ماذا يريد الإعلام من أنجيلا بشارة؟
ما إن قررت أنجيلا بشارة كسر الحظر الذكوري عليها وممارسة حقّها الطبيعي كإنسانة بالوجود والظهور والتعبير عن نفسها كأي كائن بشري آخر في ظلّ ثورة وسائل التواصل الإجتماعي، حتّى انشغلت وسائل الإعلام بملاحقتها وتحليل كل كلمة تتلفّظ بها وتلفيق أقوال وأفعال لا علاقة لأنجيلا بها لا من قريب ولا من بعيد، أنجيلا قالت، أنجيلا كتبت، أنجيلا نشرت، أنجيلا تنفّست، أنجيلا خرجت من غرفة نومها… ولا تستبعدوا\ن أن يأتي يوم ينشر فيه موعد دخول أنجيلا إلى المرحاض! تارةً يعنون البعض بأنها “تستعرض جمالها” وأنها “جميلة ومثيرة” وطورًا يحلّل بأنها “تلجأ للرسائل المبطنة” وتعمل على “تشويه صورة النجم وائل كفوري” وأحيانًا أخرى يروّجون إلى أنها تعتزم على مقاضاته بتهمة العنف الأسري وبأنها تحضّر “لخطّة إنقلاب ما” بدعم من منظمة نسائية…
غريب بعض هذا الإعلام الذي إعتاد التملّق لأصحاب السلطة والنفوذ والشعبوية وواظب على نصرة ومغازلة الظالم عبر جلد الضحية. ألم يسأل هذا الإعلام نفسه عن تأثير كل هذا العهر الأصفر على حياة هذه المرأة، التي تدعى بالمناسبة أنجيلا بشارة، وليس “طليقة وائل كفوري” كما يحلو لهم\ن تسميتها؟ ألم يخطر لهؤلاء الثمن والألم الذي يمكن لأنجيلا وبناتها أن تدفعه لقاء تلفيقات تخدم سكوب إعلامي من هنا وفضيحة من هناك و”النجم الكبير البطل المنتصر” الذي لا ينقصه لا المال ولا الشهرة ولا السطوة الذكورية ليخرج بعد كل أفعاله رجل مسكين مطعون بحقيقته؟
هذا الإعلام الذي إنتظر ظهور أنجيلا جورج بشارة، ابنة عكار المولودة في الولايات المتحدة الأميركية، إلى العلن لم يسأل نفسه يومًا بأيّ حقّ يقوم فنان بإخفاء زوجته عن العالم لمدّة تسع سنوات وكأنّها واحدة من ممتلكاته يفعل بها ما يشاء ساعة يشاء، والأسوء أنه إستمرّ بتبرير ذلك بحجّة أن وائل كفوري “فنان غامض حريص على أن يعيش حياةً هادئة مع عائلته” وأن “ذلك يبقى في نطاق حريته الشخصية” وأنّه من حقّه “إبعاد حياته الشخصية عن الكاميرات” حتى لو كان ذلك على حساب طمس وجود إنسانة أخرى بالكامل حتّى داخل منزله الذي كان يقسم إلى طابقين، طابق له ولأصحابه وطابق “للحرمة التي يمتلكها” والممنوع عليها مواجهة أحد من زوّار “السلطان”. هذا الإعلام لم يسأل نفسه بأي حقّ يمنع وائل كفوري زوجته من إكمال دراستها أو زيارة عائلتها أو إستقبال ضيوف أو أصحاب؟ لم يسأل بأيّ حق يقوم رجل متزوّج بلعب دور “دونجوان عصره” في العلن مع فنانات وإعلاميات وغيرهن دون إيلاء أدنى أهمية لمشاعر زوجته التي جلّ ما تستطيع فعله الجلوس أمام شاشة التلفاز ومشاهدة إستفراغه الذكوري في إحدى الحلقات التلفزيونية على الهواء وأمام ملايين الناس دون أي إعتبار لوجودها وكرامتها؟ لم يسأل هذا الإعلام بأي حقّ يجبر كفوري زوجته على الإمتثال لأوامره بعدم التصريح عن خبر طلاقهما، ثم وبطريقة مهينة وبقرار آحادي يرتأي أن يعلن الخبر عبر صديقته الإعلامية ريما نجيم وبطريقة لا تليق بعشرة تسع سنوات مع إمرأة آثرت تحمّل “جنونه” حفاظًا على ما تبقى من حبّ وثمرته؟
مشكور هذا الإعلام على إهتمامه اليوم بنقل روايات حول تعنيف وائل كفوري لزوجته السابقة والتهافت على السعي للحصول على الصور التي تثبت ذلك، ليس نصرةً لأنجيلا بل بهدف إصطياد سبق صحافي من شأنه رفع نسب المشاهدة لهذا الموقع أو تلك الصحيفة. لهذا الإعلام المهووس بالفضائح أقول، وبعدما طفح الكيل من التلفيقات، نعم “ملك الرومانسية” معنّف، ونعم هناك صور وتقارير وأدلّة تثبت إعتداءه بالضرب بشكل همجي على زوجته، هذا عدا عن العنف المعنوي المستمر والمرعب، نعم هذه الإمرأة تختزن الكثير من الوجع والأسرار التي وإن كشفت من شأنها أن تعرّي “محبوب الجماهير”. وما شعور كفوري بعدم الارتياح خلال الفترة الأخيرة، وتخبّطه الذي ظهر جليًا في أكثر من إطلالة له، وهروبه من الإعلام تجنبًا لسؤاله عن أزمته مع طليقته، وقيامه بتوجيه إنذار قانوني لأنجيلا يمنعها فيه من التصريح بأي معلومات تتعلّق بحياتهما الخاصّة إلّا دلائل على أن الخافي أعظم وأن “الزحلاوي” بات يخشى كشف المستور.
في الخلاصة، يبقى المؤكّد بأن أنجيلا لا نيّة لديها البتّة، على عكس ما يروّج البعض، بأن تقاضي كفوري بتهمة العنف الزوجي، أو أن تنشر أي وثائق وأدلّة حول ذلك، أو أن تشهّر بطليقها بأي وسيلة، لأنه وبحسب أنجيلا “ميشيل وميلانا أوّلًا” و”هوي الله يسامحو”. معركة أنجيلا القضائية اليوم تصبّ فقط في مصلحة تحصيل حقوق طفلتيها في العيش الكريم، هاتين الطفلتين اللتين إرتضى والدهما المقيم في قصره العاجي بأن تعيشان ووالدتهما في منزل من ثلاث غرف غير مستوفي لأدنى مقومات الراحة.
أمّا حياة أنجيلا الخاصة وما تنشره على “الإنستغرام” وغيره فهذا شأنها الخاص، وحقّها كأي إمرأة أن تنشر ما تفكّر به أو ترسل ما تريد من رسائل خاصة لأي كان، وحقّها أيضًا بالخصوصية بعيدًا عن المراصد والتأويلات الإعلامية. أنجيلا اليوم إمرأة حرّة من حقّها أن تقرّر مسار مستقبلها بعيدًا عن “طليقها النجم”، من حقها أن تعرض صورها أو أن تناصر حقوق النساء أو أن تصنع ثورة… أمّا الإعلام فعليه فقط أن يترك أنجيلا بشارة وشأنها!