في المغرب.. موجة غضبٍ عارمة بعد حكمٍ مخففٍ بحق مغتصبي الطفلة سناء
سنتان فقط!
اجتاحت موجة غضبٍ مستمرة في المغرب، إثر صدور حكمٍ قضائيٍّ “ظالم وقاسٍ”، بحق 3 متورطين بقضية “اغتصاب جماعي لطفلة، تدعى سناء، نتج عنه حمل“.
سجن لمدة سنتين فقط!
وكانت محكمة الاستئناف في الرباط، أصدرت حكماً بالسجن النافذ لمدة سنتين فقط، بحقّ المغتصبين المتوّطين بالاعتداء الجنسي والجسدي على الطفلة سناء.
وأثار هذا الحكم المخفَّف، والصادر بتاريخ 30 آذار/مارس الجاري، جدلاً واسعاً داخل المغرب.
وأشعل عاصفة غضبٍ امتدت من الأوساط النسوية والحقوقية إلى الأوساط الحكومية.
في هذا السياق، وصفت منظمات حقوقية مغربية الحكم بـ”الجائر وغير المنصف”. وشددت على خطورة الجريمة، نظراً لاغتصاب الطفلة مراراً والتسبب بالحمل، وتهديدها بعدم إعلام والديْها.
حركة احتجاجية تنديداً بالحكم
في هذا السياق، نفذت جهات حقوقية ومدنية وقفةً احتجاجية، في 5 نيسان/أبريل الجاري، أمام محكمة الاستئناف في العاصمة الرباط.
ورفعت المحتجّات/ين شعارات تنادي بإنصاف الطفلة سناء، إضافةً إلى توفير قوانين تحمي النساء والفتيات من الاغتصاب.
وحملنَ لافتات تحمل عبارات مثل “لا لاغتصاب الطفلات”، “لا للقوانين التمييزية”، و”المحاكمة ها هيّ والعدالة فين هيّ”، وغيرها.
فيدرالية رابطة حقوق النساء المغربية: “الحكم إساءة لسمعة العدالة المغربية”
في الإطار نفسه، أكدت فيدرالية رابطة حقوق النساء أن الحكم “شكّل صدمة قوية للرأي العام المغربي والجمعيات النسوية، لكون العقوبة الصادرة لا تتلاءم مع فظاعة ووحشية الجريمة”.
وأوضحت الفيدرالية، في بيانٍ غاضب، أن “جريمة اغتصاب قاصر في القانون الجنائي المغربي تتراوح ما بين 10 و20 سنة سجناً”.
وفي حال حدوث “فضٍّ للبكارة” كما هو الشأن مع الطفلة سناء، “تتراوح العقوبة ما بين 20 و30 سنة سجناً”.
وطالبت الفيدرالية في بيانها بـ”إعادة النظر في هذا الحكم الظالم الذي يُسيء لسمعة العدالة المغربية في المرحلة الاستئنافية”.
وشددت على ضرورة جعل “عصابة الاغتصاب عبرة لكل من طوعت له نفسه الاعتداء على أجساد النساء أو الفتيات أو الطفلات”.
ودعت الفيدرالية إلى ضرورة “توفير المتابعة النفسية للطفلة الناجية، والتي أصبحت أماً في الحادي عشر من عمرها”.
“لرفض التطبيع مع ثقافة الاغتصاب والعنف”
من ناحيتها، رأت رئيسة الرابطة، سميرة موحيا، أن الحكم “لم يراعِ كرامة الطفلة وحرمة جسدها”.
واعتبرت أنه “يطبّع مع ثقافة الاغتصاب المتأججة في عقول كثيرين”.
ولفتت إلى سميرة موحيا أن الوقفة هي “فرصة لرفض التطبيع مع ثقافة الاغتصاب والعنف”.
وأضافت أنها “وقفة غضب، لأن سناء بمثابة ابنةٍ لنا جميعاً، وهي طفلة أنجبت طفلاً هو نتيجةً لهذا الاغتصاب”.
“تخفيف الأحكام اغتصاب جديد”
من جهته، أشار رئيس جمعية منتدى الطفولة، عبد العالي الرامي، أنّ “تخفيف أحكام جرائم الاغتصاب هو اغتصاب من جديد”.
