نسويتي الاولى!
أحبها في جميع أشهر السنة، ولكن لآذار وقعه الخاص. في هذا الشهر عيد الماما وعيد النساء، وهي نسويتي الأولى!
ربما لم تقرأ أمي يوماً لسيمون دي بوفوار، أو تطلّع على كتابات جيرمن غرير. أمي لا تعرف من هي فريدا، ولم تستمع للقاءات نوال السعداوي.
ولكن إليكم\ن قصة أمي نسويتي الأولى:
وحدها، تولّت تربية ثمانية أطفال ( خمس فتيات وثلاثة فتيان) دون تمييز.
علّمتني التواضع، الحب، العطاء وأيضاً…علمتني ان اكون قويّة، وأدافع عن الحق وألاّ أتنازل عنه مهما كان.
علمتني التضامن، وهي طبعاً لا تسميه تضامناً نسوياً، بل تعتبر أنه أقلّ ما يمكن أن نقدمه بعضاً لبعض كنساء.
لا أذكر يوماً أمي تتحدث عن أحد إلا بالكلمة الطيبة، ولكنها في نفس الوقت لا تتوانى عن إعطاء رأيها الصادق بأي موضوع او أحد.
دائماً داعمة، تناقش، تحلّل، ولكن لا تفرض . تحاول دائماً إخفاء دمعتها عند الإستماع لمشاكلي ( التي لا أشاركها كثيرا )، وتقول أنني “انشاءالله” سأنعم قريباً براحة البال .
عند عوتي من المظاهرات، تستقبلني بضحكة خجولة على وجهها، وتقول “القهوة ع النار” وفنجانك العربي جاهز، “إنشاءالله ما تكوني صرختي كتير”.
ملامح وجهها قوية، عيناها مليئتان بالحنان. أما يداها فقصة أخرى… يدان حملتا أطفالاً وأكياس خضار، يدان عملت لأكثر من عشر ساعات يومياً . يدان أعطت الكثير من دون مقابل ويدان تمسكان بي كلما اتعثر وتساندني للوقوف مجدداً.
هي نسويتي الاولى، فالنسوية بالنسبة إلي هي التضامن مع بعضنا البعض ، والتضامن مع المظلومين\ات في هذا العالم. النسوية بالنسبة إلي هي العدالة الإجتماعية والإقتصادية، هي الحب والعطاء والقوّة. النسوية بالنسبة إلي هي عدم الإقصاء وإصدار الأحكام، هي رفض القمع ضد النساء. النسوية بالنسبة إلي تطوير انفسنا والتقدّم دون التقليل من شأن الآخرين\الأخريات وإنجازاتهم. النسوية بالنسبة لي هي عدم ظلم الآخرين\ات. النسوية بالنسبة لي هي أفعالاُ وليست أقوالًا. النسوية بالنسبة لي تبدأ مع ماما لأنها نسويتي الاولى.