البلوغر العراقية “أم اللول” خلف قضبان رجال الساسة الفاسدين

أصدر القضاء العراقي الأسبوع الفائت حكمًا بالسجن المؤبد على البلوغر العراقية المعروفة باسم “أم اللول” بتهمة التجارة الدولية بالمخدرات.
وكانت هديل خالد عبد رشيد محتجزة أثناء صدور الحكم، حيث كانت تقضي محكوميتها الممتدة لـ 4 أشهر على خلفية تهمة “الفن الهابط” وهي تهمة فضفاضة تخضع لمزاجية القضاة.

“أم اللول” خلف القضبان كرمى لفساد رجالات السلطة

جاء الحكم القضائي بحق “أم اللول”، وفقًا للمادة 28 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2007، وفق القضاء العراقي.

وفي وقت سابق، صدر أمر قضائي باستدعاء “أم اللول” بتهمة المخدرات، قبل أن يصدر القرار بالسجن المؤبد، ليشكل ردّ فعل شعبيّ على مواقع التواصل الاجتماعي تراوحت بين الاستنكار والتهليل التحريضي.

أما في 23 نيسان/ أبريل الفائت، أصدر القضاء العراقي حكمًا بالحبس البسيط لمدة 4 أشهر على “أم اللول”، بتهمة المحتوى الهابط. وجاء القرار حينها، استنادًا لأحكام المادة 402 من قانون العقوبات العراقي، عن جريمة “صناعة صور وفيديوهات، تتضمن أقوال فاحشة ومُخلّة بالحياء والآداب العامة”.

وهو ما علّقت عليه الناشطة النسوية العراقية بنين الياس في حديث خاص لـ “شريكة ولكن” بأن “قانون الرأي العام هو قانون فضفاض وديكتاتوري. يرجع إلى زمن صدام حسين ويخضع لمزاجية القضاة، خصوصًا في بلد أصبحت تحكمه سلاسل متصلة بحلقات محكمة من الفساد”.

وقد صدر القرار الجديد أثناء وجود “أم اللول” في السجن وهي تقضي محكوميتها عن تهمة “المحتوى الهابط” وقبل 3 أشهر من الإفراج عنها.

وبالعودة إلى القانون العراقي، لا يعدّ هذا الحكم قانونيًا لأن التحقيق وأصدار الحكم تمّا بغضون 20 يومًا، بينما يأخذ إصدار الأحكام في تهم كهذه 7 شهور على الأقل.

ولكن، وفق بنين فإن “الأمر متّصل بمسؤولين فاسدين يستغلون النساء المفقّرات والمهمشات كـ “أم اللول” وغيرها، إما لتبييض الأموال، أو لإجبارهنّ على الانخراط بالدعارة. إضافة إلى أنهم يرأسون شبكات ابتزاز تحتّم على النساء الانصياع لمطالبهم، ثم يتخلّصون منهن كما حدث مع البلوغر المعروفة باسم “أم فهد”، والتي تمت تصفيتها منذ فترة قريبة، والشارع العراقي بأكمله على علم بأن المدعو سعد معد هو المسؤول عن تصفيتها”.

تحقيق غير مكتمل وغياب تام للأدلة

في مقطّع مصوّر يظهر محامي هديل “محمد جمعة” وهو يوضّح آلية توجيه تهمة الاتجار الدولي بالمخدرات لموكلته قال فيه “جاءت دعوى من شعبة مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية، تفيد بأنهم يمتلكون مصادر استخباراتية تفيد بتورط “أم اللول” بتجارة المخدرات”.
يقول جمعة، إنه “عند الاطلاع على الدعوى، تبين أنها مستندة إلى اعتراف متهم مدان بتجارة المخدرات، بأن “أم اللول” كانت تنقل له المخدرات من أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق إلى بغداد مقابل مبلغ مليون دينار عراقي عن كل عملية نقل للمواد المخدرة، إضافة إلى مصادر استخباراتية لا أحد يعرف طبيعتها”.

ويضيف أن “أم اللول” أنكرت التهمة بشكل مطلق، وعند فحصها تبيّن أن نتائج فحص دمها خالية من المخدرات. إضافة إلى أن بعض التواريخ التي أعطاها المتهم المدان بشأن نقل “أم اللول” للمخدرات إليه من أربيل إلى بغداد، كشفت زيف ادعائه”.

بحسب المحامي، فإن أحد التواريخ الذي أعطاه المتهم المدان، تم دحضه؛ لأن “أم اللول” كانت حينها خارج العراق في دبي، وتم التأكد من ذلك من خلال جواز سفرها، إضافة إلى تاريخ آخر أعطاه، كانت حينها “أم اللول” في أربيل وليست في بغداد.
ولكنّ ذلك لم يكن كافيًا للسلطة الأبوية التي قررت معاقبة هديل، وتقديمها إلى المجتمع العراقي وكأنها المسؤولة الأولى عن كافة مشاكله.
الأمر الذي علّقت عليه بنين إلياس قائلة “اذا كانت مشكلتهم مع “الذوق العام” فهي بلوغر لديها آلاف المتابعات/ين، وهذا ذوقهم، “أم اللول” ابنة المجتمع العراقي ولم تأت من العدم”. كما أرجعت الأمر إلى الحرية الفردية وأكّدت على مسؤولية السلطة عن اتجاه النسبة الأكبر من الشابات نحو ما تسميه السلطة “محتوى هابطًا”.
وفي تفصيل مقاربتها قالت إن “المجتمع العراقي غارق اليوم في الأمية، يتمزّق بين العشائرية وبين الفساد، كما تحوّل الواقع الاقتصادي إلى طبقتين اثنتين إما فقر معدم، أو ثراء فاحش”.
وبحسب بنين فإن “هذا الإفقار الممنهج، وغياب التعليم، مع غياب الرعاية والحماية سواء بسبب ظروف الحياة أم بسبب تقصير الحكومة يدفع هؤلاء النساء نحو تيكتوك وتقديم المحتوى الذي “يرضي الجمهور” لكسب العيش.
من جانبه، أكّد محمد جمعة أن “أم اللول” عندما تأتي إلى بغداد من أربيل، تسافر عبر الطيران وليس برًا، وهذا موثّق عند مطاري بغداد وأربيل الدوليين، متسائلا، أين كانت السلطات الأمنية في المطارين ولماذا لم تعثر على المواد المخدرة بحوزة “أم اللول”، إن كان الأمر صحيحًا فعلا؟

القانون فوق “جميع البلوغرز” ورهن إشارة أبناء المسؤولين

تعقيبًا على كلام محمد جمعة تعلّق بنين مسترسلة، فتستذكر حادثة وقعت قبل عدة أعوام عندما تم إلقاء القبض على المدعو “لؤي جواد الياسري” وهو ابن محافظ النجف حينها.
“إنهم حين ألقوا القبض على لؤي متلبّسًا بالاتجار والتعاطي بصحبة 2 من رفاقه، أصدر رئيس الحكومة عفوًا لإطلاق سراحهم”.
وأضافت، “تعاقب هديل اليوم لأنها امرأة، وفقيرة، وتلفّق لها التهم دون أدلة في بلد المحسوبيات والفساد، وإننا نخشى اليوم أن تتم تصفيتها داخل السجن كما حدث مع العابرة جوجو سابقًا، التي قتلت أثناء قضاء محكوميتها وحاولت السلطة تصوير الأمر على أنه “جلطة قلبية”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد