بعد صدور الحكم.. هل ينجح القضاء بإلقاء القبض على قاتل رولا يعقوب؟
بعد تخوفها من تبرئته للمرة الثالثة، وبعد 9 سنوات من النضال من أجل عدالة ابنتها المغدورة، نالت أمّ رولا يعقوب، اليوم الاربعاء 23 آذار/مارس 2022 قرار محكمة التمييز الذي استطاع أن يضرب بعرض الحائط كل الوساطات والمحسوبيات التي استخدمها القاتل كرم البازي للإفلات من العقاب والتبرؤ من جريمته مرتين.
وأصدرت محكمة التمييز حكمها بمعاقبة البازي بالأشغال الشاقة لمدة 5 سنوات لتسببه بوفاة رولا يعقوب، بعد أن كان بُرّىء مرتين عامي 2014 و2018.
وقضى الحكم أيضاً وبإلزامه بدفع تعويض لوالدتها السيدة ليلى خوري قدره 300 مليون ليرة لبنانية أي ما يعادل تقريباً 13 ألف دولار أميركي، بالإضافة إلى تجريد المتهم من حقوقه المدنية المنصوص عليها في المادة 49 من قانون العقوبات وفقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 63 من القانون نفسه.
بينما طُبّقت على المتهم عقوبة المادة 550 من قانون العقوبات التي تنص على أن من يتسبب بموت إنسان من غير قصد القتل بالضرب أو العنف أو الشدة أو أي عمل آخر مقصود يعاقب بالأشغال الشاقة 5 سنوات على الاقل.
وعلى الرغم من أن هذا الحكم يعتبر إنجازاً، خصوصاً بوجود بعض القضاة غير المستقلين والفاسدين، فهو بالدرجة الأولى صدر عن محكمة التمييز وبالتالي لا يمكن الطعن فيه، وثانياً لم يبرئ المتهم كما في المرات السابقة، وبالتالي حقق القرار العدالة لرولا وعائلتها. غير أن الناشطات والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي اعتبروه غير منصف، باعتبار أن 9 سنواتٍ من الانتظار والقهر والعذاب لا يمكن لخمس سنوات في السجن أن تكون كافية مقابله.
عدالة متأخرة
تواصلنا في موقع شريكة ولكن مع المحامية ليلى عواضة من منظمة “كفى عنف واستغلال” التي تابعت ملف رولا يعقوب على السنوات الماضية ورافقت والدتها في مشوارها الطويل مع القضاء، للتعليق على الحكم. فأوضحت أنه “كي لا يحصل لغط عند الرأي العام، من المهم جداً عند التعليق على ملف رولا أن ننطلق من التهمة الموجهة للزوج. فالتهمة الموجهة له من قبل النيابة العامة هي التسبب بالموت وليس القتل”.
وأضافت أن “الجريمة المدعي عليه فيها هي ليست قتل عمدي أو قتل قصدي بل هي تسبب في الموت. يعني أن رولا توفيت نتيجة لضربه لها. ولذلك تنطبق المادة 550 من قانون العقوبات على المتهم، وعقوبتها تتراوح ما بين 5 و7 سنوات فقط، في حال كانت هناك أسباب تشديدية”.
أما إذا أردنا أن نعلق على الحكم من وجهة نظر ثانية، فتشرح عواضة أنه “إذا إردنا أن ننظر إلى الملف من ناحية مساره الطويل، بدايةً هذا الحكم هو عدالة متأخرة، يعني لو تحققت العدالة لرولا فهي جاءت متأخرة، ولكن أحياناً العدالة المتأخرة هي أفضل من اللاعدالة، خصوصاً في ظل الظروف الصحية لوالدة رولا وسنّها، والطريق الشاق الذي سلكته، وعدم قدرتها على تحمل المزيد من القهر والعذاب”.
بالاضافة إلى الحكم الذي قضى بحبس المتهم 5 سنوات وتغريمه بمبلغ مالي كبير، مقارنةً بالوضع الاقتصادي الحالي في لبنان، تكمن أهمية إغلاق هذا الملف قضائياً في أنه، على الرغم من تبرئة المتهم مرتين، استطاعت منظمة كفى عبر محاميها مصطفى عكاري أن تحصل على حكم يجرّم القاتل وهذا إنجاز وأمر غير عادي.
وقالت عواضة إن “أهمية القرار تكمن في وجود شخص مجرم حصل على حكمين براءة سابقاً، المرة الأولى برّأه قاضي التحقيق، ثم عادت وبرأته محكمة الجنايات”.
وبالاضافة إلى قرارات البراءة، شهد هذا الملف تنحيات وابتعاد عنه من قبل قضاة، كان من المفترض أن يقروا الحكم منذ 9 سنوات. في هذا السياق، أشارت عواضة إلى أن “هناك أكثر من قاضي تنحى عن هذا الملف، وتشكيل هيئة في محكمة التمييز للنظر فيه هو أمر بالغ الأهمية، خصوصاً بعد تنحي عدة قضاة عنه بسبب خضوعهم للتدخلات السياسية والحزبية”.
وأضافت عواضة: “الوصول لهذا الحكم اليوم هو إنجاز وفيه القليل من العدالة، على الرغم من أنه أخذ وقتاً طويلاً وبالرغم من أنه حمل الكثير من اليأس وفقدان الأمل إلا أننا في النهاية استطعنا الحصول على الحكم واليوم مهمتنا أصبحت متابعة تنفيذ القرار”.
لكن تبقى العبرة والأساس في تنفيذ هذا الحكم، وعملياً، علينا أن نتساءل: “هل سيتحرك القضاء وقوى الأمن للقبض على قاتل رولا يعقوب؟”.
يذكر أن رولا يعقوب قتلت في 7 تموز/يوليو 2013 نتيجة الضرب المتكرر الذي تعرضت له على يد زوجها، ولم تسلك قضيتها حينها المسار الذي توقّع الرأي العام أن تسلكه، وهو الإبقاء على الزوج موقوفاً والحكم عليه، خصوصاً أن علامات الضرب كانت واضحة على جسدها وكان هناك شهود كثر، من بينهم الجيران والأطفال، الذين أكّدوا سماع صراخ من منزل رولا وضرب زوجها لها.