مؤتمر نساء رائدات: رياشي يصف الكوتا بالمهينة وعيسى يعظ النساء ويطلق تعميمات مهينة بحقّهن
لم يعد بخاف على أحد أن المشاركة النسائية في الحياة السياسية في لبنان هي الأدنى عالميًا. فالمرأة ممثلة في البرلمان الحالي بنسبة 4.6% من مجمل نواب الأمة ما يؤكّد على وجود هوّة في التمثيل الجندري، حيث أنه وبالرغم من ترشّح 113 إمرأة للإنتخابات النيابية 2018 وصلت ستّ منهن فقط إلى الندوة البرلمانية.
إنطلاقًا من هذا الواقع، أطلقت جمعية نساء رائدات دراسة معمّقة أعدتها حول التحديات والعوائق التي واجهت 100 امرأة مرشحة (66 منهن مستقلات أو منتسبات لحزب سياسي ترشحن وفزن أو خسرن في الإنتخابات و34 مرشحة محتملة أي عزفن عن الترشح أو لم ينضوين ضمن لائحة) إلى الإنتخابات النيابية 2018 وذلك بدعم من السفارة الهولندية.
وقد عرضت الدراسة لأبرز المشاكل التي واجهت النساء المرشحات من بينها التلاعب بالنتائج الإنتخابية، الإهانات الموجهة للمرشحات في مراكز الإقتراع، منع مندوبين لبعض المرشحات من الدخول إلى مركز أو قلم الإقتراع، عرقلة وصول بعض المرشحات لمراكز الإقتراع، المبالغ المالية العالية التي تطلّبتها الحملات والإطلالات الإعلامية حيث أعلنت 70% من المشاركات في الدراسة أنهن دفعن أقل من 30000$ في الإنتخابات مقارنة بالمبالغ الضخمة التي أنفقها باقي المرشحين، الإنضواء في لوائح حيث أعلنت 90% من المرشحات أنهن لم يقدمن تنازلات للإنضمام للائحة إنتخابية… وخلصت الدراسة كذلك إلى أن القانون الإنتخابي الجديد غير عادل وهو مصمم خصيصا لتلبية طموحات الأحزاب والسياسيين، وقد أثبتت إنتخابات هذا العام أن الأحزاب السياسية كانت مهتمة فقط بوجود نساء مستقلات على لوائحها الإنتخابية من دون أي هدف بتحسين وضع المرأة السياسي خاصة الحزبيات، علمًا أن المرشحات المستقلات اللواتي تحالفن مع أحزاب أثناء الانتخابات أعربن بوضوح عن عدم إهتمامهن بالإنضمام إلى هذه الأحزاب نفسها بعد الإنتخابات. وأضافت الدراسة “يمكننا الإستنتاج أن إشراك النساء في لوائح الأحزاب كان في أيدي رؤساء الأحزاب السياسية فقط. وتحتاج النساء الحزبيات إلى إعادة النظر في إستراتيجياتهن الحزبية والعمل على إتباع نهج جديد يعزز السياسة الجندرية في الحزب”. ويبقى المؤشّر الأكثر باعث للأمل هو إعلان 100% من المرشحات الفائزات دعمهن وتبنيهن لقضايا النساء، بالإضافة إلى تأكيد 60% من مرشحات العام 2018 عزمهنّ على الترشح لإنتخابات 2022.
ولكن أفضل تعبير عن واقع وعوائق مشاركة النساء السياسية كانت التصريحات التي لم تخلو من التمييز والتنميط الجندري التي أطلقها بعض المشاركون في الطاولة الحوارية التي تلت الإعلان عن نتائج الدراسة التي أدارتها جويل أبو فرحات، العضوة المؤسسة في نساء رائدات، وضمت كل من النائب عن حركة أمل د. فادي فخري علامة، وزير الإعلام الأستاذ ملحم رياشي، معالي وزيرة المال السابقة ريّا الحسن، السيدة فاتن يونس، المديرة العامة لشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية والبلديات، السيد بيار عيسى، أمين عام حزب الكتلة الوطنية، والسيدة لارا فاضل زلعوم، المديرة التنفيذية لقسم الأخبار في المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI. ففي حين عبّرت يونس عن إنحيازها للنساء وإلتزامها بتنفيذ القانون لضمان نجاح العملية الإنتخابية مع إبداء تحفظاتها على بعض مواد القانون التي تعتبر عائقًا أمام النساء وكشفها عن قيامها بإعداد إقتراح لتعديل القانون تسعى لتقديمه إلى مجلس النواب، علّقت زلعوم على إرتفاع رسوم الظهور الإعلامي بالتأكيد على أن أصل المشكلة هي بالقانون وليس بالإعلام “القانون سمح لوسائل الإعلام الإستفادة من رسوم الظهور لذا نحن عملنا تحت سقف القانون”، مشدّدةً على عمل مؤسستها على تحييد قسم الأخبار عن هذا الموضوع “لم نعط لأحد من المرشحيين خاصةً السياسيين فرصة الظهور في الأخبار لتظهير نفسهم سياسيًا”. من جهتها، رأت الحسن أنه “في آخر عشر سنوات أصبح هناك تغييرات وتقبّل أكبر لمشاركة النساء السياسية، وأنا ألاحظ ذلك من خلال التيار الذي أنتمي إليه (تيار الستقبل)، فعندما تم تعييني وزيرة للمرة الأولى لم تكن المواقف في غالبيتها إيجابية، أمّا اليوم هنالك تغيّر بالذهنية حيث نرى قبول أكتر وتقدم أوسع للنساء”.
أمّا أبرز المواقف التي أثارت حفيظة الحاضرات في المؤتمر فكانت إعتبار الوزير رياشي الكوتا إهانة للنساء، وتأكيد النائب علامة على نظرية أولوية الدور الرعائي للنساء على حساب دورهنّ السياسي والعام “ما فينا نهمل الأسرة ونسمح لإنخراط المرأة بالسياسة أن يؤثّر على توازن وحماية الأسرة”، إذ علّق أحد الحاضرين “ماذا لو سألنا سعادته كيف يوفّق بين عمله وأسرته”. وفي الوقت الذي علّقت فيه إحدى الحاضرات على الإضافة والمغزى وراء مشاركة بيار عيسى في هذا النقاش، خاصةً وأن مداخلاته كانت بعيدة كل البعد عن موضوع الحوار وتركّزت على الترويج لإنجازاته ولحزبه، ففي الجملة الوحيدة التي تحدث فيها عن دور النساء، سمح الأخير لنفسه بلعب دور الواعظ والمرشد وأطلق تعميمات مهينة للنساء ودورهن، حيث قال: “النسوان عندهن ظاهرة، بيترددوا بأخذ القرار وما بطالبوا بحقوقهن… خذوا المسؤولية لأن المسؤولية بتتاخذ ما بتنعطى، طالبوا بحقكن لتفرضوا إحترامكن”!