغبات بالالتحاق بالحياة العسكرية، تاركة الباب مفتوحا للقرار الفردي لمن يرغب.
أقرت قطر الخدمة الإلزامية للنساء في آذار مارس من هذا العام، في حين أقرت تونس الخدمة العسكرية للإناث مثل الذكور في آب أوغسطس الماضي.
ولكن فكرة التجنيد للنساء وغير النساء تطرح أسئلة حولها كانت محور حلقة دنيانا لهذا الأسبوع، هل تؤمن الخطوة ما هو مأمول منها؟ وهل فعلا تتقبل المجتمعات أن تكون المرأة في المؤسسة العسكرية مثلها مثل الرجل؟ وقبل كل شيء هل دخول المرأة إلى المؤسسة العسكرية هو دخول فولكلوري أم دخول كامل؟ يعني هل يمكن للمرأة أن تتولى منصب قائد مدفعية؟ أو قائد لقوات القتالية؟ أو مسؤولة عن سلاح الجو؟ أو طيار قتالي؟ هل يمكن أن تتولى مهمة الإغارة على أهداف عسكرية؟ وغيرها من المهام التي تقتصر حاليا على الرجال.
البعض يعطي الإمارات مثلا عندما وجهت طائرة بقيادة امرأة ضربات جوية عسكرية على أهداف لما يسمى بتنظيم الدولة. بينما طرح البعض الآخر ذلك في سياق قد يكون على خلفية محاولة تظهير صورة أخرى للصورة التي حاول تنظيم الدولة الإسلامية تظهيرها عن الإسلام، بحيث جاءت الضربات الجوية بمشاركة امرأة، خطوة يتيمة لدولة ليس في سجلها الدخول في معارك عسكرية قبل حرب اليمن.
لكن المتعارف عليه أن دخول المرأة إلى السلك العسكري حيث وجد في العالم العربي، اقتصر على مهام التمريض والمهام الإدارية.
المتعارف عليه أن دخول المرأة إلى السلك العسكري حيث وجد في العالم العربي، اقتصر على مهام التمريض والمهام الإدارية.
ففي الجزائر مثلا استؤنف دخول المرأة في الجيش عام ٢٠٠٦ لكنها استُبعدت عن الوحدات التي تؤدي مهام قتالية. تجربة العراق شبيهة بتجربة الجزائر مثلا فقد انخرطت المرأة بالجيش وفتح المجال لخريجات كليات الطب والصيدلة والعلوم والتمريض ولكن مع بداية الحرب العراقية الإيرانية عام ١٩٨٠ تم إيقاف منح الرتب للنساء وهو أمر لم يستأنف إلا بعد سبعة وعشرين عاما.
في لبنان مثلا وبعد فتح المجال أمام النساء عام ٢٠٠٨ لم تسجل نسب الدخول إلا ٥ بالمئة، لكن لم يظهر للمرأة أي صورة مثلا في مواقع حدودية متقدمة أو عند الحواجز العسكرية أثناء تنفيذ مهام محددة أو عند وقوع إشكالات تستدعي تدخل الجيش الخ من المهام العسكرية والقتالية.
ليس فقط دخول المرأة للجيش استحوذت على نقاش دنيانا هذا الأسبوع إنما اتسع النقاش ليطال العلاقة المريبة التي تربط المواطن العربي بالمؤسسات العسكرية بعد أن شكلت مصدر قمع له في الكثير من الأحيان والدول.
المصدر: البي بي سي