هل تقلب قضية غدير الموسوي الطاولة على قوانين الأحوال الشخصية في لبنان؟
مئات من النساء يعانين يومياً في لبنان بفعل قوانين الأحوال الشخصية الدينية التمييزية، صرخات تزاحمت على أبواب المؤسسات الدينية، الموصدة بأقفال سياسية، لا يسمع صداها إلا من اكتوى بنار الطوائف وتمييزها، ومن حمل قضايا المرأة بحثاً عن نهاية عادلة لها (المجتمع المدني).
حادثة غدير لم تختلف عن حوادث أخرى باستثناء أن والدها نواف الموسوي، نائب ومسؤول في حزبٍ يمسك زمام أمور المحاكم الجعفرية، سبب مأساة غدير ومعاناتها، والإستثناء يطال طليقها حسن المقداد، وهو ابن محمد توفيق المقداد، الذي يشغل منصب مدير مكتب الوكيل الشرعي للإمام الخامنئي، الأمر الذي عكس بشكل كبير واقع المؤسسة الدينية الشيعية الذي وصلت إليه خاصة فيما يتعلق بمسألتي الطلاق والحضانة حيث تصنف الأسوأ بلا منازع .
ما جرى بالأمس في قضية غدير الموسوي، وتهجم طليقها ومطاردته لها على الطريق أثناء توجهها إلى مخفر الدامور كي تقدم شكوى ضده، وتعديه عليها وعلى أطفالها بشكل علني، شكّل علامة فارقة في تغطية الإعلام اللبناني للحادثة، نجح الإعلام في الفصل بين الدين والسياسة وحقوق النساء، وأجبر من يصطاد في المياه السياسية العكرة إلى تصفيتها .
في المرحلة الماضية اعتدنا أن تجيّر قضايا النساء، لصالح السياسة وتصفية الحسابات، على قاعدة المكاسب الشعبية، علماً أننا شهدنا في هذه القضية، أيضا تصفية حسابات سياسية وماراثون، يفوز فيه الأسرع في رمي حزب الله بسهام قديمة جديدة ، واتهامه بالنيل من سلطة الدولة، بعيداً كل البعد عن النيل من كرامة النساء يومياً باسم الدين والطائفة، خاصة مع انتشار برقيّة من آمر فصيلة الدامور العقيد جوزيف غنوم إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي يؤكد فيها أنّ الموسوي اقتحم المخفر برفقة 20 مسلّحاً، وأطلق النار على طليق ابنته.
الجدير التوقف عنده في هذه القضية أيضا، هو التوجه الإعلامي القوي في التركيز على الأب نواف الموسوي بعيداً عن الشخصية السياسية والحزبية، وتحية نشاطه اللافت خاصة في الآونة الأخيرة، ناهيك عن جرأته في كونه المسلم الوحيد مع تسعة نواب آخرين يوقعون/ن على اقتراح تعديل القانون 293/2014 المتعلق بحماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، بعد تعرض ابنته التي كانت “مريضة بالسرطان” للتعنيف من طليقها وحرمانها من رؤية أطفالها مستنداً إلى مركز والده ومن دون أدنى مراعاة لوضع غدير الصحي .
الإعلام هذه المرة قارب الحادثة من باب أنّ كل امرأة هي غدير، ومن باب رفض كل أشكال القيود الذكورية التي تفرضها المؤسسات الدينية على النساء، ونجح في استثمار الحادثة من أجل الدعوة إلى الإسراع في تعديل قانون حماية النساء من العنف الأسري، وتحرير المرأة من قوانين الأحوال الشخصية.
فهل ننجح بفصل الحقوق عن الدين و السياسة وتحرير النساء من قيود الطوائف وقوانين أحوالها الشخصية، أم علينا أن ننتظر تجرّع الطبقة السياسية الكأس المرة عينها، حتى تشعر بوجع النساء في لبنان وتنتصر لحقوقهنّ.