ناجيات من التحرش في بلدية بيروت يتعرضنّ لضغوط لمنعهنّ من استكمال قضيتهنّ في القضاء
لاتزال قضية التحرش بحق موظفات في دائرة النظافة في بلدية بيروت، تلوّث الإدارة العامة، خاصة أن للمدعو م.ك. سجّل حافل بالمخالفات الإدارية والقرارات التأديبية الصادرة بحقه، من دون أن تؤثر الأخيرة في استمراره بأداء مهمات في الدائرة التي سقط لترؤسها “بالباراشوت”، خاصة أنَّ لا تكليف من قبل محافظ بيروت بإدارته المصلحة، وأيُّ ربطٍ في ملف التحرش وملفات أخرى، ما هو إلا محاولة للتملص وللتغطية على جرائم التحرش التي تؤكد عليها الناجيات بالوثائق.
موقع “شريكة ولكن” تناول الموضوع سابقاً تحت عنوان “يوميات رئيس دائرة متحرش في بلدية بيروت”، وتحدّث بالتفصيل عن بعض ممّا تعرضت له الموظفات اللواتي كنّ 12، وبتن اليوم ثلاثة فقط، فالتسعة اللواتي غادرنّ وطلبن نقلهنّ إلى أماكن أخرى لم يتكلمن ولم يفضحن شيئاً مما تعرضن له، إلاّ أن من بقين منهنّ، قررن الحديث والمواجهة وتحدّثن إلى موقعنا ليؤكدن أنهنّ اليوم قدمن شكوى لدى النيابة العامة ويتعرضنّ لضغوط هائلة، أبرزها التشهير بسمعتهنّ، والتضييق عليهن في العمل كـ(عرقلة استفادتهنّ من التقديمات الصحية التي هي من حقهنّ قانوناّ)، وإرسال رسائل تهديد لهنَّ، والضغط على شاهدَيْن آخرَيْن بنقلهما من أماكن عملهما.
رئيس دائرة النظافة في بلدية بيروت م.ك.، تؤكد إحدى الناجيات أنّه تفوّق على نفسه تارة بالتحرش وتارة أخرى بإثارة النعرات الطائفية وتهديدهنّ بقتلهن في الكارنتينا، فيقول بالحرف (انتبهو انتو بالكارنتينا محل ما كنا نشنقكن)، ناهيك عن رفضهن للاستفادة من ساعات العمل الإضافية (رغم حاجتهم الماسة لها)خوفاً منه ومن ممارساته الجنسية، التي كان يقوم بها بوتيرة أكبر عند الاستفراد بإحدى المواظفات.
رغم كل هذه الضغوط تؤكد الناجيات أنهنّ مستمرات في القضية، لأنّ من حقهنَ حماية أنفسهنّ وحماية الموظفات اللواتي سيأتين بعدهنّ، وأي إشاعات تخرج لتشويه سمعتهنّ لن يرضخنّ لها، من قبيل أنهنّ يرفعن هذه القضية انتقاماً منه لأنَّه رفض إقامة علاقة معهن على حدِّ زعمه.
وقائع كثيرة تسردها الناجيات، من قبيل أنَّ المتحرش يستغلّ كل علاقاته السياسية للإفلات من العقاب، وتؤكِّد الناجيات أنهنّ توجهن للقضاء بعد أن فاض بهنّ التواصل مع دائرة التفتيش في البلدية، التي عندما ترسل طلباً لرئيس الدائرة يرفض الأخير الذهاب ويكتفي بمهاتفة عتبٍ عليهم لإرسالهم في طلبه.
موقع “ِشريكة ولكن” تواصل مع المحامي بالاستئناف عبد الوهاب حمدان، الذي استلم القضية من دون أيّ مقابل مادى، وتطوّع لمساعدتهة الناجيات، ويقول إن القضية باتت بعهدة القضاء الذي يثق به، ويتحفّظ على إبراز الوثائق إلاّ أمام الضابطة العدلية المولجة بالتحقيقات بناءً لأوامر القضاء المختص، ويؤكِّد أنَّ المتهم بالتحرش يستغل المجتمع الذكوري لتحميل الشاهدات المسؤولية، وهو ما يناضل ضده.
وفي معرض سؤالنا عن عدم وجود قانون يجرم المتحرش، أكدَّ أنَّه يعوّل في هذا السياق على ارتكاب م.ك. على جرم الأفعال المنافية للحشمة، وممارسته التشهير وإثارة النعرات الطائفية، كرزمة واحدة، لمحاسبته قضائياً.
وفي هذا الإطار تواصلنا مع الوزيرة السابقة والنائبة الحالية عناية عز الدين، التي تؤكد على ارتفاع نسبة التحرش الجنسي خلال جائحة كورونا في المؤسسات العامة والخاصة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وتدعو لجنة الادارة والعدل إلى إنهاء مراجعتها، التى شارفت على نهايتها، لاقتراح قانون تجريم التحرش الجنسي الذي تقدمت به منذ أكثر من عام سعياً لإقراره في أوّل جلسة تشريعية، وتقول في حديث خاص بموقعنا إنَّها تواصلت مع محافظ بلدية بيروت القاضي مروان عبود، الذي أكَّد بدوره أنَّ القضية في عهدة القضاء وأنَّه يتابعها وسيتخذ كلّ التدابير اللازمة فور ثبوت التُهَم الموجهة إلى م.ك.
وفي معرض سؤالنا حول فُرَص نيل الناجيات حقهنّ في ظل عدم إقرار قانون التحرش في المجلس النيابي، تؤكد على أهمية المتابعة في قضيتهنّ، وأنه ليس بالضرورة أن يُقَر القانون خاصة اذا ما وجدت الأدلة، من دون أن تخفي أنَّ الأمر يبقى صعباً من دون إقرار القانون.
وعليه نُعيد التساؤل حول أسباب عدم إقرار قانون التحرش في لبنان حتى اليوم؟ وهل يجب على النساء أن يجارين المتحرش ليثبتن أنهنّ بالفعل يعانين؟ وعندها ألن نسمع أصوات ذكورية تقول على (قاعدة لا دخان من دون نار)، إنّ النساء هنّ من دفعنّه ليرتكب جرم التحرش وهنّ السبب في ذلك؟!