وشدد على ضرورة أن يكون “القضاء المغربي صارماً وحازماً في مثل هذه القضايا من أجل القضاء عليها. وأن يكون المغتصب عبرة للمجتمع لحماية الطفولة من الاغتصاب والعنف”.
وزيرة سابقة: “الحكم كارثة إنسانية بكل المقاييس”
وفي رسالةٍ وجّهتها إلى وزير العدل، استنكرت الكاتبة وعالمة الاجتماع سمية نعمان جسوس، الحكم المخفف.
وتساءلت إن كانت المحكمة “اعتبرت أن عمليات الاغتصاب المتكررة بحق طفلة من قبل 3 رجال بالغين تمّت بموافقتها”!.
من جانبها، وصفت رئيسة منتدى “مساهمات” الحقوقي ثورية لحرش، الأمر بـ”كارثة إنسانية بكل المقاييس”.
واعتبرت أنه يحمل “تشجيعاً لبعض الفئات على الاغتصاب”.
وأشارت إلى أن “الفتاة دُمرت، ودُمر حقها في حياة كريمة وتوازن صحي ونفسي. وبالتالي، تلزمها متابعة نفسية”.
كما “تلزم المغتصبين عقوبةً رادعة وفيها درس لهم ولغيرهم”.
ووجّهت النائبة البرلمانية السابقة، تساؤلات حول النص الذي استندت إليه محكمة الاستئناف في حكمها.
وتابعت: “نحن لا نريد العودة بالمغرب إلى سنوات مضت. هذا الاغتصاب في حد ذاته وأد، ولن نقبل التراجع في مثل هذه القضايا”.
اغتصابٍ متكرر.. شهادة الطفلة سناء
وكان والد الطفلة سناء، تقدّم بشكوى حول اغتصاب طفلته إلى الجهات الأمنية في مدينة تيفلت، في الوسط الشمالي للمغرب، قبل عامٍ تقريباً.
عرض خلالها اكتشاف العائلة حمل سناء بعد أن أخبرتهم/ن بتعرضها لاغتصاب من قبل جارهم/ن.
وعند الاستماع الأولي إلى الطفلة من طرف خلية العنف في الدرك المغربي، أفادت بأنه “لم يسبق لها أن دخلت إلى المدرسة، وإنما تمكث في البيت للقيام بالأعمال المنزلية لمساعدة والديها”.
وقالت إن والدها “يذهب في الصباح الباكر من كل يوم لرعي الماشية، بينما تذهب والدتها للعمل. ويتابع أخواها الدراسة بمدرسة القرية، في حين تبقى بمفردها في المنزل”.
وأوضحت أنها “تفاجأت في أحد الأيام بجارها يقتحم عليها المنزل رفقة ابنة عمه. وأشهر في وجهها سكيناً وهددها بالقتل إن صرخت. ثم قام بإنزال ملابسها واغتصابها، بمساعدة ابنة عمه التي أمسكتها من يديها”.
وأضافت الناجية أن المغتصب “عاود اغتصابها بنفس الطريقة، بعد أسبوع. وداوم على ذلك لعدة أشهر قبل أن تكتشف أنها حامل. فحاولت إخفاء الأمر عن والديها بعدما هددها المغتصب بالقتل، قبل أن ينتشر خبر حملها بالقرية، ويعلم والدها بذلك”.
وعند الاستماع إلى الطفلة من جديد، أفادت أن “لديها معطيات أخرى لم تصرح بها لأنها كانت خائفة”.
وأوضحت أنه سبق أن “تعرضت للاغتصاب من طرف شاب آخر من شباب القرية حيث اصطحبها عنوة إلى منزله، وكتمت الأمر بعدما وعدها بالزواج”.
كما تعرّضت للاغتصاب “من شخصٍ ثالث حينما كانت تحضر زفاف إحدى قريباتها”. وأكّدت أن “المغتصبين الـ3 التي تجمعهم علاقة قرابة وصداقة داوموا على اغتصابها”، ووفقاً لمحضر الجريمة.