نهى سالم وسمية عماش…تختلف الأماكن والغدر بالنساء واحد
كشف قتل نهى سالم وسمية عماش عن استمرار جرائم قتل النساء باختلاف الأماكن والسياقات ويظل الغدر عنوانها، دون وضع حد للعنف الذي يتربص بحيواتهن ويسلبها بكل الطرق الوحشية.
نهى سالم عندما تتحول رحلة سياحية إلى نهاية مأساوية
في ظروف وُصفت بالغامضة، قُتلت دكتورة التخدير والناشطة المصرية نهى محمود سالم (64 سنة) المنحدرة من مدينة اسكندرية، أثناء رحلة سياحية لتركيا في نهاية نيسان/ أبريل المنصرم.
وفي تفاصيل الجريمة الوحشية، فقد وجدت السلطات التركية يوم 17 أيار/مايو جثة نهى ملقاة أسفل شجرة في إحدى الغابات قرب محطة مترو كوكاتيب في منطقة بيرم باشا بإسطنبول، وهي عارية وحليقة الرأس ومشوهة المعالم، كما بدت على وجهها أثار مادة حارقة.
وكان ابن نهى “يحيى حسن” قبل ذلك بأسبوع قد أبلغ عن اختفائها وانقطاع التواصل الهاتفي بها قبل أن تجدها السلطات التركية وهي مقتولة، وفي البداية لم يتم التعرف عليها، لكن بعد عدة تحقيقها ومطابقة الحمض النووي لإبنها حددت هويتها.
بعد تسلم جثمان الدكتورة نهى من السلطات التركية، شيعت جنازتها، ودفنت في مقبرة كيليوس بتركيا، وهي مقبرة للأجانب في اسطنبول.
ظروف غامضة أو جريمة غدر أبوية؟
نقلاً عن “العربية نت”، فقد كشفت مصادر خاصة، أن الدكتورة نهى كانت على خلافات مع أفراد أسرتها في مدينة الإسكندرية، وسافرت إلى تركيا في رحلة سياحية نهاية أبريل/نيسان الماضي، كي تقابل أحد أصدقائها المصريين تعرفت عليه خلال إحدى منصات التواصل الاجتماعي.
وبعد تعارفهما نشأت بينهما علاقة حب اتفقا بعدها على الزواج في إسطنبول.
ووفق مصادر العربية، فقد تزوجت نهى من “المصري الذي قابلته في تركيا، والذي يبلغ من العمر 45 عاماً ويعمل مترجما للغة التركية، ولديه أعمال تجارية في إسطنبول. واستمر زواجهما أياماً قبل أن يقررا الانفصال، وذلك بعد أن طلب منها أموالا لإقامة مشروع تجاري في إسطنبول ورفضت، فاتفقا على الطلاق”.
كذلك اتضح أن الطبيبة كانت على علاقة سيئة بأبنائها الذين رفضوا زواجها، وأيضاً بإثنين من أشقائها.
وأشار موقع “ڤيتو”، إلى أن نهى قد تم تهديدها بالقتل عدة مرات، فيما أشار مقربون منها إلى أنها قبل وفاتها تقابلت مع شخص عُرف بتطرفه.
خطط حياة… ثم اختفاء
في هذا السياق فإن نهى من خلال آخر أخبارها كانت تخطط لحياتها بشكل معتاد، وتتواصل مع أحد أبنائها الذي طلبت منه إلى تركيا لحضور مراسم زواجها.
كما كان من المقرر أيضًا أن تعود لمدينتها الإسكندرية قبل أسبوع، وبعد أيام قليلة وتحديداً في 9 مايو/أيار الماضي الساعة الرابعة عصراً انقطع الاتصال بينها وبين ذويها، وأغلق هاتفها تمامًا.
وتقدم نجلها يحيى حسن المقيم في إحدى الدول العربية، ببلاغ للسلطات التركية حول اختفائها وتوجه فوراً إلى تركيا بحثاً عن والدته.
