عندما تتقاطع الذكورية مع الكبت الجنسي: جوليان فرحات نموذجًا
رغم أنني لطالما اعتبرت أن جوليان فرحات، وهو “ممثل” لبناني، لا يستحق أن نفرد له صفحة في مقال على موقعنا المنشغل بقضايا وحملات أعمق من شأنها مناصرة ودعم قضايا وحقوق النساء والفتيات، إلّا أن سقطاته الذكورية والخارجة عن آداب التواصل باتت كثيرة، وتعدّتها مؤخرًا إلى التعبير عن كبته والتعرّض جنسيًا للإعلامية ليال سعد بطريقة تعكس عقدة الذكورة التي تتملّكه.
والقضية هنا أبعد من جوليان نفسه، وهي تعيدنا إلى أصل وجوهر مشكلة هذا الممثل وغيره الكثير من الرجال المهووسين بسلطتهم التي منحهم إيّاها النظام الأبوي، والمنشغلين دومًا بإبراز فحولتهم على حساب النساء وأجسادهنّ وكراماتهنّ. المشكلة هي تمامًا كما عبّر عنها فرحات يومًا في إحدى مقابلاته مع الإعلامي نيشان، حيث وبمعرض سؤاله عن رأيه بالمساكنة والعلاقة مع النساء، كشف عن تجرّده من أي إعتبار أخلاقي وإنساني وعاطفي في نظرته للمرأة، مشيّئًا الأخيرة ومشبّهًا إياها بالسيارة “اذا انت بدك تشتري سيارة بيكون أفضل لإلك إذا انت مختبر عدّة سيارات وبتعرف أيّا الأنسب لإلك. لازم يكون عندك تجربة معها، مجرّب الBMW، مجرب المرسيديس، مجرب كل السيارات”. إذًا النساء بنظر فرحات مجرّد سلع وممتلكات يمكن إستباحتها، وبالتالي يحقّ له التصرّف معهنّ بالطريقة التي تمليها عليه ذكورته الفائضة. هذا الرجل يعتبر نفسه فنانًا له جمهور ومعجبين\ات ولم تشكّل له يومًا هذه الممارسات حرج لا أمام جمهوره ولا في الوسط الفني الذي يعمل فيه، وتماديه بالقباحة كان دائمًا سيّد الموقف.
وبالعودة إلى إعتداء فرحات بالأمس على الإعلامية ليال سعد، فقد نشرت الأخيرة على صفحتها على فايسبوك فيديو لفرحات وهو يتحرّش بها بشكل مقرف من خلف شاشة التلفزيون في مشهد يعكس حجم الكبت والإنحطاط الأخلاقي الذي وصل إليه الممثّل. وفي معرض تعليقها، قالت سعد “هيدا الممثل يفترض أنه يحتكّ بشكل يومي بممثلات، يصّور مشاهد تتطلّب احتكاك جسدي، فعم تتخايلوا بلحظتها وين بكونوا افكاره؟ جوليان، مع كل احترامي لمشاكلك النفسية مش هيك بتحلها وهاي مش طريقة لتفجير الكبت. في معالجين نفسيين كتير بلبنان… بنصحك بزيارة احدهم او التواصل معهم… ومؤسف انك عم تضحك بهيدي الطريقة على الشي اللي عم تعملوا بالفيديو، انا للأمانة وجعني قلبي عليك”.
إن تعرّض فرحات بهذه الطريقة لليال سعد يضاف إلى سجلّه الذكوري الفضائحي الحافل. ولإنعاش الذاكرة، فإن فرحات كان قدّ تميّز بذكوريّته العفنة كذلك في عدّة مناسبات، مثلًا في معرض تعليقه على الحادثة التي وقعت في منزل الفنانة نانسي عجرم منذ أشهر، كتب “بلكي الدكتور فادي دعى زلمي عندو عداوة معو وفضّى المسدس فيه دفاعًا عن النفس؟ بلكي هيدا صاحبا للمدام مثلا كرمال هيك بصير تحقيق…”. وسبق ذلك توجيه فرحات كمّ من الشتائم وعبارات التشهير بحق الممثلة ماغي بو غصن، على خلفية نزاع معها، مهدّداً ومتوعّداً إيّاها بالكشف عن قضايا خاصّة تمسّ سمعتها وكرامتها، في لغة أبوية أقرب إلى لغة المطاوع الذي يلوّح بعصاه لتأديب أي إمرأة تثير غضب “الحاكم بأمر شرفها”. والجدير ذكره، أن سقطات فرحات لم تقتصر على الفنانات والإعلاميات والنساء اللواتي تحت الضوء، بل انسحبت أيضًا على لغته في التخاطب مع النساء بشكل عام، ولعلّ أحد ردوده على واحدة من متابعاته التي إنتقدت آدائه التمثيلي على تويتر “ما أتقل من دمك يا زلمي روح نام”، بالقول “نام مع إمك؟ قدام بيّك!”، خير مثال على مكنوناته الذكورية الدفينة.
بالنهاية، وبالإذن من الزميلة ليال سعد، فإنّ جوليان فرحات ليس بمريض، والحلّ لتماديه الوقح ليس بالعلاج، الحلّ الوحيد لهذا الرجل وأمثاله هو الفضح، والمواجهة، والمقاطعة والمحاسبة أمام القانون. جوليان فرحات نموذج بارز للكائن البشع والمتحرّش، والذي لا يرى في المرأة غير جسدها، الذي يستبيحه بفعل حضانته الذكورية القامعة والمعنّفة.