الدليل النسوي.. الحجة الجلية في صنع المرأة المثالية
الغول، والعنقاء، والمرأة المثالية! العزيزات والأعزاء.. يُسعدنا أن نشارك معكن/م الفقرة الشهرية: “الدليل النسوي”، وهي فقرةٌ سحرية!
فقرةٌ تهدف إلى تقديم خدماتِ نسويةِ للنظام الأبوي، من خلال شرح القيم الكونية الكامنة في الأفكار الذكورية. ومن منطلق حرصنا كنسويات على تبيين أهميتها وفوائدها غير المعدودة علينا، نكتب إليكن/م.
في فقرة اليوم، سنُعيد معًا اكتشاف السر العظيم في الوصفة الأبوية للمرأة المثالية. هذا السر الذي رغم وضوحه، إلا أنه أمرٌ مُلحٌّ، ولو فشلنا فيه، نفقد حيواتنا.
عليكِ واجب أن تحافظي على جسدك، الذي هو عرض والدك وأخيكِ وزوجك. لكنه أيضًا ملكية عامة للبائع والغريب والجار في الشارع ولزميلك في العمل والدراسة، ولمتصفح الإنترنت، وللمشرّع الديني وللقائد السياسي ورفيق النضال!
المرأة المثالية تأكل نفسها حتى تتلاشى
عزيزتي.. إن النظام الأبوي قد حضّر لكِ وصفاتٍ متعددة لتكوني “امرأة مثالية”. كما أنه حرص على راحتك الجسدية والنفسية، بجعلها وصفات مستحيلة التحقق. ولكي لا تشعري بالملل، ستقومين بها طوال حياتك، ولن تبلغي الهدف!
وربما تكونين الآن مشغولة بتحقيق هدف المثالية وتأنيب نفسك لإخفاقك في الوصول.
لا تقلقي عزيزتي، ستفعلين ذلك لوقتٍ طويل، وستأكلين نفسك بالذنب والمحاسبة. فمهما فعلتِ ومهما اتّبعتِ القواعد بحرص، لن تكوني مثالية. اعملي بجهدٍ ودون انقطاع وحاسبي نفسك باستمرار حتى يكون العار والانكسار رديفًا لحياتك.
هذا هو هدف النظام الأبوي الذكي: أن يشغلك في نفسك حتى لا تنشغلي به، وحتى يتلاشى أيّ رابطٍ بينك وبين نفسك. فتحققين دورك الجندري بكل تفاني.
وكل هذا من أجل “مصلحتك”!
View this post on Instagram
“راحتك” هي هدف الأبوية.. قومي بكل شيء ولا شيء!
عزيزتي.. إن التفحّص النسوي في النظام الأبوي قد قاد لمعرفة سرٍّ عظيم. وهذا السر يهدف النظام الأبوي من خلاله إلى “راحتك، والتعاطف معك، والتعامل معك بإنسانية”. أما عن السرِّ نفسه، فهو أن يفرض عليكِ القيام بالشيء وضده في الآن نفسه، وينتقدك على الاثنين معًا.
فدورك كإمرأة يتطلب منكِ القيام بالأعمال المنزلية، ولكن! عليكِ أيضًا العمل خارج المنزل، والمساهمة في الإنفاق على الأسرة، لكي لا تكوني عالة. يجب أن تتزوجي وتنجبي، لكن سيتم انتقادك إذا قُمتِ بذلك، وتقارنين بنساء الغرب والمريخ!
عليكِ أن تكوني أمًّا مثالية لا تتعب ولا تشتكي ولا تصرخ، لكنك ستحاسبين على حرصك الزائد وصرامتك.
سيُطلب منكِ أن تكوني ضعيفة وخاضعة واعتمادية، لكنكِ ستحاسبين على طلب المال، أو عدم القدرة على رفع الأثقال!