وحين وصوله طلبت منه السلطات التركية التوجه لأحد المستشفيات للتعرف على جثة امرأة وجدت قتيلة في إحدى الغابات، وبعد مطابقة الحمض النووي تبين أنها والدته نهى سالم.
فيما لا تزال التحقيقيات جارية لمعرفة ملابسات القضية والبحث عن القاتل.
نهى صاحبة المبادرات الاجتماعية
وعرفت نهى سالم أثناء حياتها، بأنها ناشطة إنسانية وبيئية، نسقت وأسست حملة “ما ترميش في الأرض” للحفاظ على نظافة الشوارع والشواطئ في الإسكندرية. وظهرت في عدد من النشرات الإخبارية والتقارير التلفزيوينة تتحدث عن المبادرات الاجتماعية والبيئية التي تقوم بها.
كما كانت نهى سلفية سابقة ظهرت في برامج تلفزيونية، ثم أصبحت ناشطة علمانية وناقدة للأديان، وألفت كتاب “لماذا خلعت النقاب”.
وحسب تغطية موقع “ڤيتو” فإن نهى سالم كانت من أشد المعجبات بالراحلة نوال السعداوي، التي عبرت عن حبها لها في مقطع مصور تقول فيه “أعتبر نوال السعداوي أمي الفكرية، أنا هموت كمان زي ما نوال السعداوي ماتت، منتظرة الموت كل لحظة وكل يوم… الموت حقيقة لا جدال فيها، إحنا مختلفين على ما بعد الموت…”.
سمية عماش عندما يتآمر الاحتلال الصهيوني والنظام الأبوي ضد الفلسطينيات
في ظل استمرار الإبادة الجماعية التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني ضد قطاع غزة، والتي تحصد أرواح مئات الأشخاص يوميًا بما فيهن/م عشرات النساء، يتواصل مسلسل العنف الأبوي في الداخل المحتل، حاصداً هو الآخر أرواح النساء الفلسطينيات، في تواطؤ اجرامي مع الاحتلال.
حيث شهد الداخل المحتل جريمة عنف أبوي مفجعة، قُتلت على إثرها الشابة الفلسطينية سمية عماش التي تبلغ من العمر 27 سنة حامل وأم لأربعة أطفال تقطن ببلدة جسر الزرقاء. حيث وُجدت جثتها وعليها علامات عنف داخل بئر في البلدة فجر 31 أيار/مايو بعد اختفائها قبل ذلك بيوم.
وتم اعتقال زوجها للاشتباه في ضلوعه في الجريمة.
اختفاء وقتل وعنف
وحسب شهادة أحد أقرباء المغدورة سمية لموقع “بكرا” فإن الشكوك حول اختفائها بدأت حين “اختفت ولم تقوم بزيارة أهلها بالشكل المعتاد يوميًا، فبعد مرض والدها اعتادت الوصول إلى بيت والدتها لمساعدتها”.
وفي تفاصيل الاختفاء صرحت زينب عيسى، شقيقة المغدورة سمية عيسى عماش لـ”عرب 48″ بأنه “قبل يوم من الجريمة النكراء، اجتمعنا بشقيقتي، وكان كل شيء على ما يرام، وأنا معتادة على التحدّث مع شقيقتي سميّة في كلّ يوم صباحًا”.
وأضافت “لقد حاولت الاتصال بها عدة مرات، يوم الجمعة، ولكن دون ردّ، وعندما لم تجب على مكالماتي اتصلت بابنتها الكبيرة، فأجاب زوجها وقال لي إنها في العمل، فاستغربت عندما قال لي ذلك، وبخاصة أتها تجيبني فوراً، في كلّ مرّة أتصل بها”.
