العنف القائم على النوع الاجتماعي خلال الأزمات..دراسة لمؤسسة الفرح الاجتماعية
أطلقت مؤسسة الفرح الاجتماعية في لبنان دراسة بعنوان “العنف القائم على النوع الاجتماعي خلال الأزمات في مناطق عاليه والشوف وطرابلس”، بالإضافة إلى حملة إعلامية مرافقة.
وذلك في سياق تردي الأوضاع المعيشية والصحية والإقتصادية الضاغطة في لبنان، التي أدت إلى إرتفاع ملحوظ في جرائم العنف ضدّ النساء والفتيات.
إذ لا يكاد يمرّ أسبوع من دون أن نشهد أكثر من حادثة قتل أو تعنيف أو انتحار نساء وفتيات في أنحاء مختلفة من البلاد.
استندت الدراسة على بيانات جمعت من خلال 9 مجموعات نقاش مركّزة مع 108 امرأة، من بينهن ناجيات من العنف القائم على النّوع الاجتماعي.
بالإضافة إلى مسح ميدانيّ استند على إجابات ومواقف 289 امرأة من المناطق المستهدفة في الدراسة.
وهدفت الدراسة إلى البحث عن مدى إدراك ومستوى فهم النساء اللبنانيات لقضايا العنف، مقارنةً بوتيرة وأنواع العنف قبل كورونا، والأزمة الاقتصادية في لبنان، وخلال الأزمة وبعدها.
كما هدفت الدراسة إلى توضيح العوائق التي تواجهها النساء، وتمنعهنّ من وضع حدٍّ للعنف والتبليغ عنه.
ومن خلال الدراسة، تبين أن 71% من النساء في منطقة الشوف من النساء اعتبرن أن هناك نقصاً في المعرفة وحاجة لتوعية مجتمعاتهن حول قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي. بينما وصلت هذه النسبة إلى 53% في عاليه، و56% في طرابلس.
وأشارت النساء في المناطق الثلاث المستهدفة في الدراسة، أن مرتكبي العنف الأساسيين، هم الأخوة، ثم الشريك وأفراد عائلته، ثم الأهل.
بينما أجمعت أكثر من نصف المشاركات في الدراسة، على أن العنف ضد النساء ازداد خلال كورونا (70% في الشوف، و59% في عاليه، و51% في طرابلس.
وعبّرن عن اعتقادهن بأن أبرز سببين لارتفاع حالات العنف، هما الحجر الصحي، والوضع الاقتصادي السيئ.
وتناولت الدراسة البحث عن الجهات الموثوقة للتبليغ والدعم لدى النساء، فتبين أن 71% من المستطلعات الناجيات من العنف في الشوف، و38% في عاليه و53% في طرابلس، أنهن لجأن إلى العائلة والأصدقاء/الصديقات أولاً، ثم المنظمات غير الحكومية ثانياً، والشرطة ثالثاً.
أما نتيجة الدراسة الأبرز، فأظهرت أن 53% في طرابلس، و40% في الشوف و36% في عاليه، لا يمتلكن المعرفة حول سبل التبليغ والتواصل مع الجهات المسؤولة عن التعامل مع حالات العنف ضد النساء.
وعرّفت الناجيات المستطلعات العنف القائم على النوع الاجتماعي وفقاً لتجاربهنّ المتنوّعة. فوصفته إحدى الناجيات بأنه “قسوة، ظلم، إذلال، عدم احترام وكذلك ضرب”.
بينما رأت أخريات أن العنف يمكن تعريفه من خلال العبارات التالية: “هيمنة الأقوى الذي لديه سلطة على الآخرين”. و”إهانة للكرامة فتشعرين أنكِ أقل منزلة”، “نوع من الاغتيال الروحي”، “يتنمّر على أي شيء أفعله، ويكرّر عبارة، أخبرتك، أنا الرجل هنا، أنا المسؤول”، “إذا وضعت المكياج، يقول بسخرية تبدين مثل الضبع؛ أزيليه”، “أتعرض للإيذاء لدرجة أنه ليس لدي هاتف، لا يمكنني الاتصال بأيّ شخص؛ في الواقع، أنا مسجونة”.
وخلصت دراسة مؤسسة الفرح الإجتماعية إلى وجود ضعف في المعرفة والوعي المجتمعي حول العنف، وسبل وأهمية التبليغ ودعم الناجيات.
وضعف في الثقة بالجهات المعنية بالمحاسبة على العنف، وفي المعرفة بكيفية التواصل مع هذه الجهات، وبشكل أساسي الشرطة والمنظمات غير الحكومية.
وفي هذا الإطار، اعتبرت مديرة مؤسسة الفرح فريال المغربي أن “العنف ضد النساء يمثّل عقبة أمام تحقيق المساواة والتنمية والسلم، ولا يجوز التذرّع بأي عرف أو تقليد أو اعتبارات دينية للتنصل من المسؤولية المجتمعية تجاه اتخاذ موقف رافض للعنف ضد النساء”.
وأضافت أن “مؤسسة الفرح، ومن خلال عملها على الأرض ومع الفئات الأكثر تهميشاً، تحديداً في مناطق الشوف، عاليه وطرابلس، لمست تزايداً كبيراً في نسب العنف ضد النساء، وهو السبب الذي دفعها للبحث حول الأسباب والواقع في محاولة للخروج بحلول واقتراحات تدخّل مناسبة لسياقات النساء واحتياجاتهن”.
وختمت فريال بالتأكيد على “أن العنف ليس قضية خاصة، بل قضية مجتمعية ووطنية، والتصدي له مسؤوليتنا جميعاً من خلال مساندة الناجيات، رفع الصوت والوعي حوله، والتبليغ على الخط الساخن لقوى الأمن الداخلي 1745”.