جرح الأمومة.. ألم متوارث مع الجينات
لم تكتفِ المنظومة الأبوية بسلب النساء إرادتهنّ، بل حصرتهنّ ضمن قوالب مانعةً إياهنّ الخروج عنها. ولربما، كان أكبر وأعقد قالب منها هو “الأمومة”.
واخدة من السمات المشتركة في تجارب الأمهات هي التضحية، على اختلاف مستوياتها وأشكالها. فالعمل الرعائي المتروك على عاتق النساء وحدهنّ يجعل تجربة الإنجاب نقطة تحوّل في حياة المرأة، من كونها “إنسانة” قبل الإنجاب، إلى “أم” بعد الإنجاب.
والأم في المجتمعات الأبوية، ليست إنسانة بالمعنى المجرّد، بل هي القديسة التي وضعت “الجنة تحت أقدامها”.
ما هو جرح الأمومة وكيف يتغذّى؟
بدأ مفهوم “جرح الأم” في التحليل النفسي للآثار التي تعاني منها الابنة تجاه أمها، كمشاعر الذنب، والتي تغذّيها الأم في الكثير من الأحيان -بوعي أو دون وعي- عبر التلاعب العاطفي، والاستجابات غير الصحية للتعامل مع الضغط الاجتماعي الذي يتوقع “المثالية” من الأمهات.
ونظرًا لشبه عالمية تجارب النساء، فقد كتبت العديد من النسويات عن جرح الأم من منظور نسوي، فابتعدن عن المفهوم التشخيصي، وركزن أكثر على ديناميات العلاقة بين الأم والابنة في ظل شبكة معقدة من مشاعر الخوف والقلق والذنب.
فأخذ المصطلح شهرة أكبر على أنه ألم موروث يتناقل عبر اللاوعي الجمعي، وهو ينتقل من الأم إلى الابنة ومن ثم الحفيدة، يدور في دوائر مغلقة تتناقلها النساء عبر الأجيال في كنف المجتمعات الذكورية.
هو الألم الذي ينمو في المرأة عند محاولتها اكتشاف وفهم قواها في مجتمع لا يفسح لها المجال لذلك، فيجبرها بدوره على تبني آليات دفاعية غير سوية متوارثة عبر أجيال النساء لمعالجة هذا الألم الذي يعكس التحديات التي تواجهها الأمهات والنساء في طريقهن إلى النمو في ظل مجتمع أنكر هويتهن الإنسانية.