“أبطال” الشريعة يبررون الخيانة.. إلى متى وضع الزوجات تحت الأمر الواقع؟
كم “حاج متولي” اختصر الشريعة الإسلامية بـ”مثنى وثلاث ورباع” ليبرر خياناته يعيش بيننا؟ وكم زوجة “زي الفريك ما بتحب الشريك” فُرض عليها شريكات في حياتها الزوجية من دون أي تقديرٍ لتضحياتها وصبرها وللآثار النفسية التي يسببها ذلك، ومن دون علمها حتى؟
جدلية الخيانة الزوجية، المعروفة اجتماعياً باسم تعدد الزوجات، شهدت تفاعلاً حاداً في الآونة الأخيرة في مصر، على خلفية إقدام عدد من المشاهير بالزواج مرة ثانيةً من دون علم زوجاتهم، كان آخرهم بطل كمال الأجسام رامي السبيعي، المعروف باسم بيغ رامي.
وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي على خبر زواج بيغ رامي من دون علم زوجته الأولى، فاعتبر كثيرون أن “البطل العالمي” لم يحترم مشاعر زوجته التي علمت بزواجه الثاني من الإعلام. ووصفوا تصرفه بالـ”غدر والخيانة”، واعتبروا أنه يحمل عدم تقديرٍ لصبرها ومساندتها له وتضحياتها. بينما قال آخرون إن “الفلوس بتغير النفوس”، في إشارةٍ إلى أن الشهرة والمال الذي وصل إليهم “مستر أولمبيا” جعلته ينسى مساندة زوجته فكانت “آخر من يعلم بزواجه”.
وفي سياق متصل، استذكر رواد مواقع التواصل الاجتماعي حادثة زواج المطرب الشعبي المصري حكيم سراً على زوجته، في حين تعرضت الزوجة إثر الخبر لمضاعفاتٍ نفسية وجسدية، بينما رفضت محكمة مصرية دعوى الطلاق التي تقدمت بها، معتبرةً أن “محضر الشرطة الذي حررته الزوجة لم يثبت فيه ما يدين المطرب، وأنها لم تقدم ما يثبت ضررها المعنوي والمادي بسبب الزواج الثاني”!
وفي إطار الضجة الإعلامية، وسياق ردود أفعال الكثير من الرجال “الأبطال” في تطبيق الشريعة الإسلامية، علق المدافعون عن تعدد الزوجات على الموضوع قائلين إنه “من حقه شرعاً وأنه لم يفعل شيئاً حرمه الله أو يغضبه لأنه تزوج زواجاً شرعياً”.
هكذا ببساطة، يختصر الذكور المطبقين للخيانة الزوجية المقنعة “الحقوق الشرعية”، متغافلين الحقوق النفسية والمعنوية للمرأة التي يحق لها الاعتراض على مشاركة زوجها مع زوجةٍ أخرى وطلب الطلاق. هؤلاء يطالبون النساء بتقبّل هذه الخيانة وعدم الاعتراض عليها تحت طائلة “التكفير”. كما يضعونها تحت الأمر الواقع، رافضين تحريرها من “السجن الزوجي” تحت طائلة التنازل عن الحقوق، في أحسن الأحوال.
نقاشٌ وردود أفعال قوية على “استغفال” الأزواج لزوجاتهم باسم الشرع، أعاد طرح مسألة تعدد الزوجات في مصر، إذ يستعد مجلس النواب خلال الفترة المقبلة لبحث مشروعات القوانين بشأن الحد من هذه الظاهرة. ويقوم خلال الأيام الحالية عدد من النواب بجمع توقيعات لتقديم مشروع قانون، يجرم هذا التعدد من دون علم الزوجة الأولى، وفي حال مخالفة هذا القانون، قد يتعرض الزوج إلى الحبس.
ويستهدف مشروع القانون تعديل نص المادة 11 مكرراً من مرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985، والقانون رقم 4 لسنة 2005، بشأن تعدد الزوجات من دون علم الزوجة.
وينص مشروع القانون، وهو أول تشريع برلماني يجرّم التعدد من دون علم الزوجة في مصر، على “معاقبة الزوج بالحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 3 سنوات، ودفع غرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد عن 50 ألف جنيه في حال عدم إقراره باسم زوجته أو أقر بمحل إقامة غير صحيح لها، أو حاول بأي طريقة أخرى إخفاء الزواج بأخرى أو ذكر معلومات خاطئة أو مغلوطة، وذلك كله وفقاً لتقدير القاضي”.
كما تطرق مشروع القانون إلى ضرورة “إلزام المأذون بإخطار الزوجة بالزواج الجديد تحت طائلة تعرضه للحبس في حال عدم إخطارها لمدة سنة ودفع غرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد عن 50 ألف”. كما “يحق للزوجة الجديدة طلب الطلاق إذا لم تكن تعلم بزواجه الأول”.
وأثار مشروع القانون جدلاً واسعاً بين النواب وتبايناً فى الآراء، بين من اعتبره “يشيطن العلاقات الأسرية ويحولها إلى ترسانة من العقوبات التي تشرد الأسرة المصرية” بغض النظر عن مدى تأثير الزواج الثاني بحد ذاته لناحية المشاكل العائلية والتفكك الأسري، وبين من اعتبر أنه “حق أصيل للزوجة أن تعلم بزواج زوجها من سيدةٍ أخرى ولها الحق في البقاء معه أو الطلاق منه قبل زواجه”.
خطوةٌ إيجابية مرتقبة، تخطوها مصر باتجاه تغليظ عقوبة الزواج الثاني من دون علم الزوجة، في ظلّ استغلال الامتيازات الشرعية من قبل بعض الرجال، على أمل الوصول إلى تجريم نهائي لهذه “الخيانة”، للانتصار للعدالة بحق النساء وتحقيق المساواة. فهل سمع أنصار الـ”مثنى وثلاث ورباع” بجملة “إن خفتم أن تعدلوا فواحدة، ولن تعدلوا”، أم أنهم لا خوف عليهم في “أطماعهم ونزواتهم” ولا هم يحزنون؟