رامي عياش… وتزويج القاصرات… قصة ابريق الزيت
بين الفينة والأخرى يطالعنا فنان/ة من نجوم الصف الأول في لبنان والعالم العربي، بآراء حول الحقوق والحريات، واليوم يتصدّر اسم الفنان رامي عياش المشهد، بإعلانه أنَّه ضد إقرار قانون تجريم تزويج القاصرات! وذلك خلال مقابلة مع الإعلامي جعفر عبد الكريم، عبر قناة “دويتشه فيلله” الألمانية، والذي سأل عياش، هل أنت مع قانون يجرّم ويمنع زواج القاصرات؟ أي كلّ من هي دون 18 سنة”، فأجاب رامي عياش “أنا ضد. ولكننا إذا أردنا تحديد عمر، فبإمكاننا النزول لسنّ 16 عاماً أو 17 سنة مقبول، ولكن ليس تزويج الأطفال”.
وأضاف عياش “لأنك قلت 18 عاماً أنا ضد هذا العمر، فمن أعمارهنّ 16 و17 عاماً هذه الأيام يفهمن أكثر منّا. منذ أيام بداية الأديان، كان هناك تزويج للبنات الصغيرات.. وإذا رأوا أن التكوين البيولوجي يؤثر، فليكن. أمّا أنا إذا كنت مع أو ضد؟ فأنا أرى سنّ الـ 16 مقبولاً”.
تصريح عيّاش يأتي في الوقت الذي تناضل فيه المؤسسات المعنية بحقوق النساء في لبنان من أجل إقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، يحمي النساء والفتيات من ممارسات المحاكم الدينية التمييزية والمنحازة للرجل.
نتساءل حول الأثر الذي تركه كلام الفنان رامي عياش على متابعيه ومتابعاته؟
وهنا نجيب وفق منطق عياش أولاً، بما أن الفتيات يفهمنّ جداً لتزويجهنّ، فإنهنّ بلا شك أيضا يَعين أيضا لما يقال على ألسن المشاهير وقادرات جداً على التمييز بين من يقف إلى جانبهنّ وبين من يقف على هامش الطريق يتحيّن للإعلام، والإعلام يتحيّن له فرصة، لإثارة الرأي العام وتفعيل صدى اسمه على الساحة الفنية في زمن أقفل فيه فيروس كورونا على إنتاجاتهم/ن.
أما وفق منطق المؤسسات المعنية بحقوق النساء، فإنّها بلا أدنى شك لا تقف طويلاً عند الآراء والمواقف التي تشبه عياش، إدراكاً منها أنَّها كثيرة وأنها المنظومة الذكورية التي تواجهها، علماً أنها تستمّر في التشبيك مع شخصيات مؤثرة( فنية ثقافية …) في حملات مناصرة تطلقها وتنظمها خدمة لقضايا النساء، بالتالي تعرف جيدا ما تريد وما يصب في خدمة نضالها.
اليوم عياش وبالأمس كانت نجوى كرم مع ضرب الرجال للنساء، وقبلها نادين نجيم ونظريتها الصبي ما بيعيبو شي، وغيرهم/ن كثر، مشاهير لو اهتموا واهتممن بفنهم/ن وابتعدوا/ن عن ظاهرة “المثقّف الموسوعي”، وتعني أنهم/ن يتحدثون/ن في كلّ شيء تقريباً، لكنّا استمعنا واستمتعنا من دون أن نتعرّض للملوثات التي تصدّر عنهم/ن بين الحين والآخر.
وختاماً نصيحة إلى السيد عياش، القيام ببحث بسيط حول مخاطر التزويج المبكر على الطفلات، كفيلٌ بجعلك ترى خطورة ما تحدثت فيه، وحفاظاً على وقتك القيّم وحرصاً منّا على التصويب نشير إلى التالي:
1- هل تعلم أن اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة واتفاقية “سيداو” وغيرها من المواثيق الدولية تُجمِع على أن الطفل هو أي شخص يقلُّ عمره عن 18 سنة.
2- هل تعلم أن الوفيات المرتبطة بالحمل والولادة تعتبر عنصراً هاماً لوفيات الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 19 عاماً في جميع أنحاء العالم.
3- هل تعلم أن هناك ارتفاع في مستوى خطر وفاة الأطفال الذين تنجبهم أمهات صغيرات أو تعرضهم لأمراض عدة إن عاشوا.
4- هل تعلم أن تزويج الطفلات يشكل انتهاكاً صارخاً لحقّ الأطفال والطفلات في الأمان والحماية والنماء الصحي وتترك آثار إجتماعية وإقتصادية ونفسية وصحية عدّة عليهم\ن وتفتح الباب لأبشع أنواع العنف والإستغلال والإتجار بهم\ن.
5- هل تعلم أن لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة ولجنة مناهضة التعذيب في لبنان رفعتا مستوى تزويج الطفلات إلى مستوى التعذيب، وأن تزويج الطفلات قد سبق وصُنِّفّ عالمياً ضمن جرائم العنف الجنسي والإتجار بالبشر.
اللائحة تطول والحقائق لا تسمح بأيِّ شكل من الأشكال التفكير أو التغريد بعيداً عن سربها، فما بالنا إن كان المجاهر بتزويج القاصرات على تماس يومي مع الطفولة، وقائم على جمعية عياش الطفولة، هنا المصيبة أكبر، مع قصة ابريق الزيت.