الإغتصاب الزوجي: جريمة بلا عقاب
يكفي أن تلفظ مصطلح” الاغتصاب الزوجي” بين مجموعة من السيدات حتى تسمع ضحكاتهن الرنانة المستهزئة بالمصطلح في حضرة المجموعة، وخلف الضحكات حكايات على انفراد مع “شريكة ولكن”.
خلف الجدران…حكايا!!
لا تذكر “هبة” ابنة الخمسة والعشرين عاماً في ليلة زفافها سوى كلمة واحدة من وصايا أمها “عملي يلي بده ياه”، لم تتجرأ حينها أن تسأل “هو رح يعمل يلي بدي ياه”؟ على حد تعبيرها، تشير أن زوجها لا يهتم لرغبتها بوقت ممارسة الجنس معه وهي مجبرة لا تستطيع الاعتراض أو البوح حتى لأقرب الناس لمساعدتها، لأنه من المحرمات، و”علمتني أمي أن أكون حاضرة عند الطلب”، تضحك هبة وتقول كأني مطعم وجبات سريعة فقط، أما أنا فلا أحد يكترث لمشاعري!
تشير الدكتورة ميلانة زين الدين الاختصاصية النفسية أن الاغتصاب الزوجي هو أحد أشكال العنف الجنسي الذي يمارس من قبل الزوج، ضد زوجته وهو سلوك غير طبيعي، وغير متوازن كونه بداية لا يراعي مشاعر الطرف الآخر في العلاقة الزوجية، وتتابع الدكتورة ميلانة أن هناك مراحل للعنف الجنسي الزوجي بأعلى درجاته متمثل بالسادية، وبدرجة أقل خطورة هو الاغتصاب الزوجي، المتمثل بحالة “هبة”.
يعرف القانون السوري الاغتصاب عموماً في المادة(489) من قانون العقوبات/ أنه كل من أجبر أنثى على فعل بغير رغبتها “ماعدا الزوجة”/، وتقول الدكتورة المحامية هديل عقرباني أن القانون السوري لا يعاقب من يغتصب زوجته والنص صريح، ” وهنا نقصد الاغتصاب أي إجبارها على ممارسة الجنس مع عنف لفظي مثلاً، ولا نقصد السادية”، ولم تصل للمحاكم السورية أي حالة عن الاغتصاب الزوجي، كما تشير المحامية هديل أن بعض الدول العربية تدرس اليوم موضوع تجريم اغتصاب الزوجة لكن كلها ماتزال دراسات، وبانتظار أن تتحول لقرارات تؤخذ باسم الشعب في قاعات المحاكم.
زوجها لا يهتم لرغبتها بوقت ممارسة الجنس معه وهي مجبرة لا تستطيع الاعتراض أو البوح حتى لأقرب الناس لمساعدتها
اتفاق الأديان .. وتحايل القانون!!
تتوحد الأديان والكتب السماوية بالدعوة للمحبة، الخير، والسلام، ، وتتوحد أيضاً ببعض تفاصيل العلاقة الزوجية ، لكن لا يوجد في تعاليم أي من الأديان ما يجرم “الاغتصاب الزوجي”، ولا يحق للمرأة أن تشتكي أصلاً، يبينما يتحايل القانون السوري نوعاً ما على مفهوم الاغتصاب الزوجي ويمكن للسيدة أن تطلب التفريق بعلة “الضرر والشقاق”، وفيما يخص حقوق الزوجة تختلف باختلاف الدعوى إن كانت تفريق أو مخالعة وتكون بحضور حكم من أهل الزوجة وحكم من أهل الزوج ، فيما يقررها قاضي المحاكمة الحكم النهائي.
حاضر سيدي!!
تتشابه قصة “نهى عثمان” ابنة الثلاثين عاماً، مع الكثير من قصص النساء السوريات اللواتي أجبرتهن الحرب على الزواج من رجل يكبرها عشرين عاماً في السن بدافع السترة فقط، تقول “نهى”
لا أقول سوى “حاضر”، وإن اعتذرت يوماً عن تلبية رغبته الجنسية ينهال بالشتائم والضرب على وجهي، وأكون مضطرة لأقبل، تعقب ” أقول حاضر سيدي وبلا مشاكل، دقائق وتمضي كما يمضي كل شيء من العمر”!.
تمر المرأة التي تتعرض للاغتصاب الزوجي المخفف إن صح التعبير بعد مراحل من ردود الأفعال على حد تعبير الدكتورة النفسية ميلانة تبدأ بالخوف يليه القلق ويتحول إلى اشمئزاز من نفسها و زوجها ثم نفور
تمر المرأة التي تتعرض للاغتصاب الزوجي المخفف إن صح التعبير بعد مراحل من ردود الأفعال على حد تعبير الدكتورة النفسية ميلانة تبدأ بالخوف يليه القلق ويتحول إلى اشمئزاز من نفسها و زوجها ثم نفور، الذي بدوره من الممكن أن يتحول لردة فعل يدفعها لارتكاب فعل مؤذي أو جريمة ضد زوجها الذي يمارس معها الجنس عنوةً، كما تشير أن الأسباب التي تدفع الرجل لاغتصاب زوجته تبدأ بالتربية المنزلية، أو التجارب الحياتية، أو ما يسمى بعلم النفس “الإشراط” حيث يعتبر السبب الجوهري، ويتمثل في تعرض الشخص لتعذيب أو تحرش في الصغر أوصله للذة بالعنف، وهذا يكون في عقل الزوج الباطني .
لا إحصائيات رسمية أو حتى مجتمعية عن حالات الاغتصاب الزوجي، الذي يبقى حبيس جدران الغرف الزوجية، أو ربما يقتحم المفهوم حديث جلسة نسائية، ليكون مجرد ” فشة خلق”.