وتابعت شقيقة الضحية سرْد ما جرى، لموقع “عرب48” بالقول: “بعد إجابته أن سمية في العمل توجهت والدتي إلى منزل شقيقتي ووجدت مركبتها في المنزل، وهذا مستهجَن، وبخاصة أن شقيقتي تذهب إلى العمل بمركبتها. وعندما دخلت والدتي إلى المنزل لم تجد شيئا، فيما كان زوجها برفقة والدتي داخل المنزل، وهنا بدأ الشكّ يزداد، وبدأنا بالبحث عن شقيقتي”.
وأضافت: “أرسَل زوجها رسالة إلى والدتي من هاتف شقيقتي، مفادها أن سمية قد سافرت إلى شرم الشيخ مع صديقتها، وتوجهت مباشرة إلى منزل صديقتها وكانت في المنزل، وبعد ذلك توجّهنا إلى مركز الشرطة، وقدّمنا شكوى”.
ووفق نفس المصدر، وحسب شهادة العائلة، فإنّ “الزوج المشتبه به، قام بقتل زوجته سمية داخل المنزل، ووضعها داخل كيس كبير، ومن ثم نقل جثّتها بمركبته إلى بئر في البلدة، وقام بدفنها، ليعود بعد ذلك إلى المنزل”.
تاريخ من العنف الزوجي
وقد كشفت زينب عيسى بأن شقيقتها كانت تتعرض باستمرار للعنف من زوجها، الذي كان “يعنّفها هي وأطفالها، وقد قدّمت شكوى للشرطة، والمجلس المحليّ لديه علم بهذا، ولكننا لم نتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحدّ”.
وأضافت: “ما حصل مع شقيقتي جريمة قتل مع تخطيط مسبق؛ وإرسال رسائل من هاتفها، وإخفاء الجثة، لا يحصل في الأفلام، ولا حتى في الكوابيس”، مشدّدة على أن “هذه جريمة مع سبق الإصرار”.
وتابعت: “عندما قُتلت شقيقتي داخل المنزل، كان الأطفال موجودين داخل المنزل، ولكنهم لم يشعروا بشيء لأنهم كانوا نائمين، وعندما دخلت والدتي إلى المنزل لم تكن أي مظاهر لجريمة قتل، وما حصل مخطَّط له بشكل دقيق”.
فقد تلقت الضحية تهديدات من قِبل زوجها قبل وقوع الجريمة، قال شقيقها: “لقد حصل خلاف بينها وبين زوجها قبل عدة سنوات، وهذا ما يحصل بين معظم العائلات، ومنذ ذلك الحين أواصل زيارتها بشكل دائم، وذلك حتى أكون إلى جانبها، ولمنع الخلافات بينها وبين زوجها، ولكن لم نتوقع أن يقوم بفعل من هذا النوع أبدًا، فقد كانت خلافات بسيطة”.
طموح ينتهي بالقتل
كما أكّدت العائلة أن المغدورة كانت تطمح إلى بناء منزل وفتح صالون نسائيّ، بعد حصولها على شهادة في “التجميل”.
في ذلك تقول زينب “كانت شقيقتي امرأة عصامية، وكانت تعمل وتدرس، وقد تخرجّت من كلية ’بيت بيرل’، قبل فترة وجيزة، وحصلت على شهادة في مجال التجميل”.
وقال إنها “كانت طيلة حياتها تعمل وتجتهد، وقامت بشراء قطعة أرض لأبنائها ايضَا، وقد عملت طوال الوقت باجتهاد من أجل تأمين مستقبل أطفالها، على الرغم من صِغر سنّها”.
ارتفاع نسب الجريمة في الداخل المحتل
وفي هذا السياق فإن المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل ظل يدق ناقوس الخطر أمام ارتفاع معدلات الجريمة وحيازة السلاح في توجيه مباشر من الاحتلال، وقيم النظام الأبوي.
وقد سجلت في عام 2023 حسب موقع “عرب 48” 228 جريمة قتل بينها 16 امرأة.