ستُخضعين لمسارٍ قاسٍ وصارمٍ في معايير الجمال، لكن ستُنتقدين إذا حاولتي الوصول إليه بالوصفات أو التجميل. يجب أن تكوني ممتلئة، لكن ستهاجَمين على السمنة. يجب أن تكوني نحيفة، لكن توقّعي أن يتمّ وصمك بالمرض على ذلك!
ثابري واقتلي نفسك ببطء، وقد تقتلكِ الأبوية، وتوفِر عليكِ هذا العناء والمجهود. كل هذا – طبعًا – من أجل مصلحتك.
سيطلب منك المحافظة على جنسانيتك حتى الزواج، لكن عليكِ أن تكوني في الوقت نفسه خبيرة جنسية، كي لا “تدفعي” زوجك للنظر إلى الخارج!
يجب أن تتعلّمي وصفات الطبخ والثرثرة كجزء من البناء الاجتماعي للأنوثة. لكن ستُنتقدين، لأنك تافهة وسطحية ولا ترتدين مكياجًا ثقافيًّا.
ستُلقى مشاكل العالم على ظهركِ ويُطلب منك حلها، لكن يجب ألّا تتدخلي، فـ”كل بلاءٍ سببه امرأة”.
يجب أن تكوني آلةً بشرية قادرة على الإنجاب وتقديم الخدمات الفورية، لكن ستُوصمين بضعف الشخصية والخضوع إذا لبّيتي كل الاحتياجات.
عليكِ “واجب” أن تحافظي على جسدك، الذي هو “عرض والدك وأخيكِ وزوجك”. لكنه أيضًا ملكية عامة للبائع والغريب والجار في الشارع ولزميلك في العمل والدراسة، ولمتصفح الإنترنت، وللمشرع الديني وللقائد السياسي ورفيق النضال.
View this post on Instagram
هل المرأة المثالية هي أمنا الغولة؟
حاولت النسويات لعقود فك شفرة للمرأة المثالية التي قدمها النظام الأبوي خلال قرون. واكتشفن أن هذا النظام قد اعتمد على الغموض لإخفاء أن المرأة المثالية هي نفسها أمنا الغولة. هذا الكائن العجائبي الذي لا يوجد إلا في القواعد والأوامر والنواهي وحبال مشانق الأبوية التي تُعلق عليها كل مَن لم تكن كائنًا أسطوريًا.
إن النظام الأبوي قد حرص من حبه للمرأة على ألا تكون انساناً عاديًا.. ألا تكون إنسانًا على الإطلاق. ولذلك، وضع لها تحديًا: أن تصبح مخلوقًا أسطوريًا.. أن تكون “امرأة مثالية”.
عزيزتي.. قد تتساءلين بحسرة: “لماذا لم تتحولين بعد لهذا الكائن السحري؟” لا تقلقي! لم تصل أي امرأة قبلكَ لهذا المقام العالي. فكل امرأة تعيش وتموت وهي تحاول. لكن حتى هذه اللحظة، لم يُحالف الحظ أي منهن في الوصول.
فأن تكوني كائنًا أسطوريًا يتطلب عملًا مضنيًا، سيُكلفك حياتك بأكملها، وصحتك النفسية والجسدية. وسيجعلك تعملين طوال الوقت لتحقيق هذا النموذج، ولا يكون لكِ انشغال إلا به. وهذا بالضبط ما يطلبه النظام الأبوي منكِ.. مقابل بضع سنوات هي مجمل حياتك، والكثير من المرض النفسي والخوف وانعدام الثقة في النفس وتحمل العنف والإقصاء. أشياءٌ بسيطة من أجل منفعة كبيرة وهي: تكريسك واستغلالكِ لاستمراره – رغم أنها أمر مستحيل. ثابري واقتلي نفسك ببطء، وقد تقتلكِ الأبوية، وتوفِر عليكِ هذا العناء والمجهود. كل هذا – طبعًا – من أجل مصلحتك.