سجال حول اتفاقية عربية عمرها 42 عامًا تمس بحقوق النساء في لبنان
علا الصراخ في جلسة اللجان النيابية المشتركة التي انعقدت الخميس الماضي، عندما وصل النقاش إلى مشروع قانون يرمي إلى الموافقة على إنضمام لبنان إلى إتفاقية العمل العربية رقم 5 لعام 1976 بشأن المرأة العاملة. ما الذي حصل داخل الجلسة بين كل من النائبة بولا يعقوبيان والوزير جان أوغاسبيان والنائب علي عمار، الذي اعتبر أنّ عدم توقيع الإتفاقية بمثابة مؤامرة غربية تمس بالدستور اللبناني وبدور لبنان كعضو في جامعة الدول العربية. وما سبب نبش مجلس النواب لإتفاقية عمرها إثنيا وأربعون عامًا على وضعها؟
مصدر نيابي شارك في جلسة اللجان كشف أنّ النواب تفاجأوا بالإتفاقية وقد هبطت على اللجان النيابية المشتركة بعد كل تلك السنوات، ومن دون أن تمر على اللجان المختصة قبل أن تصل إلى اللجان المشتركة ، قائًلا “لم نفهم لماذا تمّ إدراجها على جدول الأعمال، وكيف خطرت على بالهم بعد كل تلك السنوات ليوضح “أعتقد أنّ وضعها على الجدول كان خطأً تقنيًا أو سوء إدارة في التحضير لجدول الأعمال من قبل رئيس الجلسة نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، بصرف النظر عن السجال الذي أحدثه النائب علي عمار وما تضمن من حفلة مزايدات بالعروبة “.
الخطأ بدأ من الحكومة عندما أرسلت مشروع الإتفاقية إلى مجلس النواب. والإتفاقية المذكورة تمنح المرأة العاملة حقوقّا عديدة وتحجب أخرى ولا تنسجم في مضمونها مع قانون العمل اللبناني. فعلى سبيل المثال في المادة السابعة منها تنصّ على “عدم جواز العمل ليلًا للنساء “بصرف النظر عن المهنة وما إذا كانت تستلزم العمل ليلًا كالتمريض، “وتستثني من ذلك الأعمال التي يحدّدها التشريع ليلًا” . وتصبح الإتفاقية ملزمة لكل دولة عربية بمجرد تصديقها والموافقة عليها كما ورد في المادة 22 منها.
المادة السابعة منها تنصّ على “عدم جواز العمل ليلًا للنساء “بصرف النظر عن المهنة وما إذا كانت تستلزم العمل ليلًا كالتمريض
وبعدما تبيّن للنواب أنّ الإتفاقية تخطّاها الزمن، طلب الفرزلي التصويت على غض النظر عن هذا القانون وهذا ما حصل فعلًا. ” فكيف يمكن التصديق على اتفاقية تتضمن عددًا من المواد التي تعيدنا إلى الخلف في مجال حقوق المرأة”.
يعقوبيان وقبل إسقاط الإتفاقية بالتصويت تحدثت معترضة ووافقها معظم الحاضرين، وإن كان اعتراضها متوقعًا وطبيعيًا، بدت مداخلة النائب علي عمار وكأنّها لنائب من كوكب آخر يتحدث في برلمان بلد آخر، بحسب توصيف أحد الحاضرين. وبعشرين دقيقة شرح عمار وجهة نظره ما خلق سجالًا داخل الجلسة، بحيث اعتبر أنّ رفض لبنان لهذه الإتفاقية بمثابة رفض للقيم العربية ومسّ بالدستور اللبناني، مشيرًا إلى مخطط كبير لإدخال قيم غربية إلى المجتمع اللبناني.
وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان أوضح أنّ الإتفاقية تتضمن أكثر من بند مقيّد لعمل المرأة و”لبنان وقّع عام 1996 على اتفاقية “سيداو” الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة والصادرة عام 1979، وتتضمن بنودًا متناقضة ومتعارضة مع الإتفاقية العربية. ونحن كوازرة قدّمنا مشاريع قوانين بشأن المرأة وحقوقها في العمل وغيره، وبالتالي إرتأينا أن نغض النظر عن الإتفاقية العربية”.
أنّ الإتفاقية تتضمن أكثر من بند مقيّد لعمل المرأة و”لبنان وقّع عام 1996 على اتفاقية “سيداو” الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة والصادرة عام 1979
واستغرب أوغاسبيان الحجم الذي أخذته هذه المسألة “بحيث أصبحنا في مكان آخر لجهة تصوير رفضها على أنّه خروج من الجامعة العربية واستهداف للطوائف في لبنان، وللمادة التاسعة من الدستور والتي تعنى بصلاحيات الأحوال الشخصية للطوائف. البلد مريض ونفتعل قضية من لا شيء ما بدا هلقد، الإتفاقية لم تعد صالحة لزمننا “.
صحيح أنّ الإتفاقية العربية تلك لا تستحق كلّ هذه الضجة منّا كلبنانيين منشغلين بهمومنا وقضايانا وما أكثرها وأعقدها، ولكن الصحيح أيضًا أنّ ما حدث داخل قاعة اللجان المشتركة مؤشرٌ سلبي على انقسام رؤى المشرّعين ومقارباتهم للتشريعات المتعلقة بحقوق المرأة.
وقالت مصادر تابعة لحزب الله أن موقف النائب علي عمار الرافض لتعديلات على قانون المرأة يمثله ولا يمثل الحزب.