“الضريبة الوردية”: لماذا تدفع النساء أكثر من الرجال؟
بينما تتواصل المساعي الدولية الرامية إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، يكرّس القطاع الإنتاجي وجه آخر للتمييز المبني على أساس الجنس. فبلمحةٍ سريعة على قسم منتجات العناية الشخصية في أحد المتاجر، نلحظ أن أسعار المنتجات “الوردية”، أي المخصصة للنساء، أكثر ارتفاعاً من الأخرى، رغم توافق مميزاتها. إذ تدفع النساء أحياناً أكثر من الرجال مقابل السلع نفسها، لمجرد أنها وردية اللون، رغم أنه ما من مؤشر جينيّ أو علميّ لعلاقة هذا اللون بالمرأة، بل انها نتيجة موروثات ثقافية. وهذا ما يعرف بـ “الضريبة الوردية”، التي تحدّد وفقاً لجنس المستهلك.
ما هي الضريبة الوردية؟
انتشر مصطلح “الضريبة الوردية” أو “ضريبة النساء” سنة 1996 في الولايات المتحدة من قبل مجلة “فوربس”، التي أظهرت أن النساء في ولاية كاليفورنيا ينفقن في المتوسط 1351 دولاراً كل سنة أكثر من الرجال مقابل منتجات العناية الشخصية نفسها، كشفرات الحلاقة، الشامبو، مزيل العرق، والعطور وغيرها.
أن منتجات الشعر المخصصة للنساء تباع بسعر يزيد 48 في المائة من تلك المخصصة للرجال
ووفقًا لدراسة أجراها مكتب شؤون المستهلكين في مدينة نيويورك في نهاية 2015، ونشرت على موقع nyc.gov، ظهر أن منتجات الشعر المخصصة للنساء تباع بسعر يزيد 48 في المائة من تلك المخصصة للرجال. الدراسة قارنت بين 800 منتج يخصص منها أنواع للنساء وأخرى للرجال، وتتبع هذه المنتجات 90 علامة تجارية مختلفة تباع في مدينة نيويورك.
أما في فرنسا، فإن النساء الفرنسيات تنفقن حوالي 770 يورو في السنة أكثر من الرجال، وفقاً لمجلة “Mademoiselle”. كما أن هذا التمييز لا يقتصر على البالغات فقط، إذ انه يشمل الطفلات أيضاً. فملابس الأطفال للفتيات أغلى من ملابس الذكور بنحو 13 في المئة ولعب الأطفال للبنات أكثر كلفة بنحو 11 في المئة من لعب الذكور، حتى ولو كانت ألعاب مناظرة، إلا باختلاف ألوانها التي تميل إلى الألوان الزاهية.
لماذا تطال هذه الضريبة النساء فقط؟
زار موقع “شريكة ولكن” بعض المتاجر وأجرى مقارنة بين مجموعة منتجات، ليثبت ما ورد، إذ أن ثلاث شفرات حلاقة بعبوة زرقاء مثلاً، يبلغ سعرها 7500 ليرة لبنانية. بينما تبلغ الوردية اللون من الشركة المنتجة نفسها 10,500 ليرة. وقس على ذلك الكثير، مما يؤكد وجود هذه الضريبة في لبنان.
كما لوحظ أن أصحاب هذه المتاجر وضعوا بعض المنتجات المخصصة للنساء، والتي غالباً ما تكون بألوان أنثوية كاللون الوردي، البيج، أو بألوان الباستيل، بجوار الإصدارات الذكورية، التي يغلب على عبواتها اللون الأسود أو الأزرق والأخضر، ليتم التمييز بينها. إلا أن المتاجر الضخمة تضع المنتجات النسوية متباعدة عن تلك الرجالية، حتى لا يثير ذلك شكاً حول وجود فرق في السعر.
ثلاث شفرات حلاقة بعبوة زرقاء مثلاً، يبلغ سعرها 7500 ليرة لبنانية. بينما تبلغ الوردية اللون من الشركة المنتجة نفسها 10,500 ليرة
يرجع خبراء الاقتصاد التسعير المبني على الجنس إلى عدة أسباب. أولها، الدراسات العلمية المرتبطة بالتجارة، والتي تظهر اهتمام المرأة بالشكل الخارجي للمنتج، مما يدفع الشركات المنتجة إلى بذل مجهود إضافي على التغليف والتعليب، وبالتالي تكبد كلفة إضافية.
ثانياً، فإن الشركات المتوجهة للنساء تفوق تلك التي تقدم منتجاتها للرجال. وعليه فإن المنافسة بين الشركات الأولى مضاعفة، مما يلزمها بالتوجه إلى التسويق والإعلانات لزيادة نسبة مبيعها. وعلى المرأة تحمّل تلك التكلفة!
بالإضافة إلى أن أسباب فرض “الضريبة الوردية” على المرأة لا تبدو منطقية. فإن القوانين أيضاً، كما اعتدنا عليها دائماً، لا تصب لصالح النساء. إذ انه لا يوجد قانون تجاري يمنع التجار من بيع المنتج بأسعار مختلفة تبعاً للجنس. وهذا ما دفع العديد من النساء في أوروبا وأمريكا لرفع أصواتهن والاحتجاج على التمييز ضد المرأة، الذي لم يسلم منه القطاع التجاري حتى. فمتى نشد مثل هذه الحملات في لبنان؟