زورّ تقارير طبية تثبت أنها مضطربة عقليا ليمنعها من حضانة ولديها… هذه تفاصيل حكاية منى عبد الوهاب
في كل لحظة، وعند كل زاوية من زوايا الطوائف في لبنان، تجد امرأة وأماً مظلومةً، يتفنن قضاة الطوائف في ظلمها فقط ليؤكدوا في كل لحظة أن الرجل قوام على المرأة، وهذا الواقع أشارت إليه هديل فرفور في صحيفة “الأخبار”، عندما سلّطت الضوء على حجم الانحياز الكبير للقضاة واصطفافهم ضد النساء، فسردت رواية منى عبد الوهاب (35 عاماً) وهي أم حُرمت من رؤية ولديها يكبران أمام عينيها، عُمر الإبن البكر سنتين ونصف سنة (نحو 11 عاماً الآن) فيما كان عُمر صغيرها لا يتجاوز العشرة أشهر (نحو تسعة أعوام)، علماً أنه يحقّ لها شرعاً الإحتفاظ بهما حتى سنّ الـ12 عاماً.
أكثر من أربع سنوات حرمت خلالها منى من رؤية ولدَيها، في قرار استند فيه القاضي الشرعي في محكمة بيروت الشرعية السنية الشيخ محمد النقري بتاريخ 11/1/2012، بناءً على تقرير طبي قدّمه طليقها يُفيد بأنها تعاني من «فُصام ذهني»، مُتجاهلاً تقارير أخرى لأطباء مُحلّفين لدى المحكمة تجزم بأن عبد الوهاب لا تعاني من أي أمراض عقلية أو أي إضطرابات نفسية أو عصبية.
بعد شهر، بتاريخ 11/2/2012، استأنفت عبد الوهاب القرار وأرفقت طلب استئنافها بتقريرين صادرين عن طبيبين محلّفين؛ يخلصان بأنها تتمتع بكامل قواها العقلية والجسدية ولا يوجد في سيرتها ما يدلّ على إصابتها بإضطراب عصبي أو نفسي أو عقلي، ورغم إبراز هذه الوقائع، فإن محكمة الإستئناف التي كان يرأسها المفتي الحالي الشيخ عبد اللطيف دريان ردّت طلب عبد الوهاب بتاريخ 11 تموز 2012، معتبرة أن تقريري الطبيبين يقابلهما تقريران آخران قدّمهما طليقها يثبتان عكس ذلك.
لم تيأس عبد الوهاب بعد صدور قرار الإستئناف. قرّرت اللجوء إلى «حيلة» جديدة تضمن لها رؤية طفليها، فوكّلت والدتها تقديم دعوى لحضانة الطفلين كونها جدّتهما. وبالفعل، أصدر رئيس المحكمة الشرعية السنية في صيدا القاضي محمد هاني الجوزو، بتاريخ 21/12/2013، قراراً قضى بمنح الحضانة للجدة لأنّ «أمّ الأم هي في الدرجة الثانية بعد الأم في ترتيب الحاضنات»، و«حيث أن التقارير (…) لم تُثبت أن ابنة المدعية تُشكّل أي خطر على ولديها».
المُفارقة أن عبد الوهاب تقطن مع والدتها، ما يعني أن «الخطر المُفترض» الذي أشارت اليه محكمة الإستئناف لم ينتفِ، ومع ذلك أعطيت الجدّة الحضانة! نُفّذ قرار الحضانة عام 2015 وبقي الطفلان مع جدّتهما لمدة سنتين فقط لأنهما كانا قد بلغا العمر المسموح لحضانة الجدات وهو سبع سنوات. بعدها طالبت عبد الوهاب القاضي نفسه بالحصول على الحضانة، إلا أنه قرّر منح الحضانة للأب بسبب «عدم أهلية الأم» علما أنها كانت تقطن مع الطفلين طوال سنتين!
واللافت أنه في كل مرّة كانت تلجأ فيها عبد الوهاب إلى القضاء لتصرّ على حقها في الحضانة، كانت تواجه صدّا من القضاة الذين رفضوا ما أسماه بعضهم «كسر قرار الإستئناف». حتى أن أحد المدعين العامين في النيابة العامة في بيروت قال لها حرفياً: «كيف تريدون الإشتكاء على القاضي وقد أصبح مفتياً؟!».
وتتابع هديل فرفور في “الأخبار” لتؤكد أن طليق منى كان يستخدم التقرير الطبي الذي أعدّه الطبيب ج.ح. عند كل «مشكل» ويُهدّدها به ويقول لها: «ما رح خليكي تشتغلي ولا تتجوزي ولا تاخدي الولاد».