“الانتحار”.. مبرّر رائج وجديد لقتل النساء والفتيات في فلسطين
أشارت تقارير حديثة إلى أن الانتحار بات تبريراً رائجاً لجرائم قتل النساء والفتيات في فلسطين.
ينسحب الأمر بشكل لافت خلال السنتين الأخيرتين على قطاعي غزة والضفة الغربية.
هكذا تتوالد سيناريوهات التمويه لجرائم قتل النساء والفتيات. وتتفاوت النسبة لدى الجنسين على نحوٍ ملحوظ.
فتبلغ لدى القاصرات 19 ضعفاً منها لدى القاصرين، ولدى النساء أكثر من ضعفيها ممّا هي لدى الرجال.
ويطرح هذا الأمر تساؤلات مُشكّكة في مبررات الانتحار أو محاولاتها.
الانتحار .. ابتداع مبررّات جديدة للقتل
أكّد تقرير حديث صادر عن “مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي”، لتحليل حالات قتل النساء في الضفة الغربية وقطاع غزة، أن جرائم قتل النساء مستمرة.
لكن باتت غالبية الجرائم تُصنّف تحت خانة الـ”انتحار”، أو الـ”سقوط من علو”، أو “الضغط على الضحية للانتحار”.
وأظهرت الدراسة تبدّل تبرير ما يسمّى بـ”جرائم الشرف”، التي كانت تُقدّم للرجال بند “العذر المحلّل والمخفف لقتل النساء”، بعد سلسلة تعديلات شملت قانون العقوبات الفلسطيني.
فأسقط القانون العقوبات المخففة على هذه الجرائم.
كما رصدت الدراسة وسجلت بعض المحاكمات للقتلة. فتبين أنه لم يعد” القتل على خلفية ما يسمى بالشرف”، مبرراً لعقوبة مخففة على قتل النساء.
بينما أُطلِق التقرير في مؤسسة قادر للتنمية الاجتماعية في بيت جالا.
ووثّق 57 عملية قتل لنساء وفتيات في الضفة الغربية وقطاع غزة، خلال عامي 2021-2022.
وأعطيت هذه الجرائم المبررات الآتية:
- الانتحار: 20 حالة
- السقوط من علو: 6 حالات
- قتل بالرصاص أو خنق أو سكين: 9 حالات
- رصاصة بالخطأ او العبث بالسلاح: 4 حالات
- الضرب حتى الموت: 7 حالات
إضافة إلى مبررات الانزلاق على الرأس، أو “شجار عائلي”، أو غرق، أو العديد من الحالات الأخرى.
هل تنتحر النساء والفتيات أكثر من الرجال؟
بحسب التقرير، “كان لافتاً أن نسبة الانتحار، أو الشروع به، سواء لفئة البالغات/ين أو الطفلات/الأطفال، كانت بين الفتيات أعلى بكثير مما كانت عليه بين الفتيان”.
فشكّلت نسبة النساء وهي 71%، ضعفي نسبتها بين الرجال وهي 29%.
أما في حالة الطفلات/الأطفال، فإن النسبة كانت مرتفعة جداً، بين الفتيات 95%، مقابل 5% بين الفتيان.
وأوصت الدراسة بالعمل على بلورة آلية موحدة لرصد، وتوثيق، ودراسة، وتحليل عمليات قتل النساء والفتيات.
كذلك الدفع باتجاه اعتماد هذه الآلية، وتعميمها على المستوى الوطني.
كما أوصى التقرير بمواصلة العمل على تكريس وتجسيد مبدأ المساواة، وفق ما نصت عليه الوثائق الفلسطينية، وفي مقدمتها وثيقة “إعلان استقلال فلسطين”، والقانون الأساسي الفلسطيني وغيرها من المواثيق.
واستمرار المطالبة بموائمة القوانين والتشريعات الفلسطينية المختلفة، مع التزامات وتعهدات الدولة.
وزيادة التأثير لإقرار قانون حماية الأسرة من العنف، وقانون العقوبات الفلسطيني، وتشريع قانون أحوال شخصية عصري.
في حين، تتلاحق المبررات لحجب جرائم قتل النساء والفتيات، مستفيدةً من الإفلات العام من العقاب.
أمّا مبررات الانتحار على وجه الخصوص، فهي تُخضع هذا النوع من الحوادث للنظرة المجتمعية القاضية بـ”التستير”.
وتستفيد من وضعه في خانة “المحرّمات”، فتموت الحقيقة مع الضحية.