24 أيار/ مايو.. اليوم العالمي للنساء من أجل السلام
بتاريخ 24 أيار/ مايو 1982، أعلنت مجموعات نسوية وسياسية مناهضة للحرب اليوم العالمي للنساء من أجل السلام ونزع السلاح. إذ اجتمعن للاحتجاج على التسلح النووي ونشر الحروب في العالم.
هذا اليوم، ناهيك عن كونه مناسبةٌ سنوية للاحتفاء بإرث النساء في إرساء السلام عبر التاريخ، فهو يخلّد أيضًا الإسهامات النسوية في الدعوة لوقف الحرب وما ينتج عنها من عنف.
فبينما تستفيد الأنظمة السلطوية المتاجرة بالأرواح من العنف والدمار والدماء، تدفع الشعوب أثمانًا باهضة جرّاء هذا العنف المستمر.
يخلد هذا اليوم من خلال المؤتمرات والمظاهرات والنشاطات المناهضة للحرب والداعية للسلام في أنحاء واسعة من العالم.
ماهي مطالب النسويات الداعيات إلى السلام في هذا اليوم؟
تشدد “الرابطة العالمية للنساء من أجل السلام ونزع السلاح”، في هذه المناسبة، على مجموعة من الأهداف الملحة، وهي:
- العمل على وقف جميع عمليات إنتاج الأسلحة وتجارتها، والوقف الفوري لشحنات الأسلحة المخالفة للقوانين الدولية والإقليمية والوطنية. وفي إطار التزامها بالقضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي تحديدًا، يجب منع الحكومات من بيع الأسلحة إلى البلدان التي ترتفع فيها معدلات هذا العنف.
- اتخاذ مزيدٍ من الخطوات لضبط تدفق الأسلحة، كمنع تحويل الأسلحة، والتجريد من السلاح، ونزع السلاح، وخفض موازنات قوات الشرطة.
- تحويل الأموال المخصصة لتجارة الأسلحة والعسكرة إلى البنية التحتية المجتمعية. ومنها، على سبيل التوضيح لا الحصر، النظم الصحية والموارد المجتمعية، والمدارس والوظائف المراعية للبيئة. وكذلك استراتيجيات مواجهة تغيّر المناخ.
- تنفيذ حملات وطنية مدرسية ومجتمعية تتحدى المعايير الاجتماعية التي تربط “الرجولة” والذكورة بملكية السلاح، والھیمنة، والعدوان، والاستعداد لاستخدام القوة والعنف. على أن يشمل ذلك حظر الإعلانات النفعية التي تنشر أفكارًا ضارة عن “الرجولة” لترويج بیع الأسلحة.
- التعاون مع المجتمعات المدنية، والفاعلات/ين المدنيات/ين، لتنفيذ حملات تثقيفية حول آثار الأسلحة على حياة البشر في المجتمع. بما فیھا أثر تجارة الأسلحة العالمية على المجتمعات والسكان المحليين والفئات الأكثر هشاشة.
- ضمان تمثيل منظمات وناشطات/ي المجتمع المدني في العملیات التي تستهدف تحسين الأمن الإنساني. وكذلك ضمان تمثيل عادل للسكان المحليين.
لا سلام تحت العنف المسلّح
في بيان لـ”الرابطة العالمية للنساء من أجل السلام ونزع السلاح” لعام 2021، لفتت القائمات على الرابطة الأنظار إلى الآثار المدمرة للعنف المسلح على الشعوب وأكثر فئاتها هشاشة كالنساء.
وأشار البيان إلى أنه “في كل يوم، یموت أكثر من 500 شخص في العالم بسبب العنف المسلح. كما یصاب 2000 أخريات/آخرون بطلقات نارية”.
تستخدم جماعات متطرفة السلاح على نحوٍ متزايدٍ، في سعيها نحو رؤية عالمية عنصرية ومناهضة للنسوية.
وأضاف أنّ “2 مليون شخص على الأقل يعانين/ون من جروحٍ جسدية جراء الأسلحة النارية. إلى جانب عددٍ لا يُحصى من المتعايشات/ين مع صدمة نفسية طویلة الأمد بسبب العنف المسلح”.
وأوضح البيان أن خطر الأسلحة لا يقتصر على القتل، “فهي تهدد الحياة وسبل العيش، وتقوّض التماسك المجتمعي، وتديم الجشع والفساد والفقر وانعدام الأمن”.
ولفت إلى “استخدام جماعاتٍ متطرفة للأسلحة على نحوٍ متزايدٍ، في سعيها نحو رؤية عالمية عنصرية ومناهضة للنسوية. ما يجعل عالمنا أقل أمانًا وأقل سلامًا وأقل عدلاً. ورغم أن الرجال يمثلون الغالبية العظمى من الضحايا المباشرين للعنف المسلح، فإن النساء والفئات المهمشة الأخرى يتضررن/ون بشكلٍ متفاوت وغير متناسب من استخدام الأسلحة ووجودها”.
كما بيّنت الرابطة كيف يستخدم العنف الجنسي كسلاح حرب. وشددت على أنه “عند وجود أسلحة، تكون النساء أكثر عرضة لخطر العنف الجنسي”.
