في أرياف تونس المساواة في الميراث نادراً
يثير مشروع قانون المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة جدلا واسعا في تونس التي ينص قانونها المستند للقرآن على أن ترث المرأة ثلث ما يرث الرجل.
وامتد الجدل ليصل الى داخل المناطق الريفية (الزراعية) حيث الحظوظ نادرة أمام المرأة في تقاسم الميراث مع الرجل.
تقول لطيفة وهي عاملة زراعية مطلقة، منتقدة وضع حقوق المرأة بمنطقة الشمال الغربي التونسي “لو لم يمنحني والدي قطعة الأرض هذه، لما استطعت العيش، ونادرا هنا ما ترث المرأة قطعة أرض”.
وبنت لطيفة البوسليمي بعد أن طلقت زوجها منزلا بثلاث غرف على أرض منحها أبوها تتوسطها ساحة وغرست فيها شجرتي تين ورمّان كما زرعت حقلا صغيرا من الخضروات وتربي بضع دجاجات تعينها بالاضافة الى مدخولها اليومي المقدر بعشرة دنانير (3 يورو) تجنيها من عملها في المزارع الممتدة على طول النظر في منطقة جندوبة.
يطلب الاخوة (الرجال) من الأب ان يمنحهم الميراث لكي يبقى على ملك العائلة ولا يذهب للغريب”.
تتحدث لطيفة الأربعينية وابتسامة أمل ترتسم على وجهها في أن يتركها اخوتها تهنىء بعد ممات والدها ببضعة مئات الأمتار المربعة التي ورثتها “لقد منحني ايها أبي ومن المفترض ان تكون نصيبي من الميراث”.
تضيف لطيفة وهي أم لبنتين “هذه الأرض لي، أنا البكر لم أتعلم لأني كنت مجبرة على رعايتهم” (الاخوة)”.
ويملك والد لطيفة قطعة أرض تمتد على أربعة هكتارات وله ثلاثة أولاد وخمس بنات (بما فيهم لطيفة) وترث لطيفة تبعا ثلث نصيب أخوها أي حوالي 3500 مترا مربعا وهذا نادرا ما يحدث في المناطق الريفية. وتعتبر لطيفة محظوظة مقارنة بجارتها صخرية البوسليمي التي لم ترث سوى بضعة أمتار مربعة مع اخوتها الخمسة الذين بنوا منازلهم على أرض العائلة الصغيرة.
وتقول صخرية والتي تعمل في ضيعات الناحية لاعالة أبنائها وزوجها المريض “ماذا يمكن أن نفعل بحصتنا؟ بالكاد 13 مترا مربعا”. توضح لطيفة “يطلب الاخوة (الرجال) من الأب ان يمنحهم الميراث لكي يبقى على ملك العائلة ولا يذهب للغريب”.
إن غياب المساواة في الميراث متجذر “في التقاليد الأبوية” وتشرّع أحيانا بالاستناد للخطاب الديني لتصبح المرأة أكثر ضعفا.
يقول محرز الصخري، أحد رؤساء لطيفة في العمل “أنا أخدم هذه الأرض من الطبيعي أن أملك أكثر من اخوتي”، متابعا ” لست مقتنعا بهذا القانون…هذا ما سمعناه من أجدادنا، ربما تتغير الأوضاع في 2040 ولكن ليس الآن”. يضيف محرز بينما تراقبه العاملات من حوله وهن يجمعن البازيلا “على هذه الشاكلة ورثنا الأرض”.
غير أن محمد والد محرز يريد تقسيم الثلاثين هكتارا التي يملكها بالتساوي بين أبنائه وبناته اللاتي “يحبهن كثيرا”، قرار يعتبره محرز لا يستند للدين.
ويتابع محرز “العديد من الناس يطالبون بثلثي الميراث مستندين للقرآن، ولكن حين يجب التصدق ب10 في المئة لا تجد أحد”.
وترى الخبيرة في القانون سناء بن عاشور ان غياب المساواة في الميراث متجذر “في التقاليد الأبوية” وتشرّع أحيانا بالاستناد للخطاب الديني لتصبح المرأة أكثر ضعفا.
وتضيف بن عاشور “في أماكن عدة في تونس لا تستطيع النساء نيل حقوقهن المنقوصة من الميراث في الأرض والمسكن خاصة”.
وتخلص الى ان “أمامهن فقط العمل، حين تمرض أو تتقاعد وتصبح دون مدخول تكون حياتهن هشة”.