وأضافت أنه “في المنازل التي يتوفر فيها سلاح، يزيد تعرض النساء للقتل على يد الزوج. كما يشيع استخدام الأسلحة ضد النساء كشكلٍ من أشكال العنف النفسي، ما يمنعهن من الحصول على الأمان والتعليم والرعاية الصحية والفرص الاقتصادية”.
الحرب والعنف المسلّح يدمران المجتمعات القاعدية
تركّز الدعوات النسوية المناهضة للحرب على المجتمعات القاعدية التي تتشكل من النساء والطبقة العاملة والفئات المهمشة.
فبحسب الرابطة، “تترك الذخائر المتفجرة – سواء استخدمت في مناطق مأهولة بالسكان أو تركت بعد النزاعات – أثرًا خاصًا على النساء. من خلال تخريب أو تدمير منازلهن ومجتمعاتهن، والبنية التحتية التي يعتمدن عليها للتقدم والاستمرارية. بالإضافة إلى إجبارهن على النزوح وزيادة تعريضهن لمخاطر العنف الجنسي”.
وأوضحت أن “الذخائر غير المنفجرة تسبب 72% من جميع وفيات وإصابات الأطفال/الطفلات في مناطق الحروب في العالم. والسبب جزئيًا هو أنهن/م غالبًا ما يظنونها ألعابًا، وتسبب لهم صدمات جسدية ونفسية طويلة الأمد”.
تبرز أهمية هذا اليوم، بحسب البيان، في كونه دعوةٌ إلى بناء سلامٍ مستدام لجميع الشعوب والمجموعات التي تتأثر بالأنظمة القمعية.
إذ أوضح أن “الفئات التي يهمشها النظام الأبوي والعرقي والاستعمار والرأسمالية، كالنساء والطفلات/ الأطفال، وذوات/ذوي الإعاقة، اللاجئات/ون والمهاجرات/ون وطالبات/ي اللجوء، ومجتمعات الميم-عين، يتضضرن/ون أكثر من غيرهن/م بالعنف المسلح في جميع أنحاء العالم”.
View this post on Instagram
نساء الجنوب العالمي أكثر مَن يتضرر من الحرب وأكثر مَن يبني السلام
في هذا اليوم، من الضروري التذكير بالنضال الطويل الذي خاضته وتخضنه النساء في بلدان الجنوب العالمي ضد العنف المسلح والحروب.
فمنذ سيطرة الاستعمار على هذه البلدان، وضعت النساء أنفسهن في المقدمة للإعلان عن رفض العنف والموت والنهب الذي ينتج عنه. كما أن مخلّفات الاستعمار الجديد لم تدع لهن مجالًا للراحة. إذ يواصلن الجهود لإنشاء سلام مستدام ضد الحروب والنزاعات الأهلية، التي فرضت على بلدانهن ونهبها وتدميرها.
تتضرر النساء بلا شك من الحروب بشكلٍ أكبر، نظرًا لتقاطع الاضطهاد الذي يعشن فيه. لكنهن أكثر مَن يناضل لأجل السلام وإنهاء الحروب والتسليح، وبناء المجتمعات وتعميرها بدلًا من تدميرها بالحروب.
يتحقق السلام بتدمير الأنظمة الاستعمارية والرأسمالية
يتعدد النهج النسوي لمحاربة الأنظمة القمعية بتعدد سياقاتها، وتقاطعات هذه الأنظمة فيها.
نطمح إلى خلق عالم يستجيب للحاجيات الإنسانية، لا للطموحات العسكرية. وهذا ما لن يتحقق في ظل قيادة الأنظمة الاستعمارية والرأسمالية.
ففي البلدان التي عرفت قرون من التدمير الاستعماري وعنف الأنظمة الديكتاتورية، تقدّمت النساء الحركات الثورية بأنواعها المختلفة. فكافحن لأجل ضمان حرية شعوبهن واستعادت حقوقهن.
فكنّ ولا زلن مشاركات وصانعات لهذه المقاومة بما فيها المقاومة المسلحة التي تعد السبيل الثوري لتحرير الأرض والإنسان من عنف الاستعمار ودماره.
فالحروب والمعارك العنفية الذي تشعلها وتقودها الأنظمة الاستعمارية والرأسمالية، لن تخمد سوى بمقاومة موازيةٍ بالقوة تدمرها. ما جعل العمل من أجل السلام عميلةً تتخللها أنواع مختلفة من المقاومة، بما فيها الكفاح المسلح الذي تكون النساء كما شعوبهن مشاركات له، كضرورة لإنهاء سيطرة هذه الأنظمة بشكل نهائي.
وعلى الرغم من ضرورة تجديد الدعوات الرافضة للعنف كحلٍ لمشكلات العالم، إلا أن الدعوات إلى السلام في عالمٍ متاجرٍ بالأرواح مقابل السلاح، لا تعدو كونها أمنيات.
فلا سلام، قبل إنهاء عمليات التسليح ووقف الحروب والمجاعات. ولا عالم عادل، في ظل تسيّد الطموحات الإنسانية على الحاجيات الإنسانية.